تحذير من امتداد أزمة اللاجئين السودانيين إلى أوروبا

الخارجية السودانية الموالية للجيش تندد باستبعادها من المشاركة في المؤتمر الإنساني الدولي الذي سيعقد في باريس.

جنيف – قال فيليبو غراندي مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين الجمعة إن اللاجئين السودانيين قد يتوجهون إلى أوروبا في حالة عدم توفير مساعدات إنسانية كافية للسكان في البلد الذي تمزقه الحرب، بينما تستعد باريس لاحتضان مؤتمر "المانحين" من أجل السودان، دون إشراك أي من طرفي الصراع فيه مما أثار غضب الحكومة الموالية للجيش.

واندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة الفريق الأول عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع شبه العسكرية التي يقودها الفريق الأول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، مما أدى إلى تدمير بنية البلاد التحتية وإثارة تحذيرات من خطر المجاعة وتشريد الملايين داخل البلاد وخارجها.

وقُتل آلاف المدنيين، على الرغم من أن تقديرات أعداد القتلى غير مؤكدة إلى حد كبير، واتُهم الجانبان بارتكاب جرائم حرب.

وذكر غراندي أن الأزمة الإنسانية في السودان ربما تدفع السودانيين اليائسين إلى الفرار إلى ما هو أبعد من الدول المجاورة التي يلوذ بها بالفعل قرابة مليوني شخص.

وقال غراندي لرويترز في مقر المفوضية في جنيف "نعلم تمام العلم أن هذه المنطقة مليئة بالمجرمين الذين يريدون استغلال بؤس اللاجئين والنازحين ومساعدتهم في الانتقال بتكلفة نحو شمال أفريقيا ونحو أوروبا".

وأضاف "أؤيد تقديم مزيد من الدعم للنازحين داخل السودان أو في الدول المجاورة... لأنه ما لم يحدث ذلك سيتحولون إلى لاجئين على امتداد هذه الطرق".

ووصول لاجئين ومهاجرين آخرين، لا سيما من يصلون إلى الدول بطرق غير مشروعة، مشكلة سياسية مهمة ومثيرة للانقسام في عدد من الدول الأوروبية.

وأظهرت إحصاءات نشرتها المفوضية تزايد انتقال اللاجئين السودانيين إلى أوروبا، إذ وصل ستة آلاف إلى إيطاليا قادمين من تونس وليبيا منذ بداية 2023.

وقال غراندي "هل ستوقف المساعدات الإنسانية الجميع عن الانتقال؟ بالطبع لا".

وأضاف "لكنها بالطبع عامل من عوامل الاستقرار سيقلل من العوامل المحفزة على الاتجار في البشر وتهريبهم".

وسيشارك غراندي في مؤتمر تبرعات للسودان يُقام في باريس الاثنين. ولم تتم دعوة أي من الطرفين المتحاربين في السودان لحضور المؤتمر الذي سيسعى إلى معالجة ضعف تمويل الطوارئ في السودان والدول المجاورة والنقص الذي يبلغ أكثر من 2.5 مليار دولار.

وأعربت الخارجية السودانية الموالية للجيش "عن بالغ دهشتها واستنكارها" لانعقاد "هذا المؤتمر حول شأن من شؤون السودان، الدولة المستقلة وذات السيادة والعضو بالأمم المتحدة، بدون التشاور او التنسيق مع حكومتها وبدون مشاركتها".

وانتقدت الخارجية السودانية الحكومة الفرنسية لاستضافتها المؤتمر قائلة إن سلوكها يمثل "استخفافاً بالغاً بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وبمبدأ سيادة الدول".

ودعت فرنسا إلى المؤتمر مسؤولين حكوميين من الدول المجاورة للسودان وزعماء مدنيين سودانيين ومنظمات إغاثة دولية، لكن لم تدعُ أياً من الطرفين المتحاربين.

ودانت الخارجية السودانية قيام منظمي المؤتمر باستبعاد الطرفين واتهمتهم بـ"الاختباء خلف ذريعة الحياد بين من يسميهما المنظمون طرفي نزاع لتبرير تجاهل السودان في تنظيم هذا الاجتماع"، مستنكرة "المساواة بين الحكومة الشرعية والجيش الوطني من جهة، ومليشيا إرهابية متعددة الجنسيات".

نقلت وزارة الخارجية السودانية مكاتبها إلى مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر منذ اجتاحت قوات الدعم السريع العاصمة الخرطوم ومدن أخرى في المراحل الأولى من الحرب.

وتعثرت جهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية منذ أشهر. وأعرب المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو الخميس عن أمله في أن يساعد مؤتمر باريس على استئناف المحادثات بشأن السودان.

وقال بيرييلو إن السعودية التزمت باستضافة جولة جديدة من المحادثات وأن الولايات المتحدة تأمل في الإعلان عن موعدها قريباً.

وخلال عام واحد، أدّت الحرب في السودان إلى سقوط آلاف القتلى بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في إحدى مدن غرب دارفور، وفقاً لخبراء الأمم المتحدة.

كما دفعت الحرب البلاد التي يبلغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلاً، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8.5 ملايين شخص بحسب الأمم المتحدة.

وفي تعليقات منفصلة الجمعة، قالت منظمة الصحة العالمية إن الأزمة في السودان قد تتفاقم في الأشهر المقبلة إذا لم يتوقف القتال ولم يجر تأمين دخول المساعدات الإنسانية بلا عوائق".

وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية كريستيان ليندماير "لا نرى سوى النزر اليسير من الأزمة الحقيقية والموقف قد يكون أكثر ترديا من ذلك بكثير"، وشدد على أن 15 مليونا بحاجة إلى مساعدة صحية عاجلة وإن أمراضا مثل الكوليرا والملاريا وحمى الضنك تنتشر.

وذكر أن الإمدادات الطبية المتاحة في البلاد تقدر بنحو 25 بالمئة من الاحتياجات، وأن 70 إلى 80 بالمئة من المرافق الصحية السودانية لا تعمل بسبب الصراع.