المغرب يؤسس لتنافسية في الإنتاج التلفزي بالقطع مع المسلسلات المدبلجة

وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي يعلن عن منع بث برنامج الكاميرا الخفية في موسم رمضان القادم في قرار قد يثير سجالات بين الفاعلين في القطاع وبين الجمهور أيضا.

الرباط - يُشير توجه وزارة الثقافة المغربية إلى منع بث المسلسلات الأجنبية المدبلجة بالقنوات التلفزية العمومية إلى انتقال الوزارة إلى مرحلة جديدة تستهدف تعزيز التنافس على الإنتاج المحلي ضمن سياسة عامة تروم إعطاء الأولوية لكل ما هو محلي على طريق تعزيز علامة "صنع في المغرب" التي لم تعد تقتصر على قطاع دون غيره في سياق تحولات ضخمة تشهدها المملكة.

ويفتح هذا القرار الباب للمنتجين والفاعلين في قطاع الثقافة للتركيز على الإنتاج المحلي السينمائي والتلفزي حصرا، بينما يبقى القرار المثير للجدل هو إعلان وزير الثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد الأربعاء في رده على أسئلة المستشارين البرلمانيين في نقاش عام لمشروع ميزانية وزارة الثقافة، أن الكاميرا الخفية سيتم إيقافها اعتبارا من شهر رمضان القادم بسبب ما تعرضت له من انتقادات حادة من قبل الجمهور وهو ما سيثير حتما سجالات وانقسامات حول هذا القرار.

وكان مسؤول بوزارة الثقافة والتواصل قد كشف قبلها عن توجه لدعم الإنتاج الوطني ومنحه الأولوية من خلال سياسة مشتركة بين الوزارة والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، سيتم بموجبها الاستغناء عن بث المسلسلات المدبلجة على القناة الأولى وتعويضها بالإنتاجات الوطنية.

وفي رده الأربعاء على أسئلة المستشارين في لجنة الشؤون الاجتماعية والتعليم والثقافة والاتصال، قال بنسعيد إن الوزارة تتجه نحو منع بث المسلسلات الأجنبية المدبلجة بالقنوات التلفزية العمومية بحيث لم تعد القناة الأولى تبث هذه المسلسلات.

وأضاف أنه تم تقليص نسبة بث المسلسلات الأجنبية المدبلجة على مستوى القناة الثانية "دوزيم" إلى 6 في المئة، وذلك بهدف تشجيع وتطوير السينما الوطنية.

وتابع أنه تم الاتفاق على تعزيز الحضور القوي للبرامج الوثائقية للانفتاح على التراث الوطني، إلى جانب الانفتاح على اللغات الأجنبية.

وبقدر ما يعتبر القرار دعما للإنتاج المحلي وللتنافسية بقدر ما يطرح تساؤلات حول قدرة المنتجين المحليين على تقديم إنتاج بالكيفية والجودة المطلوبة التي تلبي شغف الجمهور المغربي خاصة في شهر رمضان وما إذا كان الإنتاج المحلي سيكون متوفرا على مدار المواسم الثقافية ويملأ الشغور الذي سيخلفه الاستغناء عن بث المسلسلات الأجنبية المدبلجة.

وتفاعل نشطاء مغاربة على منصات التواصل الاجتماعي مع قرار وزير الثقافة المغربي محمد مهدي بنسعيد الذي ينص على منع بث المسلسلات المدبلجة وكذلك تغييب برنامج الكاميرا الخفية من القنوات المغربية العمومية خلال شهر رمضان القادم على خلفية ما أثارته العام الماضي من جدل وانتقادات.

ويأتي القرار استجابة وانسجاما مع حالة الرفض التي ظل يعبر عنها المشاهد المغربي اتجاه ما يسمى بالكاميرا الخفية والمسلسلات المدبلجة.

واعتبر النشطاء أن بنسعيد يُحدث ثورة في التلفزيون المغربي، لاسيما بإلغائه برنامج الكاميرا الخفية، حيث كتب الإعلامي والفاعل الجمعوي مصطفى رمزي في تدوينة على صفحته على فيسبوك "وزير الشباب والثقافة والتواصل يُحدث ثورة في التلفزيون المغربي.. وذلك بعد منع المسلسلات المدبلجة الأجنبية والكاميرا الخفية في القنوات الوطنية.. سير عاللّــــه..".

وأشار المعلق محمد سيمو وهيب على صفحته بفيسبوك إلى أن بنسعيد ينهي الكاميرا الخفية في رمضان ويعيد الحوارات السياسية للتلفزة المغربية".

وأضاف أن بنسعيد جاء على ذكر نسب المشاهدة، قائلا إن تسجل نسب مشاهدة كبيرة بلغ في رمضان الماضي 17 مليون مشاهد، موضحا أن هذا الرقم لا يعني أن الكل يعجبه ما تقدمه القنوات، لأن الأذواق تختلف.

وبارك حساب يدعى "المغرب أولا" على منصة إكس قرار إيقاف الكاميرا الخفية، حيث قال في تغريدة "هرمنا من أجل هاته اللحظة".

أما المغرد بدر مفتاحي فقد أثنى على القرار، مشددا في تغريدة على أهميته، معربا عن شكره لوزير الثقافة والتواصل وللوزارة.

وفي مقابل الثناء على قرار الوزير المغربي، تلقى آخرون الإعلان باستهجان مشككين في الإنتاجات المحلية الجديدة، حيث كتبت المغردة "Sandra 3ida" "عنداك إديرو مسلسلات مغربية بنكهة تركية مابقاوش المسلسلات زمان طابع مغربي خالص ولاو إديرو مسلسلات ما كتشبهناش (ما يتم إنتاجه اليوم من مسلسلات مغربية ممزوج بالنكهة التركية.. غبت مسلسلات زمان ذات الطابع المغربي الخالص.. وحتى وإن أنتجوا مسلسلات فإنها لن تشبهنا)".

ولفت الإعلامي الرياضي مهدي دعلوس (Mehdi Daalous) عبر صفحته بفيسبوك إلى الأضرار التي ستلحق قطاع كامل قائم على أستوديوهات الدبلجة بكل العاملين فيه بسبب مثل هذا القرار.

وفسر في تدوينة "حسب ما يروج من أخبار، فقد قررت وزارة الثقافة القطع مع المسلسلات المدبلجة بهدف تشجيع المنتوج المحلي، والتوجه صار واضح مع تحفيز الإنتاجات المغربية، بمعنى أننا ولينا كنشوفو مسلسلات تنتج حتى خارج رمضان (صرنا نشاهد مسلسلات يتم إنتاجها خارج رمضان)، وهادي حاجة مزيانة (وهذا أمر جيد) لتطوير الصناعة السمعية البصرية في المغرب، ولكن.. واش وزارة الثقافة فكرت في الناس لي تتمعش من سوق الدبلجة في المغرب؟؟ (هل فكرت وزارة الثقافة في المستنفعين من سوق الدبلجة في المغرب؟).. وحديثي هنا عن مؤديي الأصوات ومهندسي الصوت و و و...لأنهم ناس فاتحين بيوت".

وتعيد قرارات محمد مهدي بنسعيد نقاشا قديما، إذ سبق أن هاجم بعض الوزراء في العام 2014 بث المسلسلات المكسيكية والتركية المُدبلجة باللهجة المغربية، بسبب تأثيراتها السيئة على فئات عريضة من الجمهور المغربي، خاصة الشباب.

ويأتي القرار الحكومي الجديد لتعزيز الهوية الوطنية في إطار تصور جديد للإعلام العمومي، لاسيما أن الإنتاجات الدرامية التركية المدبلجة على وجه الخصوص لا تزال تحظى باهتمام المشاهدين المغاربة، وتستقطب نسب مشاهدة عالية خلال عرضها عبر القنوات الوطنية ما يشكل منافسة شرسة مع الإنتاجات الدرامية المغربية.