حراك مكثف للخماسية لكسر جمود أزمة الشغور الرئاسي في لبنان

إعادة تشكيل السلطة اللبنانية تفتح الباب لاستئناف المفاوضات وبحث اقتراحات الوسيط الأميركي لمنع الانزلاق إلى الحرب مع اسرائيل في الجنوب.

بيروت – يشهد لبنان حراكا دبلوماسيا بين سفراء دول المجموعة الخماسية المعنية بالأزمة الرئاسية لتحريك الجمود الذي فرض على المشهد الداخلي منذ اندلعت المواجهات الميدانية على الحدود اللبنانية الاسرائيلية التي لا تزال تشكل الهاجس والأولية للقوى السياسية اللبنانية والغربية على حد سواء.

وتم تهميش ملف رئاسة الجمهورية بعد مرور 15 شهراً على الشغور الرئاسي، بينما يستمر التصعيد على الجبهة الجنوبية ويخشى اللبنانيون من الأسوأ، لكن يبدو أن حراكا نشطا يجري حاليا لعقد اجتماع لسفراء مجموعة اللجنة الخماسية السعودية وقطر ومصر وفرنسا والولايات المتحدة قريباً للبحث في ملف الرئاسة. والاتفاق على توجهات واضحة لإنجاز الانتخابات الرئاسية. والمهمة الأساسية هي توحيد الموقف بين الدول الخمس لتقديم مرشح يكون مقبولاً من غالبية القوى في الداخل والخارج.

ويعمل الدبلوماسيون من الدول الخمسة لإقناع الفرقاء اللبنانيين بانتخاب رئيس للجمهورية لأن ذلك يطلق مرحلة جديدة تعطي مساحة زمنية وفرصة لأن إنجاز الاستحقاق الدستوري، يسمح بالالتفات إلى اقتراحات قد يسعى المبعوث الأميركي إلى تحقيقها تحت عنوان التطبيق الكلي للقرار 1701 بإخلاء جنوب الليطاني من السلاح والمسلحين، أو بسحب ولو جزئي لمقاتلي حزب الله والسلاح الثقيل من منطقة الحدود لمسافة قد لا تصل إلى حدود نهر الليطاني، كي يعود مستوطنو الشمال الإسرائيلي إلى منازلهم، مع معالجة النقاط الحدودية المختلف عليها وانسحاب إسرائيل منها.

فالحراك الدبلوماسي يدور تحقيق إنجاز داخلي يستفيد منه لبنان. فانتخاب الرئيس خطوة إيجابية قد تساعد على دفع الإسرائيلي لمقابلتها بالمثل. فإعادة تشكيل السلطة اللبنانية تسمح بتسريع التفاوض حول اقتراحات الوسيط الأميركي لتفكيك عوامل الانزلاق إلى الحرب، فيمدد المهل بحيث تصبح تل أبيب قابلة لانتظار ثمار ملء الفراغ وقيام حكومة كاملة الصلاحيات.
وسيجري السفير السعودي في لبنان وليد البخاري اجتماعا مع رئيس مجلس النواب نبيه بري للتنسيق حول إمكانية انتخاب رئيس جديد للبنان، وذلك بعد جولة السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو على القيادات السياسية ومنها أيضاً بري حيث نقلت عنه وسائل إعلام لبنانية بأن اللجنة الخماسية قد وزعت الأدوار فيما بينها لكن النقطة الأساسية تبقى حول ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن لاتخاذ القرارات والجلوس إلى طاولة المفاوضات والتسويات في حال حصلت.

وتسعى فرنسا عبر موفدها الرئاسي جان إيف لودريان إلى إيجاد حل للملف العالق، ومن المتوقع أن تكون زيارة لودريان السادسة إلى لبنان أوائل فبراير/ شباط المقبل والذي سيشارك في الاجتماع المرتقب للجنة الخماسية والذي لم يحدد مكانه بعد إما في قطر أو السعودية مع نفي حضور الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين لهذا الاجتماع بحسب المعلومات.

وذكرت مصادر مطلعة أن فرنسا تدعو إلى عدم ربط هذا الإستحقاق بالتسويات الإقليمية في المنطقة لأنها تبدو بعيدة، كما تطالب الدول المعنية واللبنانيين بضرورة الاتفاق على آلية حل داخلي والقيام بالجهود اللازمة وعدم انتظار الخارج.

وسيكون للسفيرة الأميركية الجديدة في لبنان ليزا جونسون لقاءات مماثلة، بانتظار عودة الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني إلى لبنان لتجديد مساعيه.

وكشفت المصادر عن مؤشرات ومعطيات داخلية عبر إيحاءات خارجية يستفيد بري منها لإنجاز الاستحقاق الرئاسي مع إمكانية حصول خرق ما قد يؤدي إلى انتخاب الرئيس.

وحضر عمل اللجنة الخماسية المعنية بالملف اللبناني وعودة اجتماعاتها، في لقاء السفير السعودي البخاري مع نظيره الإيراني مجتبى أماني حيث أوضح البخاري أنّ اللقاء يندرج في إطار التقارب والتنسيق السعودي الإيراني.

وداخلياً تعمل القوى السياسية لا سيما المعارضة منها بطريقة يحكمها الصمت عبر اجتماعات ومشاورات ولقاءات يقوم بجزء منها النائب غسان سكاف لطرح مبادرة ومقاربة مختلفة تتعلق بأسماء جديدة قد تدخل السباق الرئاسي عبر ما يسمى المرشح الثالث وهو ما كان لودريان قد طرحه في زيارته ما قبل الأخيرة إلى لبنان.

وينتظر اللبنانيون نواب مجلس الشعب للإتفاق على مرشحين للسباق الرئاسي ودعوة رئيس المجلس النيابي إلى جلسة مفتوحة لانتخاب رئيس جديد قبل حصول حرب في حال تدهور الأمور في الجنوب، في ظل الشغور الرئاسي والأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية المستفحلة، وبوجود حكومة غير قادرة على اتخاذ قرار الحرب والسلم والذي لا يزال بيد حزب الله المتمسك بمرشحه وينتظر ما ستؤول إليه الأوضاع في غزة بعد مساندته لها وما سينتج عن التسويات الإقليمية من أجل إعادة التوازن لتأتي بعدها التفاهمات في المنطقة.