ثورة التلاعب بالجينات تحاصر الميثان القادم من الأبقار

التقدم في عمليات الانتقاء في تربية المواشي يسمح الآن بتحديد سمات أبقار الغد، للتلاؤم مع احتياجات البشر البيئية والغذائية.

باريس - تفتح "الثورة المجين"، التي تتيح تحديد إمكانات الحيوان منذ ولادته، مجالات جديدة لانتقاء أبقار الغد، بما يسمح على سبيل المثال بتقليل انبعاثاتها من غاز الميثان، على ما يؤكد باحث.

في ما يلي نص المقابلة مع ديدييه بوشار، المتخصص في علم وراثة الأبقار في المعهد الوطني للبحوث في الزراعة والأغذية والبيئة في فرنسا.

سؤال: كيف تطورت عمليات الانتقاء في تربية المواشي منذ أكثر من نصف قرن؟

جواب: "سُجّل أول تطور كبير عبر وصول التلقيح الاصطناعي في خمسينات القرن العشرين. في البداية، كان ذلك لغايات صحية لأن المواشي الفرنسية كانت معتلّة للغاية، إذ تأثرت بشدة خصوصاً بمرض السل. ومن بين وسائل انتقال هذا الداء كانت الثيران التي تنتقل من قطيع إلى آخر.

في بداية الستينات، قلنا لأنفسنا +بما أننا نجري عمليات تلقيح، فمن الأفضل أن نفعل ذلك مع ثيران لها قيمة عالية+.

في البداية، كانت عمليات الانتقاء الحيواني تحصل بدرجة رئيسية لغايات الإنتاج (للحصول على المزيد من الحليب).

وفي الثمانينات، بدأنا في عمليات انتقاء من أجل نوعية الحليب وكميات الدهون والبروتين.

منذ التسعينات، كانت عمليات الانتقاء تتركز بشكل أساسي على السمات الوظيفية التي تؤثر على قوة البقرة وطول عمرها، والخصوبة، ومقاومتها لبعض الأمراض.

س: كيف يتم اختيار الثور للتكاثر؟

ج: "الثور لا ينتج حليباً، ولا يعاني من التهاب الضرع، ولا يحمل، ولا يواجه صعوبات مرتبطة بوضع الصغار... لذا كان علينا أن نخترع نظاماً لمعرفة ما يمكن له أن ينقله لبناته. هذا اختبار للذرية. بمجرد قياس أداء 50 من بناته، تلاحظون ما نقله إليها الثور وتحتفظون بأفضل (السمات الوراثية) لنشرها على نطاق أوسع (عن طريق التلقيح).

واستمر الأمر على هذا الشكل لفترة طويلة، وكان مكلفاً واستغرق خمس سنوات على الأقل (حيث كان يجب انتظار ولادة الإناث الأوائل وإنتاج الحليب). وفي النتيجة: كان هناك عدد قليل جداً من الثيران، وأجرى البعض أكثر من مليوني عملية تلقيح، وكانت هناك زيادة في حالات قرابة الدم.

وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حدثت ثورة المجين. وبات في الإمكان التنبؤ بالقيمة الوراثية للحيوانات فقط من خلال عينة حمض نووي.

وبمجرد أن تتمكن من إنشاء مجموعة مرجعية مكونة من بضع عشرات الآلاف من الأبقار، يمكنك اختيار الثور المستقبلي منذ ولادته تقريباً.

إحدى المزايا البارزة للاختيار الجينومي هي أن تكلفة الثور الواحد في السوق تصبح أدنى بكثير، لذلك يمكن استخدام الكثير من الثيران.

وهذه الوصفة الصحيحة لتجنب الزيادة السريعة في حالات قرابة الدم. ويُفترض أن تؤدي عمليات الانتقاء المجيني إلى قدر معين من الخصوصية لدى الثيران. هي جميعاً جيدة جداً، ولديها جميعاً خصائص ممتازة، وهناك عدد لا بأس به منها مع أداء سريع.

ولكن عندما يكون لديك ثور استثنائي، فإن الضغوط الاقتصادية تجعلك ترغب في الاستفادة من الوضع. أجد أن الزيادة في حالات قرابة الدم في +بريم هولستاين+ prim'holsteins (سلالة الأبقار الحلوب الأكثر انتشاراً) مثيرة للقلق بعض الشيء.

س: هل ما زال بإمكاننا تحسين وضع القطيع؟

ج: لا تزال الحيوانات عرضة للإصابة بالأمراض، ولديها أمد حياة غير كافٍ في رأيي، كما أنها تصدر كميات كبيرة من انبعاثات غاز الميثان.

الهدف هو البدء في عمليات الانتقاء للحد من انبعاثات غاز الميثان اعتباراً من نهاية عام 2024، مع ثيران ستنقل لابنتها المستقبلية القدرة على العمل مثل سائر أترابها، باستثناء أنها ستنتج كمية أقل من الميثان. ويُعتقد أنه مع عمليات الاختيار، يمكن تقليل انبعاثات غاز الميثان بنحو 1% سنويا.

إلى ذلك، من وجهة نظرنا، نرى أن الأبقار الفرنسية كبيرة أكثر من اللازم. إنه أمر ثقافي، الناس يحبون الأبقار الكبيرة ولكنها ليست فكرة جيدة لأن هذه الأبقار تأكل أكثر فتُنتج كميات أكبر من غاز الميثان.

وتزن البقرة حالياً 700 إلى 800 كيلوغرام. سيكون من الأفضل أن لو كان وزنها أقل بـ100 كيلوغرام، وهو أمر سهل جداً لأنه سمة وراثية جداً. لكن هناك الكثير من التردد، ومربو المواشي يفتخرون بأبقارهم الكبيرة، إذ يعتبرون الأمر جزءاً من هويتهم".