'بولد غلامور' يزعزع عرش الجمال المثالي

الفلتر الجديد وهو أحدث الصيحات على تطبيق تيك توك يثير دهشة مستخدميه إزاء قدرته على تجميل وجوههم.

واشنطن - أعاد فلتر جديد يعد أحدث الصيحات على تطبيق تيك توك الجدل بشأن معايير الجمال التي تسوق لها الشبكات الاجتماعية.

وأحدث "بولد غلامور" دهشة لدى المستخدمين إزاء قدرة هذه المؤثرات الخاصة المطورة عبر الذكاء الاصطناعي على تجميل وجوههم.

وتظهر عشرات الآلاف من الفيديوهات صدمة المستخدمين لدى رؤية الفلتر يتكيف تماما مع وجوههم، مع تكبير الشفتين ونفخ الخدين وماكياج شبيه بما تضعه عارضات الأزياء.

لكن كثيرا ما يصاب مستخدموه بخيبة أمل عندما ينظرون بعد استخدام الفلتر إلى وجوههم الحقيقية بعد اختفاء مرآة التجميل عن الشاشة.

وقالت أستاذة العناية التمريضية في جامعة "ميدل جورجيا ستايت" الأميركية كيم جونسون "هذه أحدث هجمة لأسطورة الجمال المثالي".

وأشارت إلى أن هذا النوع من المؤثرات الخاصة يقود أشخاصا إلى اعتماد "حميات مفرطة بفعل مقارنة أنفسهم مع الآخرين ونقص الثقة في النفس لديهم".

ومن أذني القطط إلى قصات الشعر مرورا بوجوه الكلاب، شاع استخدام فلاتر الواقع المعزز منذ سنوات على سنابتشات وإنستغرام وتيك توك وتطبيقات أخرى كثيرة.

غير أن أحدث النماذج بلغت مستوى غير مسبوق من الواقعية، إذ أن مؤثرات "بولد غلامور" تبقى موجودة حتى عند وضع اليد أمام الكاميرا، كما أنها ليست مشوشة على الجوانب وتتبع تحركات الوجه كما لو أنها تعكس تبرجا حقيقيا، حتى أن خبراء كثيرين يتساءلون ما إذا كان هذا الفلتر يشكل وثبة جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي.

وبحسب لوك هورد الذي أنشأ فلاتر للشبكات الاجتماعية، تتكون الفلاتر التقليدية من أقنعة ثلاثية الأبعاد "توضع" على الوجه عند التصوير بواسطة كاميرا الهاتف الذكي.

وأوضح هورد عبر تيك توك وتويتر أن "بولد غلامور" ومؤثرات حديثة أخرى بينها فلتر يعطي البالغين وجوه مراهقين "تأخذ الصور وتعيد رسمها، كل جزيء (بكسل) على حدة (مباشرة) على الصورة التي تظهر عبر العدسة".

ويخلص إلى أن هذه الفلاتر هي جزء من تقنيات "التعلم الآلي" المستخدمة في الذكاء الاصطناعي.

ويقول مراقبون آخرون إن هذه التقنية مرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي وفق مبدأ برامج "تشات جي بي تي" أو "دال-إي" القادرة على إنشاء قصائد أو رسوم أو رمز كمبيوتر عند الطلب وبصورة فورية.

وهذه المؤثرات الخاصة موجودة منذ عام أو عامين، لكن فلتر "بولد غلامور" الجديد "معقد للغاية"، بحسب مدير أبحاث الذكاء الاصطناعي في شركة "جن" للأمن السيبراني بيتر سومول.

لكن الذكاء الاصطناعي التوليدي يتطلب كميات ضخمة من البيانات.

ويخضع تطبيق تيك توك التابع لمجموعة بايت دانس الصينية لمتابعة دقيقة من الحكومات الغربية بفعل مخاوف على سرية البيانات الشخصية.

تيك توك
استخدامات جدلية

واعتُبرت المنصة في الولايات المتحدة تهديدا للأمن القومي من جانب مسؤولين محليين كثيرين يتهمون التطبيق بنقل معلومات عن المستخدمين لبكين، وهو ما تنفيه الشركة.

ولفت الأستاذ المتخصص في الإعلام والتقنيات بجامعة فلوريدا أندرو سيليباك إلى أن مجموعة ميتا الأميركية "قادرة تماما على اعتماد هذه التقنية عبر فيسبوك وإنستغرام".

وأضاف أنه من غير المؤكد أن تيك توك "فكرت بما يكفي في الآثار المترتبة عن هذا المنتج الجديد والجميل كليا".

وأظهر التطبيق تكتما شديدا في هذا الموضوع، رافضا إعطاء تفاصيل حول تشغيل الفلتر.

واكتفى تيك توك بتشجيع مستخدميها على "أن يكونوا على طبيعتهم" على الشبكة الاجتماعية التي تشجع على "التعبير الشخصي والإبداع".

وقالت الشركة "نواصل العمل مع الخبراء ومجتمعنا لمساعدة تيك توك على أن تظل مساحة إيجابية وداعمة للجميع".

ويسترعي "بولد غلامور" الانتباه بشكل خاص لكونه يُنتج فيديوهات قابلة للتكييف في الوقت الفعلي، ما يثير خطر "التزييف العميق" (ما يُعرف بـ"ديب فايك" – "deepfake").

ويشير هذا المصطلح العام إلى عمليات توليف مضللة (بالصورة أو الفيديو أو الصوت) تعطي انطباعا بأن شخصا ما قال أو فعل أشياء لم يقلها أو يفعلها في الواقع.

ويرى بيتر سومول أن هذه الفلترات الحديثة "ليست بالضرورة مرتبطة بتقنية التزييف العميق في حد ذاتها، ولكنها على خطوة واحدة منها فقط".

ويستبعد أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة ولاية نيويورك سيوي ليو أن توفر منصات كبرى مثل تيك توك التي تضم مليار مستخدم، وصولا مجانيا إلى أدوات لخداع الجمهور.

ولكن "مكمن الخطر فيها هم الأشخاص الذين يفهمون هذه التكنولوجيا ويمكنهم استخدامها لأغراض ضارة"، على قوله.

في هذه المرحلة، بالنسبة إلى الكثير من المستخدمين يقتصر ضرر فلتر التجميل هذا على ثقة المستخدمين في أنفسهم بشكل أساسي.

وقالت نجمة تلفزيون الواقع الأسترالية آبي تشاتفيلد إثر اختبارها فلتر "بولد غلامور" "لو لم أكن بالغة، بصراحة، لكان دمّر لي هذا الشيء دماغي".

وكانت المنصة أكدت أنها ستستمر خلال عام 2023 بدعم سلامة المستخدم كأولوية قصوى، وبمواصلة تطبيق التحديثات وبناء الشراكات ونشر الوعي للحفاظ على تيك توك كمساحة ترحّب بالجميع، وتسمح للمجتمع بالتعبير عن الذات والترفيه والتواصل، في أجواء مريحة وممتعة.

ومع ذلك يرى خبراء أن الفلتر الجديد من شأنه أن يغذي المنافسة خصوصا وأن سناب تجاهر بتحدي فيسبوك الأمر الذي سيزيد أيضا من المد والجزر التكنولوجي.