توتر جديد يرخي بظلال من الشك حول زيارة تبون لفرنسا

الإعلام الجزائري يتهم اليمين في فرنسا بلعب كل أوراقه لإفساد زيارة الرئيس عبدالمجيد تبون إلى باريس.
الغالبية في مجلس الشيوخ الفرنسي تدفع باتجاه مراجعة قانون الهجرة

باريس/الجزائر - أرخى توتر جديد في العلاقات بين فرنسا والجزائر بظلال من الشك حول زيارة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لباريس والتي كانت مقررة بداية في مايو/ايار الماضي ثم تأجلت فجأة مرة أخرى في قرار عزته الصحافة الجزائرية حينها إلى أن أسباب التأجيل تعود للحراك الاحتجاجي الفرنسي، لكن يبدو أن الأمر يذهب إلى أبعد من هذا التبرير.

ومن توتر شديد إلى حديث عن سوء التفاهم، ظلت العلاقات الفرنسية تتقلب بين ذريعة وأخرى، لكن الواضح أن الأزمة الكامنة في علاقة وصفها تبون ذاته بأنها "متذبذبة"، لا تزال على حالها وان حاولت العبارات الدبلوماسية من الجانبين تغليفها بأسباب واعتبارات أخرى.

وفي أحدث علامة على سياق التوترات، دعا إدوار فيليب رئيس الوزراء الفرنسي السابق إلى إعادة التفاوض حول اتفاق 1968 مع الجزائر بشأن قضايا الهجرة، في موقف نقله مسؤولون آخرون من اليمين، بينما أصبح ملف الهجرة مجددا في قلب النقاش السياسي الفرنسي.

ومن شأن هذا الاقتراح أن يؤدي مرة أخرى إلى توتير العلاقات الحساسة بين باريس والجزائر، ليدفع زيارة تبون المرتقبة إلى باريس إلى تأجيل جديد، حيث رددت وسائل إعلام فرنسية بينها إذاعة أوروبا 1 أن الزيارة رحلت مرة أخرى إلى أجل غير مسمى حتى تتاح الظروف لتحديدها.

وتنظم اتفاقية 1968 دخول وإقامة وتوظيف الجزائريين في فرنسا وفق قواعد لا تلتزم القانون العام. وفي بعض النقاط يلقى الجزائريون معاملة تفضيلية مقارنة بالأجانب الآخرين (خصوصا في ما يتعلق بلم الشمل) وفي نقاط أخرى يخسرون ولا سيما الطلاب.

وقال إدوار فيليب في حديث لمجلة "ليكسبريس" نشر الاثنين "بالطبع هناك علاقات تاريخية قوية جدا بين فرنسا والجزائر، لكن الحفاظ على مثل هذه الترتيبات اليوم مع بلد نقيم معه علاقات معقدة لم يعد مبررا".

وفي مذكرة نُشرت نهاية مايو/آيار لمركز الفكر الليبرالي "مؤسسة الابتكار السياسي" دعا السفير الفرنسي السابق لدى الجزائر كزافييه درينكور للتنديد بهذه الاتفاقية.

كما قال رئيس مجلس الشيوخ اليميني جيرار لارشيه إنه يؤيد إجراء مراجعة، في وقت تريد الغالبية الرئاسية إيجاد حل وسط مع مشروع قانون حول الهجرة.

وأثارت تصريحات فيليب انتقادات في الصحافة الجزائرية، حيث اعتبرت صحيفة الوطن أن "الضغط على الجزائر هو الهدف غير المعترف به لهذه الحملة السياسية"، مؤكدة أيضا أنه "لم يتبق الكثير" من اتفاقية 1968 التي تمت مراجعتها ثلاث مرات وأن "حالة الجزائريين دخلت إلى حد كبير في القانون العام لجهة قواعد تنظيم الهجرة في فرنسا".

بدوره قال موقع "الجيري مينتونان" إنه "يبدو أن اليمين في فرنسا يلعب كل أوراقه لإفساد زيارة الرئيس عبدالمجيد تبون".

وردا على سؤال الخميس اكتفت وزارة الخارجية الفرنسية بالقول إن "اتفاقية 1968 وبشكل عام التعاون والتبادلات بين بلدينا هي موضوع حوار منتظم مع شركائنا الجزائريين". وأصدرت فرنسا 600 ألف "شهادة إقامة" للجزائريين في 2022 بحسب أرقام رسمية.

وتأجلت زيارة تبون إلى باريس إلى النصف الثاني من الشهر الجاري بعد أن كانت مقررة الشهر الماضي، بينما تعددت التأويلات حول أسباب هذا التأجيل، خاصة بعد أن طوى اتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي ونظيره الجزائري نهاية مارس/آذار الماضي صفحة الأزمة التي تفجّرت إثر لجوء الناشطة الجزائرية أميرة بوراوي إلى فرنسا عبر تونس.

وأشار تقرير سابق لصحيفة "لوموند" الفرنسية إلى أن "التأجيل تم بناء على رغبة جزائرية وذلك خشية من مظاهرات محتملة مناهضة للنظام من قبل أطراف من الجزائريين في فرنسا".

ووصف تبون في تصريح إعلامي سابق علاقة بلاده مع فرنسا بـ"المتذبذبة"، بينما أشارت تقارير إعلامية فرنسية إلى الجزائر انزلقت نحو الاستبداد والدكتاتورية على خلفية حملة القمع التي طالت العديد من النشطاء والمعارضين الجزائريين، مؤكدة أن وضع الحريات كان أفضل في عهد الرئيس الجزائري الراحل عبدالعزيز بوتفليقة.