الموت يطفئ شعلة الممثل اللبناني فادي ابراهيم

النجم 'المحبوب جدا ومتعدد المواهب' يغادر الحياة بسبب مضاعفات السكري بعد مسيرة فنية استمرت أكثر من أربعة عقود طبعت أدواره خلالها ذاكرة المشاهدين في لبنان والعالم العربي.

بيروت - غيب الموت الاثنين الممثل اللبناني فادي ابراهيم عن 67 عاماً، بعد صراع مع المرض، تاركاً وراءه مسيرة فنية استمرت أكثر من أربعة عقود طبعت أدواره خلالها ذاكرة المشاهدين في لبنان والعالم العربي.

وأفاد نقيب ممثلي المسرح والسينما والاذاعة والتلفزيون في لبنان نعمة بدوي بأن "ابراهيم توفي عند الثانية والنصف من فجر اليوم (الاثنين) في يوم عيد ميلاده بعد تعرضه لنزف في الدماغ أدخله في غيبوبة حتى أسلم روحه محاطاً بزوجته وشقيقاته في مستشفى قلب يسوع" في بعبدا شرق بيروت.

كما أكد عدد من زملائه الفنانين على شبكات التواصل الاجتماعي نبأ وفاته بعدما كانت وسائل إعلام في اليومين المنصرمين أوردت أنباء عن تدهور حالته الصحية وإدخاله العناية المركزة نتيجة معاناته من مضاعفات داء السكري.

وشغلت صحة ابراهيم في الأسابيع الأخيرة الأوساط الفنية وشبكات التواصل الاجتماعي بعد بتر ساقه نتيجة لمضاعفات إصابته بداء السكري، ونشأت موجة تعاطف شعبية وفنية واسعة معه، تجلّت في إقبال كبير على المساهمة في حملة لجمع التبرعات أطلقتها نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون في لبنان لإكمال علاجه المكلف.

ووصف بدوي الممثل الراحل بأنه "محبوب جداً ونجم متعدد المواهب، يعرف أن يتلوّن ويلوّن أدواره وأثبت حضوره لبنانياً وعربياً"، معتبراً أن ابراهيم "سيبقى خالداً في أعماله وفي قلوبنا وفي وجدان الجمهور".

كذلك، استعادت الكاتبة والممثلة كلوديا مارشيليان محطات مشوارها "الطويل" مع ابراهيم، إذ تشاركا في تمثيل مسلسلات كثيرة خصوصاً في التسعينات، قبل أن يطلّ على الشاشة بأدوار في مسلسلات من كتابتها بينها "جذور" و"ثورة الفلاحين".

كان يتمتع بكل صفات النجومية كالجمال والكاريزما

ولاحظت مارشيليان في تصريحات أن ابراهيم "أعاد الى الشاشة اللبنانية نجومية الممثل الشاب التي تميز بها قبله عبد المجيد مجذوب"، بطل عدد من المسلسلات التي طبعت سبعينيات القرن العشرين ومنها "ألو حياتي".

ورأت أنه "كان يتمتع بكل صفات النجومية كالجمال والكاريزما.. وبموهبة كبيرة وابتسامة وطيبة قلب، وكان بطلنا نحن الممثلات اللواتي دخلنا المجال في تلك الأيام".

نجومية راسخة

ابراهيم، المولود عام 1956 لأب لبناني وأم أسترالية المولد، والملقب بـ"دون جوان الشاشة الفضية"، لم يكن يعتزم خوض مجال الفن في بداية شبابه، إذ تقدّم للدخول إلى المدرسة الحربية في لبنان ليصبح ضابط طيران، لكنّه اصطدم بمعارضة أهله لكونه المولود الذكر الوحيد في العائلة.

بدأ ابراهيم مسيرته على خشبة المسرح مع فرقة الكشافة المدرسية، قبل تقديم بعض التجارب في المسرح الفكاهي ومسارح الأطفال. وقد عاصر ممثلين مخضرمين في تلك الحقبة، بينهم الفنان اللبناني الراحل إيلي صنيفر. وتعاون حينها أيضاً في إحدى أولى تجاربه مع المخرج اللبناني الراحل مروان نجار، الذي أعاد التعاون معه في مسرحيات لاحقة في التسعينات، بينها "نادر مش قادر" و"عمتي نجيبة".

وانطلق ابراهيم في مسيرة تلفزيونية طويلة اعتباراً من ثمانينات القرن العشرين، حين تعرّف عليه الجمهور خصوصاً من خلال مشاركته في مسلسلات وإعلانات حققت انتشاراً واسعاً.

وكرّت سبحة أعماله الفنية، لكنّ المحطة الأبرز في مسيرته كانت مسلسل "العاصفة تهب مرتين" الذي شكّل علامة فارقة في الدراما اللبنانية في منتصف التسعينات وامتد على أكثر من 170 حلقة. ولا تزال شخصيته "نادر صباغ"، والثنائية التي شكّلها مع الممثلة رولا حمادة بشخصية "جمال سالم" في هذا العمل راسخة في أذهان المشاهدين. وقد تكرّرت هذه الثنائية في مسلسل "نساء في العاصفة" أواخر التسعينات.

كما يزخر رصيد فادي ابراهيم خلال العقود الأربعة الماضية بمشاركات تمثيلية كثيرة في عشرات المسلسلات اللبنانية والعربية، بينها "كل الحب كل الغرام"، و"بين بيروت ودبي" إضافة إلى "أبناء الرشيد"، و"أسمهان"، وصولاً إلى "الزمن الضائع" و"للموت 2".

ورغم مشكلاته الصحية التي استدعت إدخاله المستشفى مرات عدة في السنوات الأخيرة، أصرّ ابراهيم على متابعة عطائه الفني، حتى أن معلومات صحافية تحدثت قبل تفاقم حالته أخيراً عن تلقيه عروضاً للعودة إلى الشاشة بأدوار تراعي وضعه الصحي المستجد.

وإلى جانب التمثيل، عمل فادي ابراهيم مترجماً لأفلام وثائقية عبر تلفزيون لبنان الرسمي، كما مارس مهنة الماكياج الفني للأعمال التلفزيونية.

وإثر انتشار خبر وفاة ابراهيم، ضجت الشبكات الاجتماعية برسائل نعي للممثل الراحل، بعضها من فنانين ومشاهير في مجالات مختلفة أشادوا بالممثل وبقدراته التمثيلية وشخصيته وكفاحه ضد المرض.