انتخابات مجالس المحافظات تُرجئ انتخاب خليفة للحلبوسي

غياب التوافق على مرشح واحد لتولي منصب رئيس مجلس النواب، وسط انزعاج حزب تقدم من شركائه بسبب حدة المنافسة.

بغداد - أعلن البرلمان العراقي إرجاء جلسة لانتخاب رئيس جديد له كانت مقررة الأربعاء، على خلفية انشغال النواب بانتخابات مجالس المحافظات المقررة في 18 ديسمبر الجاري، لكن مصادر مطلعة أكدت أن التأجيل جاء بسبب وجود خلافات سياسية حول اختيار رئيس جديد للبرلمان. 

وقالت المصادر أن  الخلافات السياسية وعدم اتفاق الأحزاب على اسم معين هي الأسباب الرئيسية للتأجيل، حيث وجد السياسيون في الانتخابات المحلية حجة ملائمة لتبرير عدم تنصيب رئيس جديد للمجلس. 

والاثنين، رجح حزب "تقدم"، الذي يرأسه رئيس مجلس النواب المبعد بقرار قضائي، محمد الحلبوسي، مقاطعة جلسة انتخاب رئيس البرلمان الجديد، مؤكداً أن لا اتفاق بين الكتل السياسية حتى الآن على مرشح بديل. 

وبدا الحزب منزعجا من شركائه منذ إقالة رئيسه من البرلمان بسبب حدة منافستهم للاستحواذ على المنصب ومحاولة انتزاع رئاسة البرلمان منه عبر الاستعانة بأصدقاء من الداخل والخارج، ويتهم بعض المرشحين بالتوجه نحو شخصيات شيعية مهمة ودول الجوار للحصول على الموقع الأول للسنة. 

ويتهم الحزب محمود المشهداني، رئيس البرلمان الأسبق، بأنه بدأ تحركات على رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وحلفائه من السياسيين الإيرانيين لدعم ترشيحه. كما يتهم خميس الخنجر، رئيس حزب السيادة، بأنه تواصل مع تركيا للتأثير على حلفائها في المكون السني لدعم مرشحه. أما مثنى السامرائي، رئيس تحالف عزم، فانطلق باتجاه الشيخ همام حمودي، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ومهندس الإطار التنسيقي والأقوى تأثيرا على مكوناته. 

وأنهت المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، منتصف نوفمبر رئاسة محمد الحلبوسي، السياسي السني البارز للبرلمان، بناء على دعوى "تزوير" تقدم بها أحد النواب. 

ورشحت أسماء كثيرة في الأسابيع الأخيرة لخلافته في هذا المنصب  عبر وسائل الإعلام العراقية، بيد أن الكثير من المراقبين يرون أن البرلمان المكون من 329 نائباً، لن يتفرغ لانتخاب رئيس له، إلا بعد انتخابات 18 ديسمبر.  

وذكرت وكالة الأنباء العراقية، ليل الثلاثاء، أن مجلس النواب قرر "تأجيل جلسة يوم الأربعاء المخصصة لانتخاب رئيس مجلس النواب إلى إشعار آخر"، وذلك "نظراً لعدم تهيؤ الظروف لعقد جلسة مجلس النواب ..الأربعاء.. بسبب انشغال أعضاء مجلس النواب بانتخابات مجالس المحافظات، واعتذار كثير من الكتل عن حضور نوابها لجلسة الغد". 

وكان نائب عن الإطار التنسيقي محمد البلداوي قد صرح الثلاثاء، لوكالة شفق نيوز ، أنه "لا يوجد أي اتفاق على مرشح واحد لتولي منصب رئيس مجلس النواب، كما أن الكتلة المعنية بترشيح البديل لم تقدم مرشحاً واحداً بل ستة مرشحين ومن المحتمل أن يزداد عدد المرشحين في جلسة الأربعاء". 

وبين البلداوي أن "أسماء المرشحين لرئاسة مجلس النواب المطروحة لم تتغير حتى الآن وهم: سالم العيساوي، وشعلان الكريم، وعبد الكريم عبطان، ومحمود المشهداني، وهؤلاء المرشحون الأربعة بدأوا بالتحرك على الكتل السياسية للحصول على دعمها في انتخاب الرئيس". 

بدوره، عزا النائب السابق مشعان الجبوري تأجيل الجلسة البرلمانية التي كانت مقررة اليوم إلى عدم اتفاق الشيعة والسنة والأكراد على اختيار البديل، وأشار في تدوينة على حسابه في إكس إلى ‏انقسام في الإطار التنسيقي الذي يشكل القوة الكبرى داخل مجلس النواب. 

وينضوي تحت الإطار التنسيقي نحو 130 برلمانيا من أصل 329، بعد انسحاب 73 نائبا يمثلون الكتلة الصدرية من مجلس النواب في يونيو حزيران 2022. 

وتوقع الجبوري أن يكون تعبير "حتى إشعار آخر" يعني تأجيل الجلسة الاستثنائية المقررة لانتخاب رئيس مجلس النواب إلى ما بعد انتخابات مجالس المحافظات "وربما إلى الجلسة الأولى الاعتيادية بعد انتهاء العطلة البرلمانية". 

وينص الدستور العراقي على أن "ينتخب مجلس النواب في أول جلسة له رئيسا، ثم نائبا أول ونائبا ثانيا، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس، بالانتخاب السري المباشر". وفي جلسات لاحقة، يتم اختيار رئيس للجمهورية بالأغلبية المطلقة، على أن تقدّم الكتلة الأكبر في البرلمان مرشحها لتشكيل الحكومة. 

ويبدو أن التصفيات السياسية مستمرة بعد إقالة الحلبوسي، حيث أفاد مصدر مسؤول، الثلاثاء، بإنهاء تكليف جميع المسؤولين الذين يحملون صفة مستشارين المعينين من قبل  الحلبوسي في إدارة محافظة الانبار.  

وذكر أن لجان النزاهة والجهات ذات العلاقة أجرت عملية فلترة للمستشارين المعينين من قبل الحلبوسي في مجلس النواب وديوان المحافظة وأنهت تكليف عدد كبير من المستشارين في مجلس النواب، فيما أحالت نحو 83 مستشارًا في ديوان محافظ الأنبار إلى وظائفهم السابقة.  وأضاف أن "الحلبوسي كلف منذ استلامه مهام محافظ الأنبار ورئاسة مجلس النواب العشرات من المستشارين بمواقع حكومية رفيعة المستوى لاستحواذ على المناصب القيادية وتحويل إدارتها لحزب تقدم". 

وينظم العراق، الإثنين القادم انتخابات مجالس المحافظات في 15 محافظة. وتملك مجالس المحافظات صلاحيات واسعة في البلد الغني بالنفط، لكنه يعاني من الفساد وتردي البنى التحتية.  وتقوم المجالس بانتخاب المحافظين، ووضع ميزانيات للصحة والنقل والتعليم في محافظاتهم.