بوتين يستفزّ الغرب بزيارة ماريوبول للمرة الأولى منذ السيطرة عليها

الرئيس الروسي يتجوّل في المدينة الأوكرانية التي سقطت في يد قوّاته منذ عام، بعد يومين من إصدار بطاقة اعتقال دولية بحقّه واتهامه بارتكاب جرائم حرب.
وزارة الدفاع الأوكرانية تندد بزيارة بوتين إلى ماريوبول وتشّبهه باللصّ

موسكو - أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارة غير معلنة إلى ماريوبول، هي الأولى له إلى هذه المدينة منذ السيطرة عليها في أعقاب حصار استمر أشهرا في بداية الهجوم الذي تشنّه موسكو في أوكرانيا، في خطوة استفزازية تأتي بعد يومين من إصدار المحكمة الجنائية الدولية لمذكرة اعتقال بحق بوتين بعد اتهامه بارتكاب جرائم حرب واسعة النطاق.

وبعد ساعات على زيارته القرم في الذكرى التاسعة لضم شبه الجزيرة، نشر الكرملين فيديو لوصول بوتين على متن مروحية إلى ماريوبول، حيث تجوّل في المدينة وشوهد يقود سيارة بنفسه، فيما قال الكرملين إنه تفقد مسرحا موسيقيا أعيد بناؤه واستمع إلى تقرير عن أعمال إعادة إعمار هذه المدينة المنكوبة.

وقال أحد الأهالي لبوتين "إننا نصلي من أجلك"، مشيرا إلى المدينة بوصفها "قطعة جنة صغيرة من الجنة"، بحسب مشاهد نشرها التلفزيون الروسي أظهرت أن الزيارة تمت ليلا.

والتقى بوتين قادة عسكريين ومن بينهم قائد الأركان العامة فاليري غيراسيموف، في مدينة روستوف-أون-دون (جنوب روسيا) قرب الحدود مع أوكرانيا، وفق الكرملين

ونددت وزارة الدفاع الأوكرانية بالزيارة وكتبت في تغريدة "زار بوتين مدينة ماريوبول الأوكرانية مثل لص تحت جنح الليل. أولا هذا أكثر أمانا. كما أن الليل يسمح له بأن يركز على ما لا يريد إظهاره ويبقي المدينة التي دمرها جيشه بالكامل وسكانها القلائل الناجين بعيدا عن الأنظار الفضولية".

بدوره أوضح الكرملين أن بوتين قرر في اللحظة الأخيرة التوجه إلى ماريوبول بعد زيارته السبت شبه جزيرة القرم، مشددا على الطبيعة "العفوية" لرحلته.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف عن زيارة بوتين "كان كل ذلك عفويا"، مؤكدا أن "تنقّلاته في المدينة لم يخطط لها أيضا".

وهذه أول زيارة لبوتين إلى منطقة دونباس الشرقية منذ بداية النزاع في أوكرانيا في فبراير/شباط من العام الماضي، في حين تأتي بعد عام تقريبا على إعلان موسكو السيطرة على ماريوبول عقب حملة أدت إلى تدمير مصنع آزوفستال للصلب، المعقل الأخير للقوات الأوكرانية في المدينة.

وتأتي هذه الجولة قبيل زيارة يجريها الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى موسكو، اعتُبرت على نطاق واسع إنجازا دبلوماسيا لبوتين.

بدورها أكدت بكين، الحليفة الإستراتيجية لموسكو، أنها "زيارة من أجل السلام"، في وقت تسعى فيه للعب دور الوسيط في الحرب في أوكرانيا والتموضع كطرف محايد في النزاع وحثت موسكو وكييف على بدء مفاوضات، لكن زعماء غربيين انتقدوا بكين مرارا لعدم إدانتها الهجوم الروسي واتهموها بتوفير غطاء دبلوماسي لموسكو في حملتها.

وزارة الدفاع الأوكرانية تؤكد أن بوتين زار ماريوبول ليلا حتى لا ينكشف حجم الدمار
وزارة الدفاع الأوكرانية تؤكد أن بوتين زار ماريوبول ليلا حتى لا ينكشف حجم الدمار

ملاحق دوليا

وفي القرم، زار بوتين السبت سيفاستوبول، الميناء الرئيسي لأسطول البحر الأسود الروسي في شبه جزيرة القرم، حيث حضر مراسم افتتاح مدرسة فنون للأطفال برفقة الحاكم المحلي ميخائيل رازفوجاييف، وفقا لصور بثتها قناة روسيا-1 التلفزيونية العامة. وضمّت روسيا القرم في 18 مارس/آذار 2014 إثر استفتاء لم تعترف به كييف ولا الأسرة الدوليّة.

وتأتي التحركات الأخيرة لبوتين بعدما أصبح مطلوبا دوليا إثر إصدار المحكمة الجنائية الدولية الجمعة مذكرة توقيف بحقه على خلفية "ترحيل" أطفال أوكرانيين.

وتقول كييف إن أكثر من 16 ألف طفل أوكراني رُحلوا إلى روسيا منذ بدء النزاع في فبراير/شباط 2022، وُضع العديد منهم في معاهد أو لدى عائلات حاضنة.

وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان عندما سئل عما إذا كان بوتين سيُعتقل إذا وطأت قدماه أيا من تلك الدول البالغ عددها 123 "هذا صحيح".

ولم يعلق الزعيم الروسي البالغ 70 عاما على مذكرة التوقيف، غير أن الكرملين رفض القرار معتبرا أنه "باطل ولاغ" لأن روسيا ليست طرفا في الجنائية الدولية.

تمديد اتفاقية الحبوب

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة عن تمديد اتفاقية سمحت لأوكرانيا أحد كبار مصدري الحبوب باستئناف صادراتها بعدما حاصرت سفن حربية روسية موانئ البحر الأسود، لكن برز سجال بشأن مدة الاتفاق.

وبينما أعلن وزير البنى التحتية الأوكراني تمديد الاتفاق لمدى 120 يوما، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية إن موسكو وافقت على تمديده 60 يوما.

وأتاح الاتفاق الذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة في تموز/يوليو 2022 المرور الآمن لصادرات الحبوب وسبق أن تم تمديده لمدة 120 يوما في نوفمبر/تشرين الثاني.

أما ميدانيا فيتركز القتال حاليا في منطقة دونيتسك الشرقية بأوكرانيا لا سيما مدينة باخموت، فيما قُتل شخصان وأُصيب 10 بضربات روسية "بذخائر عنقودية" بعد ظهر السبت في كراماتورسك بشرق أوكرانيا، حسبما أعلن رئيس بلدية المدينة.