القضاء التركي يدخل متاهة التدخلات السياسية بسبب برلماني مسجون

أعلى محكمة استئناف في البلاد تتقدم بشكوى جنائية ضد أعضاء بالمحكمة الدستورية بسبب قرار الإفراج عن برلماني معارض متهم بمحاولة الإطاحة بالحكومة.

أنقرة - اتخذت محكمة النقض التركية وهي أعلى محكمة استئناف في البلاد، خطوة غير مسبوقة، بتقديم شكوى جنائية ضد أعضاء بالمحكمة الدستورية، بسبب خلاف حول قضية البرلماني المسجون جان أتالاي.

وأمرت المحكمة الدستورية الشهر الماضي بالإفراج عن أتالاي، وقضت بأن سجنه "ينتهك حقه في الأمن والحرية وفي أن يتم انتخابه".

وكان حزب العمال التركي أعلن ترشيح نائبة المسجون أتالاي لرئاسة البرلمان، في خطوة احتجاجية من الحزب الذي ينتمي لليسار على عدم السماح بالإفراج عن أتالاي الذي تم انتخابه من الشعب نائبا عن ولاية هاتاي في الانتخابات الأخيرة.

لكن محكمة النقض قضت في قرار غير عادي، بألا تلتفت المحاكم الأدنى درجة إلى ذلك القرار، ودعت إلى إجراء تحقيق جنائي مع أعضاء المحكمة الدستورية الذين أيدوا الإفراج عنه. وقالت محكمة النقض في حكمها الصادر الأربعاء، إن المحكمة الدستورية "انتهكت الدستور".

ويقول خبراء في القانون، إن قضاة المحكمة الدستورية "لا يمكن محاكمتهم إلا أمام المحكمة الجنائية العليا، وهي نفسها المحكمة الدستورية مما يزيد الوضع تعقيدا".

وعبّرت كل من الحكومة وأحزاب المعارضة عن القلق بعد الشكوى. وهيمنت هاشتاغات "الأزمة الدستورية" و"المحكمة الدستورية" و"محكمة النقض" على منصة إكس للتواصل الاجتماعي.

وقال حياتي يازجي نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان "إننا نشهد أمرا ما كان ينبغي أن يحدث أبدا. عار. هذا عار. على السلطات التي تشكل الدولة أن تحل المشاكل لا أن تصنعها".

وهو النائب الوحيد الذي لم يؤدي القسم الدستوري وحكم عليه بالسجن 18 عاما في أبريل 2022 بعد إدانته بمحاولة الإطاحة بالحكومة بتهمة "المساعدة في محاولة قلب نظام الحكم" بموجب المادة 312 من قانون العقوبات التركي خلال محاكمة احتجاجات حديقة جيزي مع رجل الأعمال عثمان كافالا و6 آخرون.

ونفى جميع المتهمين التهم المتعلقة بالاحتجاجات، التي قالوا إنها "تطورت بشكل عفوي"، والتي مثلت أكبر تحد شعبي لأردوغان خلال فترة وجوده في السلطة المستمرة منذ عقدين.

ودعا زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، أوزجور أوزيل، إلى اجتماع عاجل لحزبه ردا على شكوى المحكمة، ووصفها بأنها "محاولة للإطاحة بالنظام الدستوري".

وتحدد المادة 83 من الدستور الحصانة التشريعية للبرلمانيين، ويتم تعريف الحصانة البرلمانية في الدستور "يجب تأجيل تنفيذ حكم جنائي ضد عضو في البرلمان، إما قبل أو بعد انتخابه، حتى نهاية عضويته ولا يجوز تطبيق قانون التقادم خلال فترة عضويته".

وقال أحد محامي أتالاي إن إطلاق سراح النائب المنتخب ليس أمرًا خلافيًا قانونيًا ولكنه التزام قانوني، حيث تنص المادة 83 من الدستور بما لا يدع مجالاً للشك على أنه لا يمكن إبقاء عضو في البرلمان في السجن دون قرار البرلمان.

وانتقد التقرير السنوي للمفوضية الأوروبية حول مسعى تركيا للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي الصادر الأربعاء، "التراجع الخطير" لأنقرة فيما يتعلق بالمعايير الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان واستقلال القضاء.

ويهدف تقرير المفوضية إلى إظهار أحدث ما أحرزته تركيا باتجاه تحقيق معايير عضوية الاتحاد الأوروبي، وقد يُلقي بظلاله على العلاقات المتوترة بالفعل بسبب الهجرة، ومؤخرًا بسبب الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" في غزة.

وتتعثّر مساعي تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ سنوات بعد إطلاق محادثات العضوية في عام 2005.

واعتبر وزارة الخارجية التركية التقرير بأنه "متحيز ومتحامل"، وقالت في بيان "نرفض بشكل قاطع الادعاءات التي لا أساس لها والانتقادات المتحيزة، خاصة فيما يتعلّق بالمعايير السياسية والفصل الخاص بالقضاء والحقوق الأساسية".

وأشارت المفوضية أيضًا إلى أن تركيا لم تلتزم بمبادئ سيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية في حربها ضد الإرهاب.

واعتبرت الوزارة التركية إن هذه الانتقادات غير عادلة وتعكس "عدم صدق النهج، وازدواجية المعايير الواضحة في الاتحاد الأوروبي" مضيفة أن قضايا الحقوق الأساسية محلّ خلاف حتى بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.