جهود علمية لتجنيد بكتيريا التربة في المعركة ضد السرطان

علماء يطورون طريقة تعتمد على تغطية فيروسات علاجية بـ'جزيئات مغناطيسية' ثم حقنها في الدم وتوجيهها بسرعة إلى الورم باستخدام مغناطيس يوضع على جسم المريض قبل أن تتمكن الدفاعات المناعية من إعاقة تقدمها.

لندن – يعد نهج علاجي ثوري جديد مستخلص من بكتيريا التربة باستئصال أورام الثدي والبروستاتا وغيرها عن طريق "مغناطيسات" تصنعها الأخيرة.

والمشروع الذي يشرف عليه باحثون من جامعة "شيفلد" البريطانية يعتمد عل إدخال عناصر مجهرية وموجة مغناطيسيا إلى دم المريض حتى تقوم بمهاجمة الأورام.

وحصدت جهود الفريق على جائزة "روغر غريفين" لاكتشاف أدوية السرطان.

ويعتمد المشروع العلاجي الجديد على التقدم المحرز في مجالين طبيين رئيسين؛ الأول يشمل الفيروسات التي تهاجم الأورام على وجه التحديد، والثاني الذي يركز على بكتيريا التربة التي تصنع المغناطيس الذي تستخدمه لمحاذاة نفسها في المجال المغناطيسي للأرض.

وقالت قائدة فريق البحث الدكتورة مونيتا مثنى، "نستخدم الحشرات كأدوية، ونأخذ فئة من الفيروسات التي تستهدف الأورام بشكل طبيعي، ونعمل على تطوير طرق لمساعدتها على الوصول إلى الأورام الداخلية من خلال استغلال البكتيريا التي تصنع المغناطيس، إنه نهج مزدوج ولدينا فيه الكثير من الأمل".

وأكدت الباحثة أن هناك أملا واعدا بالفعل في أن تتمكن هذه المقاربة العلاجية في التصدي للسرطان الذي يودي بحياة ملايين الأشخاص كل سنة.

والفيروسات المضادة للسرطان التي تتم الاستعانة بها من قبل فريق البحث تُعرف باسم "فيروسات حال الورم"، التي تحدث بشكل طبيعي.

ويمكن أيضا تعديلها لتحسين فعاليتها والحد من فرص إصابة الخلايا السليمة، وبعد الإصابة بفيروس "حال الورم"، تنفجر الخلية السرطانية وتموت.

وسبق لهيئة الغذاء والدواء الأميركية أن رخصت باستخدام فيروس معدل يعرف بـ"الهربس البسيط"، وهو يعدي ويقتل أورام السرطان، فيما يجري استخدامه في الوقت الحالي لأجل علاج "الميلانوما"، وهو سرطان جلدي

يريد فريق البحث البريطاني توسيع نطاق الأورام التي يمكن معالجتها بهذه الطريقة. وعلى وجه الخصوص، يريد العلماء استهداف سرطان الثدي والبروستاتا كأولوية.

الأمر يشبه ارتداء درع أو واقٍ

وقالت إحدى أعضاء الفريق الدكتورة فيث هوارد إن "المشكلة هي أن الفيروسات الحالة للأورام تجذب انتباه دفاعات الجسم المناعية، ويمكن فقط معالجة الأورام العميقة في الجلد بهذه الطريقة قبل أن يتم حظر الفيروسات بسرعة إلى حد ما بواسطة دفاعات الخلايا لدينا".

وللتخلص من هذه المشكلة، يرى فريق البحث البريطاني أن الحل هو تغطية الفيروسات بـ"جزيئات مغناطيسية"، مشيرين إلى أنه بحقنها في الدم، يمكن بعد ذلك توجيه هذه المقذوفات المجهرية بسرعة إلى الورم – باستخدام مغناطيس يوضع على جسم المريض – قبل أن تتمكن الدفاعات المناعية من إعاقة تقدمها.

وصرحت مثنى أن "الأمر يشبه ارتداء درع أو واقٍ، حيث تساعد المغناطيسات في حماية الفيروس لكنها تساعد أيضًا في استهداف الورم، نحن نضع مغناطيسًا على الورم والذي بدوره يجذب الفيروس إليه بسرعة وبشكل مباشر".

قالت هوارد إن قطر الفيروس المُحلل للأورام يبلغ حوالي 180 نانومترًا، بينما يجب أن يكون حجم المغناطيس حوالي 50 نانومترا، وأضافت "يمكن صنع هذه المغناطيسات الصغيرة في المختبر، لكننا وجدنا البكتيريا تقوم بعمل أفضل في تصنيعها مما نستطيع".

ووفقا لفريق البحث البريطاني، تصنع بعض أنواع بكتيريا التربة "جزيئات أكسيد الحديد النانوية" التي تسمى "مغناطيسومات". وتُستخدم هذه البوصلات كبوصلات تسمح للميكروبات بالتنقل في المجال المغناطيسي للأرض ومساعدتها في إيجاد الظروف المثلى لنموها وبقائها على قيد الحياة.

وتابعت هوارد "هذه المغناطيسات المجهرية التي تصنعها البكتيريا تتشكل بشكل مثالي ومناسبة بشكل مثالي للحزم المجهرية التي نحتاجها لاستهداف السرطانات العميقة".

وبعد تطوير التكنولوجيا، يعمل فريق البحث في جامعة شيفيلد الآن على ضمان قدرته على تصنيع الإمدادات الكافية حتى يمكن بدء التجارب السريرية على البشر قريبا.