رسالة طمأنة من رئيس السنغال الجديد لا تهدئ مخاوف فرنسا

الرئيس الفرنسي يعبر عن تطلعه للعمل مع رئيس السنغال الجديد الذي سبق ووعد بتنويع شركاء بلاده.

دكار - طمأن الفائز بالانتخابات الرئاسية في السنغال باسيرو ديوماي فاي شركاء بلاده "المحترمين" بأنّها ستظلّ "الحليف الآمن والموثوق به"، وذلك في أول خطاب يلقيه منذ الزلزال السياسي الذي أحدثه فوزه التاريخي من الدورة الأولى.

ولا تحجب رسالة الطمأنة مخاوف غربية من تأثر نفوذها خاصة وأن فاي سبق أن وعد في حملته الانتخابية بتنويع شركاء بلاده لتعزيز جهود التنمية، فيما يبدو إشارة لفرنسا التي تتمتع بنفوذ قوي في السنغال وكانت ترتبط مع الرئيس السابق بعلاقات وثيقة.

وخسرت باريس الكثير من نفوذها في منطقة الساحل الافريقي بعد أن أجبرتها مجالس عسكرية تحكم في كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو على المغادرة وانهاء وجودها العسكري بعد أن علقت اتفاقيات التعاون معها.

وتتوجس فرنسا التي تنشط شركاتها في قطاعات حيوية في السنغال مثل التعدين من أن يشكل فوز فاي حلقة أخرى من حلقات انحسار نفوذها بينما تعزز روسيا والصين تمددهما في المنطقة من بوابة التعاون الاقتصادي والعسكري إلى جانب استثمارهما للفراغات التي خلفها انحسار نفوذ القوى الغربية وفي مقدمتها باريس.

وقال الرئيس المنتخب في خطاب متلفز "أودّ أن أقول للمجتمع الدولي ولشركائنا الثنائيين والمتعدّدي الأطراف إنّ السنغال ستحتفظ بمكانتها دائما وستظلّ البلد الصديق والحليف الآمن والموثوق به لأيّ شريك سينخرط معنا في تعاون شريف ومحترم ومثمر للطرفين"، مضيفا أنّه يعتزم العمل من أجل إحداث تغييرات داخل الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس).

والسنغال التي تتمتّع بالاستقرار خلافا لجاراتها تُعتبر أحد ركائز هذه المنظمة الإقليمية التي هزّتها منذ 2020 انقلابات عسكرية في العديد من دولها الأعضاء.

وفي خطابه قال الرئيس المنتخب "أطلق نداء لإخواننا وأخواتنا الأفارقة للعمل معا من أجل تعزيز المكاسب التي تمّ تحقيقها في عمليات تحقيق التكامل في الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مع تصحيح نقاط الضعف وتغيير بعض الأساليب والاستراتيجيات والأولويات السياسية"، مشددا على أنّه بانتخابه "اتّخذ الشعب السنغالي خيار القطيعة" مع النظام القائم في البلاد.

وعلى الصعيد الداخلي، أشار إلى أنّ "المشاريع ذات الأولوية" في عهده ستكون "المصالحة الوطنية وإعادة بناء المؤسسات" بالإضافة إلى "تخفيض كبير في تكاليف المعيشة"، مضيفا "أنا ملتزم بالحكم بتواضع وشفافية وبمحاربة الفساد على المستويات كافة".

وفاي الذي بلغ لتوّه الرابعة والأربعين ولم يسبق له أن تولّى أيّ منصب وطني منتخب سيصبح خامس رئيس للسنغال وأصغر الرؤساء سنّا في البلد الواقع في غرب أفريقيا ويبلغ عدد سكّانه 18 مليون نسمة.

وهنّأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فاي على فوزه، مؤكّدا أنّه يتطلّع إلى "العمل معه".

وفي رسالة نشرها على حسابه في منصة إكس قال ماكرون "تهانينا لباسيرو ديوماي فاي على انتخابه رئيسا لجمهورية السنغال. أتمنّى له كل التوفيق وأتطلّع إلى العمل معه".

وفرنسا، المستعمر السابق للسنغال وشريكه السياسي والاقتصادي الأول، تأمل في الحفاظ على علاقات متينة مع هذا البلد بعد الانتكاسات العديدة التي منيت بها في المنطقة، لا سيّما في مالي وبوركينا فاسو والنيجر حيث اضطرت إلى قطع كل أشكال التعاون العسكري مع هذه الدول الثلاث.

وأشادت الثلاثاء بعثات المراقبة التي نشرتها الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) والاتحاد الأوروبي في السنغال بحسن سير الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الأحد المعارض للنظام باسيرو ديوماي فاي بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات.

وقال إبراهيم غمبري رئيس بعثة الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في مؤتمر صحافي في دكار "تمت عملية التصويت بشكل عام من دون مشاكل وفي جو سلمي إلى حد كبير".

وتحدّثت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي مالين بيورك خلال لقاء منفصل مع الصحافيين عن "انتخابات جيدة التنظيم ومفتوحة، أظهرت صلابة المؤسسات الديمقراطية السنغالية". وقالت "بشكل عام، كان التصويت منظما على نحو جيد وتمكن الناخبون من الاختيار بحرية في جو سلمي ومنظم". ونشرت اكواس 130 مراقبا والاتحاد الأوروبي 100 مراقب.

وتعد السنغال المعروفة باستقرارها، إحدى ركائز الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي هزّتها منذ العام 2020 انقلابات في دول أعضاء عديدة ودول مجاورة. ومن المتوقع أن تُعلن النتائج الرسمية الأولية هذا الأسبوع. وأقرّ معارضو فاي وكذلك الرئيس ماكي سال بانتصاره.

وشهدت البلاد منذ 2021 فترات من الاضطرابات نتيجة الصراع الشرس بين السلطة والمعارض عثمان سونكو الذي دعم ترشيح فاي بعدما أُبطل ترشحه.

وعرفت السنغال أخطر أزمة تشهدها منذ عقود حين أعلن الرئيس سال في الثالث من فبراير/شباط تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في 25 من الشهر نفسه. وأسفرت الاضطرابات المتتالية عن سقوط عشرات القتلى خلال ثلاث سنوات، فيما اعتُقل المئات.