التطبيع محور نقاشات بلينكن في السعودية بالتزامن مع القمة الاقتصادية

من المرجح أن تربط السعودية علاقات مع إسرائيل بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لكن ثمن التطبيع ارتفع خاصة على الجبهة الفلسطينية.
الجدعان: المنطقة تحتاج للتركيز على شعوبها ونموها واقتصادها عوضا عن السياسة

الرياض – من المتوقع أن تتصدّر الحرب في غزة ومنسوب التوتر المرتفع في الشرق الأوسط الاهتمام والنقاش في اجتماع خاص للمنتدى الاقتصادي العالمي ينطلق في السعودية، بينما يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن فرص التوصل إلى اتفاق تاريخي طويل الأمد تعترف بموجبه المملكة بإسرائيل.

وحذّرت السعودية من تداعيات الحرب في غزة على الاقتصاد العالمي، داعية إلى عدم التصعيد في النزاع الدامي المستمر منذ قرابة سبعة أشهر.

وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان في كلمته أمام المنتدى “حين يكون هناك نزاعات في منطقتك فإنها تضع الكثير من الضغوط على المشاعر والمزاج وليس سرا أنّ الاقتصاد يتأثر بالمزاج” العام.

وأضاف “في السعودية وخلال السنوات القليلة الماضية وضعنا هدفا استراتيجيا واضحا وهو خفض التصعيد في المنطقة”. وتابع أنّ “المنطقة تحتاج إلى الاستقرار. المنطقة تحتاج حقيقةً للتركيز على شعوبها ونموها واقتصادها عوضا عن السياسة والنزاعات”.

وسيحاول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وقادة فلسطينيون ومسؤولون رفيعو المستوى من دول أخرى التوسط لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس خلال القمة المقررة في الرياض، عاصمة أكبر بلد مصدّر للنفط الخام في العالم.

والسبت، أعلنت حركة حماس أنّها “تدرس” ردّ إسرائيل على اقتراح بشأن هدنة محتملة في غزّة مرتبطة بإطلاق سراح رهائن محتجزين بالقطاع، غداة وصول وفد مصري إلى إسرائيل في محاولة لاستئناف المفاوضات المتعثرة.

بلينكن يناقش خلال زيارته للرياض الاثنين والثلاثاء فرص ممر إلى دولة فلسطينية مستقلة مع ضمانات أمنية لإسرائيل.

وأعرب رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغ بريندي “هناك زخم جديد الآن في المحادثات بشأن الرهائن وأيضا من أجل مخرج محتمل من المأزق الذي نواجهه في غزة”، من دون أن يذكر مزيدا من التفاصيل.

ومع ذلك، لن تكون هناك مشاركة إسرائيلية في القمة، وأشار بريندي إلى أن الوساطة الرسمية التي تشمل قطر ومصر تتكشف في أماكن أخرى.

وأضاف بريندي “ستكون هناك مناقشات بالطبع حول الوضع الإنساني الحالي في غزة” و”ستتم مناقشة الجوانب الإقليمية أيضا مع إيران” التي تدعم حركة حماس وحزب الله اللبناني، خلال ما “يمكن أن يصبح اجتماعا بالغ الأهمية”.

ومنذ نشوب الحرب، عملت السعودية مع القوى الإقليمية والعالمية الأخرى لمحاولة احتواء الحرب في غزة وتجنب أن تؤدي، مع التداعيات الإقليمية المحتملة لها، إلى عرقلة أجندة الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي الطموحة التي تتبناها المملكة والمعروفة باسم “رؤية 2030”.

وقال وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم في مؤتمر صحافي السبت عشية المنتدى إنّ “العالم يسير اليوم على حبل مشدود، ويحاول تحقيق التوازن بين الأمن والازدهار”. وتابع “إننا نجتمع في لحظة يؤدي فيها سوء التقدير أو الحسابات الخاطئة أو سوء الفهم إلى تفاقم التحديات التي نواجهها”.

وأفادت الخارجية الأميركية أن بلينكن سيناقش خلال زيارته للرياض الاثنين والثلاثاء في "ممر إلى دولة فلسطينية مستقلة مع ضمانات أمنية لإسرائيل". فيما يستعد الأميركيون للانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر والتي سيختارون خلالها ما إذا كانوا سيمنحون بايدن البالغ 81 عامًا ولاية ثانية، ما قد يؤخر التقدم الذي تم إحرازه في مسار التطبيع المحتمل بين المملكة والدولة العبرية.

ولم تعترف السعودية مطلقًا بإسرائيل، لكنها كانت في طريقها إلى ذلك قبل هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، فيما تستمر المحادثات حول صفقة من شأنها أن تؤدي لاعتراف المملكة التي تضم الأماكن المقدسة لدى المسلمين، بالدولة العبرية، وتتضمن أيضًا تعزيز الرياض وواشنطن شراكتهما الأمنية.

وفي أيلول/سبتمبر الماضي، تحدث ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بتفاؤل عن الصفقة، في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز، لكن محللين يقولون إن الحرب جعلت الأمر راهنا أكثر صعوبة.

وقالت السفيرة السعودية لدى واشنطن الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في كانون الثاني/يناير، إن التطبيع سيكون مستحيلاً من دون مسار “لا رجعة فيه” نحو إنشاء تلك الدولة.

ويرى المحلل السعودي عزيز الغشيان إنه ليس من المستغرب أن تربط السعودية إقامة علاقات مع إسرائيل بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لكن “ثمن التطبيع، خاصة على الجبهة الفلسطينية، ارتفع بالتأكيد”.

ويؤكد أن “ما يمكن قوله هو أنه يجب أن يكون هناك شيء ملموس أكثر من كونه نظريًا… بعبارة أخرى، (ينبغي أن يتوافر) المزيد من الخطوات الواضحة التي لا رجعة فيها، وليس مجرد وعود”.

بدورها، تقول إلهام فخرو من معهد “تشاتام هاوس” البريطاني إن نفوذ قادة السعودية الذي يعززه وضعهم كزعماء للعالم الإسلامي، لم يكن يومًا موضع شك.

وتؤكد أنّ “السعودية تدرك مدى رغبة إدارة بايدن في التوصل إلى اتفاق”، مضيفةً “أنها تدرك أيضًا أنه لا توجد دولة عربية أخرى تتمتع بالقدر نفسه من النفوذ الذي تتمتع به هي للضغط من أجل الفلسطينيين”.

وفي الوقت نفسه، تحاول المملكة الخليجية المحافظة الانفتاح على العالم، وجذب كبار رجال الأعمال والسياح بمعزل عن السياحة الدينية.

وتُعدّ استضافة الأحداث الدولية، مثل اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يستمر يومين، فرصة لعرض التغييرات الاجتماعية بما في ذلك إعادة فتح دور السينما ورفع الحظر على قيادة المرأة للسيارات وارتداء العباءة السوداء وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل.

وقال الوزير الإبراهيم “بعد مرور ثماني سنوات على رؤية 2030، أظهرنا استعدادنا لقيادة الطريق نحو نموذج للنمو التحوّلي يكون مبتكرًا وشاملًا ومستدامًا. وقد شهدنا بعض النتائج”.

مع ذلك، لا تزال هناك أسئلة حول مقدار ما سيتم تحقيقه من رؤية 2030، ومتى بالتحديد، مع فرض تدقيق خاص على المشاريع المميزة مثل نيوم، المدينة المستقبلية الضخمة البالغة كلفتها التقديرية عشرات المليارات من الدولارات.

وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، قال وزير المالية محمد الجدعان إن مواعيد إنجاز بعض المشاريع الكبيرة ستُؤجّل إلى ما بعد 2030 من دون تحديد أيّ منها.

وقال “بعض المشاريع يمكن تمديدها لمدة ثلاث سنوات – لذلك نحن في عام 2033 – سيتم تمديد بعضها حتى عام 2035، وسيتم تمديد بعضها إلى ما هو أبعد من ذلك، وسيتم ترشيد البعض الآخر”.