منافس لتبون ينتقد تقديم موعد الانتخابات الرئاسية بلا مبرر دستوري

التقارب واستعادة العلاقات مع المغرب أولوية لمنافس تبون المرتقب المعجب بحكامة الرباط واختيارها عدم الانسياق وراء التحريض.

الجزائر - استنكر السياسي الجزائري عمر آيت مختار الذي ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، قرار الرئيس عبد المجيد تبون بخصوص تقديم موعد الانتخابات الرئاسية، معتبرا إياه “غير مبرر بأي شكل من الأشكال، لأن الرئيس الحالي لم يستشر أحد، ولا نفهم ما سبب الانتخابات المبكرة دون احترام الجدول الدستوري”.

وأثار إعلان الرئاسة الجزائرية عن قرار إجراء انتخابات رئاسية قبل موعدها المقرر بثلاثة أشهر، تساؤلات وانتقادات من قبل أحزاب المعارضة السياسية في البلاد، نظرا لغياب شرح وتوضيح لدوافع هذا القرار.

وأشار آيت مختار في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إلى أن هذا القرار الذي صدر بشكل مباغث من الرئاسة الجزائرية، “كان يجب تبريره، لأنه من المفروض أن يحدث فقط في حالة استقالة رئيس الدولة أو التهديد الخارجي للبلاد، وهما أمران لم يحدثا”. وسجل في حديثه للجريدة أن “الشعب الجزائري يريد أن يعرف سبب تقديم موعد الانتخابات، وله الحق في ذلك.. وتجاهله ازدراء”.

عمر آيت مختار: الجزائريين يريدون التغيير يريدون أن يعيشوا في سلام، الحلم بإعادة إحياء المغرب الكبير وخاصة إعادة العلاقات المغربية الجزائرية لنصابها ضروري لي

واعتبر أن تقديم الموعد في هذه الظرفية أكد أن النظام بالبلاد غير مستقر، ويحاول اللجوء لهذه الحيلة لتشتيت الانتباه والضغط من أجل ضمان ولاية جديدة لتبون، والتي يمكن أن تكون خطيرة على الجزائر، إذ لم يعد لهذه الدولة صديق و”هذا أمر لا يطاق ويجب أن ينتهي”.

وأبرز آيت مختار، وهو من مواليد يوليوز 1962، ومقيم بفرنسا حاليا، أن تبون سبق وأعلن أنه يريد جزائر جديدة “لكنه للأسف أسس العسكر الجديد.. إنه يدير البلاد مع الولاة والنواب العامين، وأصبح من غير المسموح الآن بالتفكير في الجزائر”.

وبخصوص ممارسة حكام الجزائر ضعوطا عليه، قال إن ذلك “لم يبدأ بعد لكن كل شيء وارد، أنا المرشح الوحيد المعلن حتى الآن، وما يحاولون فعله هو ترهيب الشعب وحرمانه من مناقشة مستقبل وطنه”.

وعانت أحزاب المعارضة في الجزائر خلال الأربعة أعوام الماضية من تهميش سياسي، نتيجة لذلك تم تشكيل تحالف حزبي في يناير/كانون الثاني الماضي من 7 أحزاب صغيرة، "في محاولة لخلق ميزان قوة جديد في مواجهة السلطة القائمة من أجل تحقيق الانفتاح واتخاذ جملة من الإجراءات لتحسين المناخ السياسي".

وفي تقرير نُشر في فبراير الماضي، قالت منظمة العفو الدولية إن السلطات الجزائرية واصلت "قمع الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي" من خلال "استهداف الأصوات المعارضة"، بعد 5 سنوات من الحراك المطالب بالديموقراطية.

ومع حالة الغموض بشأن تغيير موعد الانتخابات، قالت رئاسة الجمهورية الجزائرية في بيان صدر الخميس الماضي، إثر اجتماع ترأسه تبون وحضره رئيس الوزراء ورئيسا غرفتي البرلمان ورئيس أركان الجيش ورئيس المحكمة الدستورية "قرر رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المجيد تبون، إجراء انتخابات رئاسية مسبقة يوم 7 سبتمبر/أيلول 2024". وأضافت أنه "سيتم استدعاء الهيئة الناخبة يوم 8 يونيو/حزيران 2024".

وانتقد سياسيون وقادة أحزاب جزائرية قرار تنظيم الانتخابات قبل موعدها بثلاثة أشهر، إذ عبّر حزب التحالف الوطني الجمهوري المعارض عن استيائه من غياب شرح وتوضيح لدوافع هذا القرار، مشيرا في بيان عبر فيسبوك إلى أهمية مرافقته بأقصى درجات الشفافية للتوضيح أمام الرأي العام الوطني.

ولم يصدر عن الرئاسة الجزائرية أو مصالح الوزير الأول "الحكومة الجزائرية" أي بيانات توضيحية بشأن إجراء الانتخابات في شكل مبكر. غير إن وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية نشرت الجمعة تقريرا تحت عنوان "الانتخابات الرئاسية المسبقة: أسباب ودوافع الإعلان"، تشرح من خلاله الدوافع، والتي قالت إنها استخلصتها في قراءة الإعلان.

وقالت الوكالة إن "القرار فاجأ الكثيرين، إذ أثار رئيس الجمهورية ضمن حرصه على الشفافية، ارتباك خصومه ونوعا ما حلفاءه بهذا الإعلان الذي يبدو حادا في الشكل، ولكنه متماسك في المضمون، فمن يتحكم في التوقيت يتحكم في الوضع".

ويرى محللون أن المناخ السياسي في البلاد أصيب بالجمود بعد الحراك السياسي في عام 2019، ويهدف قرار تأجيل الانتخابات لعدم منح الفرصة للأحزاب الأخرى بحشد المعارضين أو من يقتنعون بأفكارها من أجل التصويت في الانتخابات الرئاسية.

وأكد آيت مختار أن “الحلم” بإعادة إحياء المغرب الكبير وخاصة إعادة العلاقات المغربية الجزائرية لنصابها، “ضروري بالنسبة لي، قلت ذلك سابقا، وأكرره الآن”.

وعن برنامجه الانتخابي، لفت إلى أنه سيعلن عنه في وقت لاحق، لكنه أبرز أنه “لا يمكن تحقيق أي شيء دون إعادة إحياء السياسة، من الضروري بشكل عاجل تحقيق تهدئة عامة والاستثمار في السلام… وإلا فإن هذا البلد الكبير سيبارح مكانه ولن يتقدم”. وأورد أن “الجزائريين يريدون التغيير، يريدون أن يعيشوا في سلام، لكن الشعب أصبح متعبا من المكائد والتلاعب… نحن نتقدم للخلف”.

وأكد أن أول أمر سيقوم به في حالة فوزه في الانتخابات المرتقب تنظيمها هو الاتصال بالعاهل المغربي الملك محمد السادس. وأوضح آيت مختار أنه “في حالة الفوز، أول شيء سأقوم به هو الاتصال بجلالة الملك محمد السادس لدعوته إلى الجزائر، أو سأحرص على التنقل للرباط للقائه”.

وعبر عمر آيت مختار، عن رفضه للتوترات الأخيرة بين المغرب والجزائر الناتجة عن أزمة نزع ملكية عقارات بالرباط، معتبرا ذلك أمرا مؤسفا، ومعربا عن أمله في عودة العلاقات المغربية الجزائرية، خاصة الاقتصادية منها و”التي تحتاج وجود شجاعة سياسية.. حان وقت التقارب، ولا شك أنه سيصب في مصلحة كلتا البلدين”.

وعن افتتاح تمثيلية ريفية مزعومة بالجزائر، والتي احتفت بها وسائل إعلام جزائرية، قال إن هذه الخطوة “تؤكد أن من يحكم الجزائر مجنونون وخاطئون في لعب هذه اللعبة”، معربا عن إعجابه بحكامة الرباط واختيارها عدم التعليق على هذا “التحريض”.