الكتيبة الفرنسية في "اليونيفيل" تتجهّز للأسوأ

وزير الجيوش الفرنسي يتوقع أن تصبح مهمة كتيبة بلاده في القوة الأممية "خطيرة جداً" خلال الأيام المقبلة.

بيروت - يجد جنود فرنسيون عاملون في إطار قوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) في جنوب لبنان أنفسهم في مرمى النيران على وقع التصعيد عبر الحدود بين حزب الله وإسرائيل منذ بدء الحرب في غزة، فيما تضغط باريس على لبنان بهدف إنشاء منطقة عازلة في المنطقة وهو ما تصرّ عليه الدولة العبرية، مهدّدة بالعمل العسكري في حال فشلت المساعي الدبلوماسية الرامية إلى إبعاد الجماعة اللبنانية عن الجبهة الشمالية.

وعلى بعد نحو عشرة كيلومترات من الحدود مع إسرائيل، يقول النقيب الفرنسي بول بينما يقف أمام آلية عسكرية عليها شعار الأمم المتحدة في مقر الكتيبة الفرنسية في بلدة دير كيفا الجنوبية "نجد أنفسنا في قلب النيران"، مضيفا "انتقلنا من منطقة هادئة نسبيا إلى منطقة متقلبة حيث يتوقّف كل شيء إلى حد كبير على أدنى تصريح سياسي".

وتشهد الحدود الإسرائيلية اللبنانية تصاعدا في وتيرة القصف بين حزب الله بشكل رئيسي والجيش الإسرائيلي، منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، ما يثير مخاوف من توسع رقعة النزاع.

ويقول حزب الله الذي ليس له أي وجود عسكري مرئي في المنطقة الحدودية اللبنانية إنه يستهدف بشكل رئيسي في عملياته اليومية أهدافا عسكرية إسرائيلية قرب الحدود، واضعاً ذلك في إطار دعم قطاع غزة و'إسناداً لمقاومته'، بينما اقتصر رده على عمليات محدودة أقرب ما تكون إلى رفع العتب.

ومنذ ذاك الحين، زادت القوات الفرنسية عدد دورياتها من أربع إلى سبع يوميا، وفق ما يشرح النقيب المسؤول عن العمليات في قاعدة دير كيفا. ويضيف بينما يمكن سماع أزيز طائرة استطلاع تحلّق في الأجواء "الوضع متوتر، ثمة قذائف تتساقط كل يوم ويمكن سماع دويها، نحن في أجواء حرب"، موضحا أن "ما كان يحدث سابقاً، خلال ثلاث أو أربع سنوات، يجري حالياً في غضون أسبوع".

وتعدّ القوات الفرنسية الموجودة في جنوب لبنان من بين أبرز القوى المشاركة في اليونيفيل، مع نشرها 700 جندي من بين نحو عشرة آلاف يشكلون عديد القوة الدولية.

وتأسست اليونيفيل بموجب قرار عن مجلس الأمن في مارس/آذار 1978 للتأكيد على انسحاب إسرائيل من لبنان ومساعدة الحكومة اللبنانية على استعادة سلطتها في المنطقة.

وعزّز القرار 1701 الذي أنهى حرباً مدمرة خاضها حزب الله وإسرائيل عام 2006 من وجود القوة الدولية وكلّفها مراقبة وقف النار بين الجانبين. وانتشر الجيش اللبناني بموجب القرار للمرة الأولى منذ عقود عند الحدود مع إسرائيل بهدف منع أي وجود عسكري "غير شرعي".

وحتى الآن، اقتصر تبادل القصف إلى حدّ كبير على المناطق الحدودية، رغم أن إسرائيل شنّت ضربات محدودة في عمق الأراضي اللبنانية.

ونبّه وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو الاثنين في كلمة ألقاها أمام الجنود الفرنسيين في قاعدة دير كيفا، قبل أن يشاركهم مائدة الطعام احتفالاً بحلول العام الجديد، إلى أن مهمة الكتيبة الفرنسية "يمكن أن تصبح خطيرة جداً" وتابع "سيكون دربنا مزروعا بالشكوك في الأسابيع والأيام المقبلة".

ومنذ بدء التصعيد عند الحدود، قتل أكثر من 160 شخصاً في لبنان، نعى حزب الله 120 منهم على الأقل. وأحصى الجيش الإسرائيلي من جهته مقتل 13 شخصاً بينهم تسعة عسكريين.

"سيكون دربنا مزروعا بالشكوك في الأسابيع والأيام المقبلة".

وتريد فرنسا تجنّب أي تصعيد عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية وهو ما يفسّر زيارة وزيرة الخارجية كاترين كولونا ولوكورنو لبنان لمرات عدّة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

ولم تبق قوات اليونيفيل بمنأى عن التصعيد، مع تعرض مقراتها لنيران وسقوط قذائف. كما طال اعتداءان على الأقل دوريات تابعة لها خلال الأسبوع الماضي، في منطقة عملياتها قرب الحدود.

وطالبت القوة الدولية الخميس السلطات اللبنانية بالتحقيق في اعتداء قالت إن شبان بلدة الطيبة نفّذوه ضد دورية تابعة لها، ما أسفر عن إصابة أحد عناصرها من الكتيبة الإندونيسية.

واعترضت مجموعة من الشبان في بلدة كفركلا الحدودية الخميس دورية فرنسية أثناء مرورها في البلدة وأجبرتها على التراجع بعد ضرب آليتهم بعصا حديدية، من دون تسجيل إصابات، وفق الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.

وبحث لوكورنو وقائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون الاثنين مهمة قوة يونيفيل و"كيف يمكن الاستمرار في ممارسة المهمة في ضوء أوضاع متدهورة وكيف نحمي جنود الجيش اللبناني وعناصر يونيفيل في مهامهم".

ويأتي الحراك الفرنسي في وقت تضغط إسرائيل لإبعاد حزب الله إلى شمال نهر الليطاني على بعد حوال ثلاثين كيلومتراً من حدودها الشمالية.

وتعليقاً على الضغوط، أكّد نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الأحد إن إسرائيل "ليست في موقع أن تفرض خياراتها" في ما يتعلق بإبعاد الجماعة عن جنوب لبنان.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أبدى الشهر الماضي استعداد بلاده لتطبيق القرار الدولي 1701 الذي ينص على انتشار الجيش اللبناني فقط على طول الحدود مع إسرائيل، بشرط انسحاب الأخيرة من أراض حدودية محتلة يطالب بها لبنان.

وميدانيا أعلن حزب الله اليوم الثلاثاء استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في ثكنة زرعيت قبالة بلدة مروحين جنوب لبنان، محققا إصابات مباشرة، في حين استهدفت إسرائيل عدة بلدات حدودية.
وقال الحزب في بيان إن عناصره شنوا "هجوما جويا على مقر ‏القيادة 91 المستحدث للعدو الإسرائيلي في مستوطنة إيليت بمسيّرة انقضاضية وأصابت ‏هدفها بدقة".‏
بدورها أفادت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية عن قيام الجيش الإسرائيلي بعملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة لمحيط موقع العباد وأطراف بلدة حولا من الجهة الشرقية القريبة من الموقع.
ولفتت إلى أن المدفعية الإسرائيلية استهدفت بساتين الزيتون في منطقة الوزاني بعدد من القذائف وأطراف بلدة طير حرفا ومنطقة تلال سدانة بين بلدتي شبعا وكفرشوبا.
وذكرت الوكالة أن أحراج بلدة اللبّونة ووادي حامول في أطراف بلدات الناقورة وعلما الشعب والمنطقة الواقعة بين بلدتي الضهيرة والجبين تعرضت لقصف مدفعي متقطع، مع تحليق للطيران الاستطلاعي في الأجواء".
وأشارت في وقت لاحق إلى أن الطائرات الحربية الإسرائيلية شنّت "عدوانًا جويا حيث استهدفت بغارتين متتاليتين المنطقة الواقعة بين مدينة بنت جبيل وبلدة مارون الراس، ملقية 4 صواريخ جو - أرض على المنطقة المستهدفة".