تتويج الملك تشارلز يضفي أجواء الفرح على بريطانيا

أول حفل تشهده المملكة المتحدة منذ سبعة عقود سيكون فيه خروج واضح عن التقاليد مع مشاركة أساقفة نساء وقادة ديانات أقلية وقائمة مدعوين أكثر تنوعا وتمثيلا للمجتمع البريطاني.

لندن - تنظم بريطانيا السبت مراسم تتويج فخمة هي الأولى منذ 70 عاما مع جلوس الملك تشارلز على العرش في طقوس مسيحية مهيبة وأكثر من ألف عام من التاريخ.

ومراسم التتويج الأولى لملك بريطاني منذ 1937 هي تأكيد ديني على اعتلائه العرش خلفا لوالدته الملكة إليزابيث الثانية التي توفيت في سبتمبر/أيلول 2022.

وجزء كبير من المراسم الأنغليكانية التي ستقام في كنيسة ويستمنستر، وستتوج خلالها أيضا زوجته الثانية كاميلا ملكة، متوارث من ألف عام عن أسلاف الملك البالغ 74 عاما.

لكن سيكون هناك أيضا خروج واضح عن التقاليد مع مشاركة أساقفة نساء وقادة ديانات أقلية، وقائمة مدعوين أكثر تنوعا وتمثيلا للمجتمع البريطاني.

وستكون مسألة البيئة حاضرة أيضا، ومنها مسح الملك بزيت نباتي والملابس الاحتفالية المعاد تدويرها، ما يعكس القضايا التي حمل تشارلز لواءها طيلة حياته وهي الاستدامة والتنوع البيولوجي.

من المتوقع أن يحضر قرابة 2300 شخص مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وهو عدد أقل بكثير من أكثر من 8000 مدعو احتشدوا في كنيسة ويستمنستر لحضور حفل تتويج الملكة إليزابيث الثانية في 1953.

وشهدت مبيعات تذكارات التتويج لتشارلز الثالث، طلبا غير مسبوق حيث يسعى المشترون للحصول على تذكار دائم لهذه المناسبة.

لكن ليس الجميع في مزاج احتفالي، فالمعارضون الجمهوريون الذين يطالبون برئيس حكومة منتخب، وضعوا خطة للاحتجاج في يوم التتويج مع شعارات تقول "ليس ملكي" (نات ماي كينغ).

ويبدو حماس الأشخاص الأصغر سنا لحفل التتويج والملكية عموما فاترا، وفق استطلاعات للرأي.

وخارج المملكة المتحدة، يضعف موقع تشارلز كوريث للعرش في 14 من دول الكومنولوث، فقد ألمحت كل من أستراليا وبليز وجامايكا إلى خطوات نحو التحول إلى نظام جمهوري، فيما يواجه تشارلز أيضا دعوات لتقديم اعتذار عن ضلوع أسلافه في الاستعمار وتجارة الرق.

وبالعودة إلى بريطانيا، يأمل القادة السياسيون في أن تُظهر مراسم التتويج بريطانيا في أفضل أحوالها، وتعمل بطريقة ما لإصلاح موقعها الدولي الذي تضرر بخروجها من الاتحاد الأوروبي.

وسيكون الرئيسان الفرنسي والألماني وكبار قادة الاتحاد الأوروبي من بين 2300 مدعو سيحضرون المراسم، إلى جانب أفراد من عائلات ملكية عالمية.

ورغم الأمطار الغزيرة الجمعة وتوقعات بمزيد من الأمطار في عطلة نهاية الأسبوع، بدأ محبو العرش البريطاني بالتخييم على شارع ذا مول المؤدي إلى قصر باكنغهام طمعا في متابعة المراسم من أفضل الأماكن.

وجاءت كارول فيرفاكس (45 عاما) وابنها تشارلي البالغ ثمانية أعوام وشقيقتها كارين تشامبرلين (57 عاما) من برمنغهام بوسط إنجلترا وتجهزوا بخيم وأكياس النوم.

وقالت تشامبرلين العاملة في منظمة خيرية "الأمر رائع"، مضيفة "والدتنا جاءت إلى لندن في 1951. القدوم إلى هنا طريقة للقول إننا فخورون بالعرش. عسى أن نكون هنا عندما يصبح وريث تشارلز وليام ملكا".

ويتلقى ركاب القطارات رسالة بصوت تشارلز وكاميلا تنبههم إلى "الفجوة" بين منصة المحطة والقطار.

الرسالة التي سجلها تشارلز وقرينته الملكة كاميلا، سيسمعها ركاب القطارات أو شبكة مترو أنفاق لندن بين يومي الجمعة والاثنين.

ويقول تشارلز في الرسالة "نتمنى أنا وزوجتي لكم ولعائلتكم عطلة نهاية أسبوع وتتويجا رائعة"، تليها أمنيات برحلة سعيدة من كاميلا التي تقول "أينما تذهبون، نأمل أن تحظوا برحلة آمنة وممتعة"، ثم سيضيف تشارلز "وتذكروا، رجاء احذروا الفجوة"، في إشارة إلى المسافة بين الرصيف والعربات. وستكون العبارة مألوفة لآذان البريطانيين والزوار وهي مستخدمة أيضا في بعض شبكات القطارات بمناطق أخرى من العالم يتحدث سكانها الإنجليزية.

وأكدت جاكلين ستار الرئيسة التنفيذية لمجموعة ريل دليفري التي تمثل قطاع السكك الحديدية في بريطانيا "التتويج حدث نادر ومثير ونتطلع بشدة إلى الترحيب بالركاب بهذه الرسالة الخاصة".

وأشارت المجموعة إلى أنه سيتم تشغيل التسجيل في جميع محطات القطارات وعددها 2570 محطة في أنحاء بريطانيا.

لكن العرض الفخم للمجوهرات والتيجان والعربات المطعمة، يثير توترا لدى العديد من البريطانيين الذي يعانون من ارتفاع كلفة المعيشة وإضرابات واسعة للمطالبة بتحسين الأجور.

الملك تشارلز
مناسبة وطنية تجذب اهتماما عالميا ضخما

وقالت إيدن إيويت (38 عام) في شمال لندن "لا نعيش الحياة نفسها. الناس الآن يواجهون صعوبات"، مضيفة "أطبخ مرتين فقط في الأسبوع. آكل السندويتشات فقط. بعض الأشخاص لا يأكلون على الإطلاق".

وجزء كبير من كلفة المراسم البالغة 100 مليون جنيه (126 مليون دولار) والممولة بشكل كبير من دافعي الضرائب، قد تكون مخصصة على الأرجح للعملية الأمنية الضخمة.

إلا أن متحدث باسم قصر باكنغهام يؤكد "مناسبة وطنية كهذه، تجذب اهتماما عالميا ضخما يعوض وأكثر عن المدفوعات المترافقة معها".

ولفتت هيئة تجارية هي "يو كي هوسبيتاليتي" إلى أن المراسم في نهاية الأسبوع والتي تتضمن عطلة رسمية الاثنين، يمكن أن تعود بمبلغ 350 مليون جنيه على قطاع الترفيه بما فيه الحانات.

وبُذلت كل الجهود لأكبر عروض الفخامة والأبهة البريطانية منذ عقود والتي تتخطى المراسم الرسمية لدفن الملكة في سبتمبر/أيلول الماضي.

وفي المجموع، سيشارك سبعة آلاف عسكري، من خيالة إلى فرق موسيقية، في العرض الذي يتم التدريب عليه بدقة بالغة.

وسينتقل تشارلز وكاميلا من باكنغهام في عربة اليوبيل الماسي، ثم يعودان إلى القصر في نفس الطريق على متن العربة الذهبية الأقدم، عقب المراسم التي ستستمر ساعتين في الكنيسة.

وفي القصر ستُقدم لهما التحية من أفراد من القوات المسلحة، ثم يتابعان طلعات جوية احتفالية من شرفة القصر مع أفراد آخرين من العائلة الملكية.

وستغني فنانة الأوبرا الجنوب أفريقية بريتي يندي بشكل منفرد في حفل تتويج بريطاني، من المتوقع أن يتابعه الملايين عبر التلفزيون.

وقالت يندي "أنا متحمسة للغاية لدرجة أنني لا أشعر بالتوتر. إنها لحظة رائعة في حياتي كشابة وكفنانة جنوب أفريقية، الفرح يغمر قلبي".