خلافة الحلبوسي في رئاسة البرلمان تؤجج الانقسام بين المكون السنّي

ملف رئيس البرلمان لازال ضبابيا رغم وجود توجه برلماني نسبي لإناطة المنصب لحزب تقدم مرة أخرى باعتباره استحقاق سني، فيما تطرح كتل سياسية انتقال منصب رئاسة البرلمان بين المحافظات.

بغداد -  تسيطر المخاوف على العملية السياسية الهشة في العراق، بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وسط مشهد ضبابي لا تتضح فيه الرؤية بشأن متى وكيف سيتم اختيار البديل للمنصب مع الحديث عن انقسام طائفي بين السنة، مشابهاً للانقسامات داخل الشيعة والكرد أيضاً.

ويجمع المتابعون للمشهد السياسي بأن الإطاحة بالحلبوسي شكلت"صدمة سياسية"، مع اقتراب انتخابات مجالس المحافظات.
ورجح عضو اللجنة القانونية النيابية يوسف السبعاوي انتخاب رئيس جديد للبرلمان بدلا من الرئيس السابق محمد الحلبوسي بعد إجراء الانتخابات المحلية، المقررة في 18 كانون الأول/ديسمبر المقبل.

وقال السبعاوي لوكالة شفق نيوز، إن "ملف رئيس البرلمان لازال ضبابيا رغم وجود توجه برلماني نسبي لإناطة المنصب لحزب تقدم مرة أخرى باعتباره استحقاق سني وليس كتلوي وأن تقدم تشكل الكتلة السنية الأكبر في البرلمان".

ولم يستبعد السبعاوي أي مستجدات من قبل الكتل السنية بالدفع بمرشح لرئاسة البرلمان العراقي، لكنه استبعد في ذات الوقت انتخاب رئيس جديد قبيل إجراء الانتخابات المحلية بسبب آليات وإجراءات الانتخاب الدستورية.

وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أعلى سلطة قضائية في البلاد، في (14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023) قرارا بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، أبرز سياسي سني عراقي، في خطوة أتت بناء على دعوى "تزوير" تقدم بها أحد النواب.

وجاء في البيان الذي نشر على الموقع الرسمي للمحكمة أنها "قررت إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد ريكان الحلبوسي اعتبارا من تاريخ صدور الحكم في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2023". كما اتخذت المحكمة قرارًا مماثلًا بحق النائب ليث مصطفى حمود الدليمي الذي أقام الدعوى.

وأكد رئيس المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق جاسم محمد عبود، أول الخميس، أن قرار إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، مُلزم لجميع السلطات ولا يخضع للطعن القانوني.

وينشغل المكون السني في التنافس لنيل المنصب، فقد قدم تحالف "الحسم" الذي يضم بعض القوى السنية في العاصمة بغداد والمنافس لتحالف "تقدم" بقيادة الحلبوسي، وتحالف "عزم" بقيادة خميس الخنجر، ثلاثة مرشحين لمنصب رئيس البرلمان، ليصبح المرشحون الثلاثة هم طلال الزوبعي ومحمود المشهداني وسالم العيساوي.

في حين كشف عضو مجلس النواب أحمد الجبوري عن موعد فتح باب الترشيح لمنصب رئيس البرلمان والمرشحين له وطبيعة التصويت.

بدوره، تحدث القيادي في تحالف السيادة عيسى العيساوي، عن إمكانية صعوده إلى مجلس النواب العراقي، لشغل مقعد الحلبوسي. وقال إنه الاحتياط الأول عن الدائرة الأولى في محافظة الأنبار، التي كان فيها محمد ريكان الحلبوسي، وحسب قانون المفوضية العليا للانتخابات فإن أي نائب تسقط أو تنتهي عضويته يحل المرشح الاحتياط بديلاً عنه. وأضاف "بما أن المحكمة الاتحادية قررت إنهاء عضوية الحلبوسي، فحسب القانون سأكون بديلاً عنه لشغل المقعد البرلماني عن الدائرة الأولى في قضاء الفلوجة بمحافظة الأنبار".

وتابع "بعد انتهاء الإجراءات الإدارية بين مفوضية الانتخابات والمحكمة الاتحادية ومجلس النواب، سأذهب إلى مجلس النواب لأداء القسم الدستوري والحصول على عضوية البرلمان".

كذلك أجرت قيادات في تحالف "العزم" لقاءات واتصالات مع زعماء في "الإطار التنسيقي" للترتيب للحصول على منصب رئاسة البرلمان.  بينما لم يكشف تحالف "السيادة" الذي يضم كذلك "تقدم"، و"المشروع العربي" بزعامة خميس الخنجر، عن أي توجه له لتقديم بديل للحلبوسي الذي ما زال يطمح إلى العودة للمنصب رغم إقالته قضائياً.

وتطرح بعض الكتل انتقال منصب رئاسة البرلمان بين المحافظات، بمعنى أن رئيس البرلمان كان من الأنبار، وقبلها من ديالى والأسبق من نينوى، فيجب أن يكون الآن من صلاح الدين أو بغداد، في الوقت الذي ترفض فيه قوى أخرى هذا الطرح.

وبعد الجدل حول أسباب إقالة الحلبوسي وتشكيك بعض القوى بمصداقيتها، كشفت المحكمة الاتحادية العليا بالعراق، الأحد، عن فحوى قرارها المتضمن إبعاد الحلبوسي عن منصبه، وكذلك إبعاد النائب ليث الدليمي بصفته عضوا في البرلمان.

وقالت المحكمة الاتحادية العليا، في بيان مفصل بحيثيات قرارها إن الحلبوسي ارتكب جريمة التزوير في قضية قبول استقالة النائب السابق، ليث الدليمي، معتبرة أن "قيام رئيس أي حزب بإجبار المرشحين على الاستقالة مخالفة دستورية".

وذكرت في قرارها أن استقالة الدليمي تمت تحت الضغط من رئيس كتلته محمد الحلبوسي، من خلال ورقة بيضاء وقعها الدليمي، من دون تاريخ لضمان إعادة الأموال المستخدمة في الحملات الانتخابية إلى رئيس الكتلة، مشيرة إلى أن هذه الورقة تم توقيعها في الدورة النيابية الماضية الرابعة، وليست الحالية الخامسة. 

وتابعت المحكمة أن "الدليمي تفاجأ بصدور إعلان نيابي باستقالته، مشيرة إلى أن حالات كهذه يجب أن تمر على النواب وتحظى بموافقة الأغلبية ويتم التصويت عليها، وليس من صلاحيات رئيس المجلس التوقيع والموافقة عليها، إلا بعد موافقة أعضاء مجلس النواب وبرغبة وإرادة المستقيل".

وأشارت المحكمة إلى أن الحلبوسي ارتكب مخالفات تزوير من خلال تغيير تواريخ الاستقالة من 2022 إلى 2023.  وشددت أن "قيام أي رئيس حزب بإجبار المرشحين التابعين لها بتقديم طلبات استقالاتهم والاحتفاظ بها واستخدامها متى شاء، يخالف القيم والمبادئ الدستورية"، مضيفة أن "البرلمان لا يختزل برئيس مجلس النواب".