ترامب يظهر في حديثه عن حرب غزة كمستشار إعلامي لا كمرشح للرئاسة

المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة يعرف بصراحته ويعتمد إستراتيجية الغموض نفسها في قضايا بارزة أخرى، بما فيها الإجهاض.

واشنطن - قدّم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب نفسه في بداية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس على أنه من أشد المدافعين عن الدولة العبرية، لكن بعد ستة أشهر ومقتل أكثر من 33 ألف شخص في غزة، أصبح المرشح الجمهوري إلى البيت الأبيض يتّبع نهجا أكثر غموضا في تعبيره عن حجم هذا الدعم.

ويبدو ذلك مفهوما إلى حدّ ما إذ لا يريد ترامب أن يخسر خزان الناخبين العرب والمسلمين ويحاول إظهار موقف متوازن رغم انه معروف بأنه من أكبر الداعمين لإسرائيل ولا أحد يمكن أن يتوقع كيف سيتصرف.

واكتفى الرئيس الأميركي السابق المعروف بعدم تردده في التعبير عن رأيه بوضوح في أي موضوع، بالتعليق بفتور على قضية حرب غزة في مقابلتين أجريتا معه مؤخرا.

وقال للمذيع المحافظ هيو هيويت الخميس تعليقا على العملية الإسرائيلية في القطاع الفلسطيني "لست متأكدا من أن الطريقة التي يتعاملون بها مع الأمر تعجبني".

وحذّر ترامب في مقابلة أجرتها معه وسال إعلام إسرائيلية من أن التسجيلات المصوّرة التي تظهر "قنابل يتم إلقاؤها على أبنية في غزة" تعكس "صورة سيئة جدا أمام العالم".

وأفاد المرشح البالغ 77 عاما المذيع هيويت بأن "إسرائيل بصدد خسارة حرب التواصل تماما... يجب الانتهاء من الأمر، ويجب العودة إلى وضع طبيعي"، مشددا على أنه "يجب تحقيق انتصار، الأمر يستغرق الكثير من الوقت".

ورغم التلميحات إلى مخاوفه، لم يأت ترامب على ذكر الأزمة الإنسانية في غزة حيث يحذّر الخبراء من مجاعة محدقة بشكل صريح، ولا حصيلة القتلى الفلسطينيين التي تجاوزت 30 ألف شخص غالبيتهم من النساء والأطفال وفق وزارة الصحة التابعة لحماس، أو مسألة مقتل سبعة عناصر إغاثة بضربة من مسيّرة إسرائيلية الاثنين.

مع ذلك، فإن أي تعليق ينطوي على انتقاد لإسرائيل يمثّل تحوّلا كبيرا في موقف المرشح الجمهوري الذي باتت تصريحاته تلفت الأنظار في الدولة العبرية والولايات المتحدة.

وعام 2018، تراجعت إدارته عن سياسة الولايات المتحدة المتبّعة منذ عقود حيال الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، وتخلت عن ركيزة أساسية من ركائز حل الدولتين عبر الاعتراف أحاديا بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها من تل أبيب، ما أثار ردود فعل دولية غاضبة.

وبحلول نهاية ولايته، رعت الولايات المتحدة "اتفاقيات أبراهام" التي تسمح لإسرائيل بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية وتترك للفلسطينيين قطعة صغيرة للغاية من أرضهم سابقا مع عاصمة مستقبلية على أطراف القدس.

ونجح تحرّك إدارة ترامب لدفع بلدان عربية إلى توقيع اتفاقات تطبيع والاعتراف بإسرائيل، إلى إرجاء أي عوامل تحتّم بحث حل القضية الفلسطينية حتى في فترة لاحقة، على الأقل مؤقتا.

لكن ما زال غير واضح إن كان تبديل ترامب نبرته منذ حرب غزة التي أثارها هجوم حماس غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يعكس تغييرا فعليا في سياسته في حال أعيد انتخابه مجددا للرئاسة في نوفمبر/تشرين الثاني.

وقالت دانيال بليتكا من مركز AEI المحافظ للأبحاث إن "أحدا غير متأكد تماما من وجهة نظر ترامب حيال هذه المسألة"، مضيفة أن تصريحاته الأخيرة تبدو وكأنها صادرة عن "مستشار إعلامي" لا مرشح لشغل المكتب البيضاوي، مضيفة أن خطابه "ليس رئاسيا ولا يعكس سياسة، إنه أشبه بأسلوب استشاري".

وبالنسبة لبعض المراقبين، يمكن تفسير موقف ترامب غير الملتزم بالمخاطر الكبيرة للنزاع على الانتخابات الأميركية في وقت يحاول كسب الأصوات من الرئيس جو بايدن الذي واجه انتقادات متزايدة حيال طريقة تعاطيه مع الأزمة.

ويطبّق ترامب المعروف بصراحته عادة إستراتيجية الغموض المتعمّد نفسها في قضايا بارزة أخرى، بما فيها الإجهاض، إذ يدرك بأن التعبير عن موقف متشدد مع أي الجانبين يمكن أن يكلّفه كثيرا في صناديق الاقتراع.