المعارضة الفرنسية تحرّك ملف إلغاء امتيازات المهاجرين الجزائريين

نواب من كتلة حزب "النهضة" الرئاسي لا يعارضون توجيه إشارة إلى الجزائر من خلال مراجعة التسهيلات الممنوحة لرعاياها بينها شروط التنقل والإقامة والعمل في فرنسا.

باريس - تسعى المعارضة اليمينية الفرنسية للضغط على الحكومة بشأن موضوع الهجرة، حيث ستطالب الخميس في الجمعية الوطنية بإلغاء الاتفاق الفرنسي الجزائري المبرم عام 1968 الذي يمنح عديد الامتيازات للمهاجرين الجزائريين، في خطوة تنذر بتأجيج التوتر بين الجزائر وباريس.

وأدرج المقترحان على رأس قائمة جدول الجمعية الوطنية ليوم الخميس المخصص لكتلة "الجمهوريين" (يمين) التي تعد حوالي ستين نائبا من أصل 577. وحتى لو أنه من المرجح رفض المقترحين، فإن اليمين يسعى من خلالهما إلى تجسيد "الحزم" الحقيقي في مسائل الهجرة في نظر الرأي العام، على ما أفيد داخل التكتل.

وأثار الجمهوريون بطرحهم مسودة قرار تدعو إلى "إلغاء السلطات الفرنسية الاتفاق الفرنسي الجزائري العائد إلى 27 ديسمبر/كانون الأول 1968"، بلبلة داخل الغالبية الرئاسية.

ولن يكون مثل هذا النص في حال إقراره ملزما، إلا أنّ نوابا من كتلة حزب "النهضة" الرئاسي لم يكونوا معارضين لتوجيه "إشارة" إلى الجزائر من خلال مراجعة الوضع المؤاتي الممنوح لرعاياها على صعيد شروط التنقل والإقامة والعمل في فرنسا.

وبعد نقاش داخلي، أوضحت نائبة رئيس الحزب ماري لوبيك أن المجموعة "انضمت في نهاية المطاف إلى موقف الغالبية القاضي بالتصويت ضدّه" حتى لو "كنا جميعنا موافقين على أن الاتفاق لم يعد يعمل".

وفي المقابل، يعتزم نواب حزب "آفاق" الذي أسسه رئيس الوزراء السابق إدوار فيليب التمايز عن موقف حلفائهم في حزب الرئيس إيمانويل ماكرون بالتصويت من أجل الاقتراح وأوضح زعيم الكتلة لوران ماركانجيلي أن هذا الموقف اعتمد "بتوافق تام مع كلام إدوار فيليب" الذي دعا بنفسه في حزيران/يونيو إلى هذه المراجعة.

ويقضي الاتفاق الموقع عام 1968 في وقت كان الاقتصاد الفرنسي بحاجة إلى يد عاملة بمنح الجزائريين امتيازات ولا سيما استثنائهم من القوانين المتصلة بالهجرة. فبإمكانهم البقاء في فرنسا بموجب "تصريح إقامة" وليس "بطاقة إقامة".

كما بإمكانهم الإقامة بحرية لمزاولة نشاط تجاري أو مهنة مستقلة والحصول على سند إقامة لعشر سنوات بسرعة أكبر من رعايا دول أخرى.

ويرى نواب "الجمهوريين" أن ذلك يوازي "حقا تلقائيا في الهجرة" في وقت يهدف مشروع قانون حكومي من المتوقع مواصلة مناقشته في الجمعية الوطنية في 11 ديسمبر/كانون الأول إلى "ضبط الهجرة" بصورة أفضل.

ولم تغادر العلاقات بين فرنسا والجزائر مربع التوتر، بينما تأجلت الزيارة المبرمجة للرئيس عبدالمجيد تبون منذ مايو/ايار الماضي عديد المرات دون أن تتمّ، ما أدى إلى تعدد التأويلات التي ذهب بعضها إلى التشكيك في إجرائها. 

وأقرّ تبون في تصريح إعلامي سابق بأن علاقة بلاده مع فرنسا "متذبذبة"، فيما أشارت تقارير إعلامية فرنسية إلى أن الزيارة أُجلت بطلب من الجزائر خشية من مظاهرات مناهضة للنظام الجزائري على خلفية حملة القمع التي طالت العديد من النشطاء والمعارضين.

وترى لوبيك أن إصدار قرار برلماني "لا معنى له، إنه إساءة موجهة إلى الجزائر في وقت تحسنت علاقاتنا في الأشهر الأخيرة".

ويعبر زميلها ماتيو لوفيفر عن الرأي نفسه ولو أنه يعتبر الاتفاق "تخطاه الزمن تماما"، فيؤكد أن "كل ما سيفعله القرار هو أنه سيغضب أصدقائنا الجزائريين ونحن في البرلمان لا نزاول العمل الدبلوماسي بدل رئيس الجمهورية".

وفي مواجهة "الفخ" الذي نصبه اليمين بحسب تعبير مصدر حكومي، قال مصدر في حزب النهضة أنه سيتسنى للسلطة التنفيذية الخميس "عرض موقفها" بشأن هذه المسألة، متوقعا الخوض في "إعادة تفاوض".

ومع المقترح الثاني سيؤكد الجمهوريون مرة جديدة على أن سن قوانين حول الهجرة لن يأتي بنتائج دون إصلاحات دستورية وصفها النائب باتريك هرتزل بأنها "الأساس".

وهم يطالبون بتوسيع نطاق الاستفتاء ليشمل أي مشروع قانون أو مشروع قانون أساسيّ، بما في ذلك مسائل الهجرة. كما تنص المسودة التي تم رفضها لدى درسها في لجنة، على فرض معيار "الاندماج" من أجل حصول المهاجرين على الجنسية الفرنسية ووقف العمل بحق المواطنة بالولادة في مايوت، إحدى المقاطعات الفرنسية ما وراء البحار الواقعة في المحيط الهندي وفرض حصص هجرة يحددها البرلمان.

والهدف الأساسي لمشروع القانون هو السماح بأن تكون قوانين أساسية يتم إقرارها في الجمعية الوطنية أو مجلس الشيوخ أو بموجب استفتاء، مخالفة للاتفاقات الثنائية أوالقانون الأوروبي.

وندد المعسكر الرئاسي المعارض لمثل هذه التدابير بـ"فريكسيت في مجال الهجرة"، بحسب كلمة مستوحاة من بريكست وتعني خروجا فرنسيا عن الإجماع الأوروبي.

والمسعى الأساسي الخميس بحسب أحد مسؤولي الجمهوريين، هو "إبداء موقف واضح وحازم بشأن الهجرة، في مواجهة ادّعاءات الغالبية الكاذبة".