خامنئي يبعث برسائل طمأنة لدول الجوار وأخرى لتهدئة توترات الداخل

المرشد الأعلى علي خامنئي يثني على سياسة ابراهيم رئيسي الخارجية وتقاربه مع دول الجوار، في إشارة إلى السعودية، دون أن ينسى تصويب سهامه للغرب وعقوباته.

 

طهران –  شدد المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي على أهمية التقارب مع دول الجوار، مثنيا على "إيجابيات" الحكومة بهذا الشأن، ملمحا إلى أنها تغطي على تقصير الحكومة تجاه المشاكل الداخلية.
وقال خامنئي أن تحرك الحكومة في مجال السياسة الخارجية كان تحركاً جيداً، موضحاً أن سياسة التواصل مع الجيران هي سياسة جيدة وينبغي مواصلتها.
ولفت إلى أنه "مهما كان الصراع يجب تحويله إلى تعاون، وهذا شيء ممكن وقد تم إلى حد ما"، مضيفاً أنه يجب أن يتم التواصل مع جميع حكومات العالم التي ترغب في التواصل مع إيران، باستثناء محدود وهو واضح.
ويشير المرشد الأعلى بشكل خاص إلى اتفاق المصالحة بين السعودية وإيران برعاية صينية والذي يعتبر نقطة تحول مهمة في المنطقة حيث سعت إيران إلى تنشيط دبلوماسية الجوار لتحقيق انفراج إقليمي وتحسين التواصل مع الغرب.
ويؤكد مراقبون أن هذا الاتفاق ما يزال رهين التزام طهران بتعهداتها بشأن القضايا العالقة، فيما المؤشرات تذهب إلى نية طهران السير بهذا الاتجاه، وهو ما ظهر جليا خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى الرياض ولقائه نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وتصريح عبداللهيان، "إن العلاقات مع الرياض تسير في الاتجاه الصحيح، وبإمكان البلدين العمل على حل كافة الموضوعات الإقليمية العالقة".
وتدرك السلطات الإيرانية جيدا أن الصراعات التي أقحمت الشعب بها، تثير استياء المواطنين الذين سئموا الحروب وما تسببت به من أزمات خانقة وعزلة فرضت عليها، لذلك يعتبر التقارب مع السعودية بمثابة متنفس من هذه العزلة.
وفي الوقت الذي أكد فيه خامنئي على أهمية التقارب مع دول الجوار، صوب سهامه نحو الغرب وألقى باللوم على العقوبات الدولية المفروضة على طهران، في التسبب بالأزمة المعيشية التي تعيشها البلاد، وذلك بعد يوم واحد من  تصريحات رئيسي الذي قلل من أهمية هذه العقوبات وتأثيرها على الاقتصاد الإيراني.
وأفاد خامنئي، إن معظم العقوبات تهدف إلى ارتهان معيشة المواطنين الإيرانيين، مشددا  على ضرورة تحييد العقوبات إلى جانب المفاوضات.
وحاول إمساك العصا من المنتصف في التعامل مع حكومة رئيسي، التي حملها أيضا جزءا من المسؤولية في المشكلات المعيشية للمواطنين قائلا أن سياساتها "طغت عليها مشكلات معيشية مثل ارتفاع الأسعار، والسكن، والإيجار"، وفي نفس الوقت أشاد بـ"الإجراءات الإيجابية" لهذه الحكومة.
وأضاف المرشد الأعلى الأربعاء في لقاء مع رئيسي وأعضاء حكومته بمناسبة "أسبوع الحكومة"، أن "معظم العقوبات تستهدف معيشة المواطنين"، منوها "من الضروري الحد من التضخم المنفلت قدر الإمكان".
وجاءت هذه التصريحات حول تأثير العقوبات على معيشة الشعب الإيراني، مناقضة لحديث رئيسي، مرارا وتكرارا، عن عدم فاعلية العقوبات الأميركية.
ويرى متابعون أن خامنئي يحاول التوجه للمواطن الإيراني وإظهار نفسه كمتفهم لمشاكله وأنه لا يوافق الحكومة على جميع سياساتها المتجاهلة لمعاناته، لكنه في نفس الوقت لم يصل إلى تأييد الانتقادات ضد الحكومة، فيما حديثه عن "الإيجابيات الخارجية" خصوصا الاقتصادية منها ليست إلا مسكنات لمنح المواطنين الأمل بتحسين أوضاعهم المتردية.
وأعرب عن وقوفه ضد منتقدي حكومة رئيسي، بوصف كل الانتقادات ومنها التي عبّر عنها المسؤولون في النظام الإيراني أنفسهم، بأنها "تهدف إلى تشويش الأجواء"، وطالب الحكومة بعدم الالتفات إليها. وقال إنه في بعض الأحيان تتخذ الحكومة القرار الصحيح، لكن "بعض الناس لا يحبون ذلك، ويثيرون الجدل".
وأشار إلى أن الانضمام إلى اتفاقيتين دوليتين مهمتين في فترة زمنية قصيرة يعتبر نجاحاً جيداً. في إشارة إلى منظمتي "بريكس" و"شنغهاي". وشدد على ضرورة كبح التضخم في البلاد، مشيراً إلى أنّه "من أهم مؤشرات نجاح تحييد الحظر".
يأتي ذلك في وقت، انضمت إيران ومعها خمس دول كأعضاء كاملي العضوية إلى مجموعة "بريكس".
وأدت السياسات الاقتصادية لحكومة رئيسي إلى تجمعات احتجاجية في كل أنحاء البلاد، وقبل أيام، أعلن البنك الدولي في تقريره الأخير عن المخاطر الداخلية والخارجية "الكبيرة" التي تهدد الاقتصاد الإيراني على المدى المتوسط، فضلا عن ارتفاع معدل التضخم واستمرار البطالة في البلاد.
وتناول التقرير، الذي يحمل عنوان "نمو معتدل وسط عدم اليقين الاقتصادي"، مسألة البطالة والفقر إلى جانب معدل التضخم الجامح في إيران، وقال إن التضخم عام 2022 كان فوق 40 بالمئة للعام الرابع على التوالي، وسيستمر معدل التضخم المرتفع.
وذكر التقرير أنه "في الداخل، هناك خطر تصاعد التوترات الاجتماعية والإضرابات على الإنتاج". كما أن "استمرار انقطاع شبكة الإنترنت يمكن أن تكون له آثار مدمرة طويلة الأجل على العمالة والأنشطة الاقتصادية، لا سيما في قطاع الخدمات".
ويأتي تقييم هذه البنك الدولي عن ارتفاع التضخم والفقر والبطالة، في حين ادعى وزير العمل الإيراني، صولت مرتضوي، في 20 أغسطس، أنه "تم القضاء على جزء كبير من الفقر المدقع".
كما أعلن مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني، في شهر يونيو الماضي في تقرير له أنه في الفترة ما بين عامي 2011 و2021، تمت دخول حوالي 11 مليون شخص إضافي إلى عدد السكان الفقراء في البلاد.