تعديل قانون الشركات الأمنية في سوريا لا يغير تبعيتها

العديد من الشركات الأمنية امتدادا لنفوذ روسيا وإيران في سوريا تجند الشباب برواتب مغرية وسط تدهور الأوضاع الاقتصادية وقلة فرص العمل.

دمشق - وافق مجلس الشعب في سوريا على تعديل بعض مواد المرسوم التشريعي رقم “55” لعام 2013، المتعلق بقانون شركات الحماية والحراسة الخاصة المعتمد، والتي انتشرت في سوريا وأبرزها التي تجند الشباب لحماية المصالح الإيرانية والروسية.

واشترطت التعديلات الجديدة منح ترخيص الشركة على أن تكون مملوكة بالكامل لحاملي الجنسية السورية، وألا يقل رأسمالها عن 500 مليون ليرة سورية، وأن تتخذ مقرًا ثابتًا مملوكًا لها في منطقة عملها، وتكون مسجلة في السجل التجاري أصولًا، بحسب ما نقلته الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا).
وخلال السنوات الماضية، نشط إنشاء شركات أمنية وشركات حراسة في مناطق سيطرة النظام السوري.

ويبدو أن التعديلات الجديدة تريد حصر ملكية الشركات الأمنية بالسوريين لضمان تبعيتها للدولة، لكن على أرض الواقع لن تغير التعديلات شيئا لأن تبعية الشركات لأشخاص سوريين لا يتنافي مع خدمتها لمصالح الدول الأخرى الفاعلة في سوريا أي إيران وروسيا، خصوصا أن رجال الأعمال السوريين تربطهم مصالح وعلاقات وثيقة مع طهران وموسكو سواء مباشرة أو عبر الأجهزة الأمنية.

وتتنوع الشركات الأمنية في سوريا بين شركات تعود إلى رجال أعمال مستقلين ابتعدوا عن السوق والمنافسة لمصلحة حماية أعمالهم المتعددة، وبين شركات مقربة من “المخابرات العسكرية”، وَرِثَت ميليشيات سابقة. فيما الشركات الأبرز هي المقربة من إيران وتعمل لمصلحة مكتب أمن “الفرقة الرابعة” في الجيش السوري التي تتبع باسل الأسد شقيق الرئيس السوري. وأخرى روسية التبعية تتولى حماية حقول النفط والغاز والفوسفات التي ربحت استثمارها.

وتعد الشركات المستقلة الحلقة الأضعف بين مجموعات الشركات الأمنية الخاصة، ويبقى الهدف الرئيس لمالكي هذه الشركات من رجال الأعمال ضمان أمنهم، وحماية مصالحهم الاقتصادية، في ظل فوضى السلاح.

وتضمنت التعديلات أن يكون مالكو الشركة والشركاء فيها ومن يتولى إدراتها من حاملي الجنسية السورية منذ خمس سنوات على الأقل، وأن يكون عمر المدير فوق الـ30 عامًا، وعمر المالك أو الشريك 18 عامًا.

وتشير المواد إلى أن ترخيص الشركة يصدر بقرار من وزير الداخلية بعد موافقة مكتب الأمن الوطني.

وأوضح وزير الداخلية اللواء محمد الرحمون أن مشروع القانون جاء بهدف تنظيم وتطوير عمل شركات الحماية والحراسة الخاصة، وتلافي جوانب القصور التي ظهرت مع تطبيق أحكام القانون الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2013، إذ تبين من خلال متابعة عمل هذه الشركات الحاجة إلى تعديل بعض مواد هذا القانون، ولا سيما فيما يتعلق بالشروط التي تنطبق على المالكين والمديرين وضوابط تنفيذ احتياجات الشركات من الأسلحة والذخيرة، والتفويض بتصديق العقود بما يضمن السرعة والمرونة في إبرام العقد وتنفيذه، إضافةً إلى تعديل بعض شروط تشغيل الحراس بما ينسجم مع القوانين والأنظمة النافذة ، ويكفل استفادة أكبر عدد من المواطنين من شروط العمل في هذه الشركات.

وتعتبر العديد من الشركات الأمنية امتدادا لنفوذ روسيا وإيران في سوريا لتجنيد الشباب برواتب مغرية، وسط تدهور الأوضاع الاقتصادية وقلة فرص العمل.

وتوفر هذه الشركات الحماية للأثرياء وأنصار الأسد، كما أنها توفر مرافق وخدمات وقائية والحماية للقوافل والتحويلات النقدية الكبيرة.

ومنذ 2013 ازداد نشاطها وأقامت علاقات مع مجموعات روسية أو إيرانية، ورافقت قادة عسكريين رفيعي المستوى أو مواقع حراسة للقوات الروسية، بما في ذلك المنشآت النفطية في القامشلي والحسكة ودير الزور.

كما قام بعضها بحماية القوافل الدينية الإيرانية القادمة إلى سوريا، فضلاً عن مشاركتها في القتال إلى جانب القوات الإيرانية والروسية.

ومن أبرز الشركات العاملة مع القوات الروسية شركة "المهام للحماية والحراسات الأمنية"، والمملوكة لمجموعة القاطرجي، والتي تستورد النفط من مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية".

أما شركة "سند للحراسة والأمن"، ومقرها دمشق فلها علاقات مع القوات الروسية، وتقوم بخدمات حراسة للمنشآت النفطية التي تسيطر عليها روسيا بشكل مباشر، مثل حقول التيم والورد والشعلة النفطية في دير الزور، في حين تعمل شركة "الصياد" مع القوات الروسية لملاحقة خلايا "تنظيم الدولة" في البادية السورية.

وتشرف مجموعة فاغنر الروسية المتمركزة في مطار دير الزور العسكري على تدريب شركات الأمن الخاصة التابعة لروسيا.

ومن الشركات التي تعمل مع القوات الإيرانية شركة "القلعة للحماية والحراسة"، وتنشط في مدينة البوكمال الخاضعة لسيطرة القوات الإيرانية في محافظة دير الزور، وترافق قوافل الحجاج الإيرانيين والعراقيين الداخلين إلى سوريا، ويدير الشركة ضباط سابقون في الجيش والمخابرات السورية تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني.

وتحمي شركة "الفجر للحماية" قوافل النفط التي تنتقل بين العراق ومصافي النفط في حمص وبانياس من هجمات "تنظيم الدولة" في البادية السورية.

وذكرت مصادر في إحدى الشركات الأمنية "نعمل مع القوات الروسية في حراسة المنشآت النفطية في الحسكة والقامشلي مقابل 300 دولار شهرياً، ويحصل المجند على دفعة مسبقة لمدة ستة أشهر قبل البدء، بما في ذلك إجازة لمدة 10 أيام كل شهرين، وعند تجديد العقد، يتم رفع الأجر إلى 400 دولار شهرياً"، مشيراً إلى أنه يوجد خيار آخر وهو أن يعمل المجند في دير الزور أو إدلب مقابل راتب شهري قدره 200 دولار، مع إجازة لمدة 10 أيام كل شهر.

وأوضح المصدر أن "قلة فرص العمل وتدهور الأوضاع المعيشية في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، دفع العديد من الشباب للعمل مع القوات الروسية التي تقدم رواتب شهرية عالية، كما أنها تحمي المجند من التجنيد الإجباري من قبل الفروع الأمنية للنظام وتمنحه فرصاً أكثر من تلك التي يوفرها الجيش والمخابرات السورية".