زلزال سوريا وتركيا يخلّف ملايين المشردين

وكالات الإغاثة الدولية تواجه تحدي إيواء منكوبي الزلزال الذين وجدوا أنفسهم مشردين لا مأوى لهم.
الأمم المتحدة تناشد العالم جمع أكثر من مليار دولار لدعم عملية الإغاثة في تركيا
المشردون بفعل الزلزال يواجهون بردا شديدا يضيف معاناة لمعاناتهم
عدد النازحين جراء الزلزال في الشمال السوري بلغ 171 ألفا

أنقرة - خلّف الزلزال الذي عصف بتركيا وسوريا ملايين المشردين الذين بات الكثير منهم يتخذون من الخيام أو المساجد أو المدارس أو السيارات مأوى لهم، ما يمثل تحديا جديدا لوكالات الإغاثة الدولية التي تكثف جهودها لإيواء منكوبي الكارثة التي أودت بحياة أكثر من 43 ألف شخص، خاصة مع اقتراب إعلان نهاية مرحلة الإنقاذ وتضاؤل الآمال في العثور على ناجين جدد.

وصار ملايين الأتراك مشردين في بلادهم التي تمثل مأوى لملايين النازحين السوريين، فيما أعربت السلطات التركية في مناسبات عديدة عن قلقها حيال كثافة تواجد السوريين في عدد من المدن.

وأعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد" ارتفاع عدد وفيات الزلزال جنوبي البلاد إلى 38 ألفا و44 شخصا، مشيرة إلى أن المنطقة شهدت 4 آلاف و734 هزة ارتدادية عقب الزلزال.
ولفتت إلى مواصلة 29 ألفا و160 منقذا أعمال البحث والإنقاذ بالمنطقة يساندهم في ذلك 11 ألفا و488 منقذا من دول أخرى، مضيفة أن إجمالي عدد طواقم الإغاثة والطبابة والمتطوعين وغيرهم في مناطق الزلزال يصل إلى أكثر من 264 ألف شخص.
كما تجري أعمال البحث والإنقاذ بإسناد من 121 مروحية و78 طائرة تعمل كـ"جسر جوي" في نقل الأفراد والمستلزمات إضافة إلى 26 سفينة تقوم بذات الوظيفة، في حين تمت إقامة أكثر من 172 ألف خيمة لإيواء منكوبي الزلزال مؤقتا في المنطقة، مع تقديم الدعم النفسي لـ498 ألفا و225 ناجٍ من الزلزال.

وأسهم متطوعون وفاعلو خير في تأمين خيام لآلاف المتضررين من الزلزال في بلدة جنديرس التابعة لمدينة عفرين السورية وهي أكثر المناطق المتضررة من الزلزال حيث تصدعت مئات المنازل وتهدم عدد كبير منها، كما قتل أكثر من 500 شخص في البلدة وأصبح الآلاف بلا مأوى.
وأقام المجلس المحلي للمدينة والمنظمات الإنسانية المحلية مراكز إيواء مؤقتة للمتضررين من الزلزال، فيما لجأ آخرون إلى خيام بمساعدة متطوعين وفاعلي خير وبينما يعيش النازحون من بيوتهم بفعل الزلزال أسى فقدان أقربائهم وخسارة بيوتهم، فإنهم يواجهون بردا شديدا يضيف معاناة لمعاناتهم، منتظرين من يساعدهم لإعادة بناء منازلهم.

وناشدت الأمم المتحدة الخميس العالم جمع أكثر من مليار دولار لدعم عملية الإغاثة في تركيا وذلك بعد يومين من إطلاق نداء لجمع 400 مليون دولار للسوريين.

وقال الرئيس السوري بشار الأسد في أول كلمة له نقلها التلفزيون منذ وقوع الزلزال إن مواجهة الكارثة تتطلب موارد تتجاوز إمكانيات الحكومة، بينما لم تذكر تركيا ولا سوريا عدد الذين لا يزالون في عداد المفقودين.

معاناة المشردين تتعمق أمام محدودية إمكانيات وكالات الإغاثة الدولية
معاناة المشردين تتعمق أمام محدودية إمكانيات وكالات الإغاثة الدولية

وقال مارتن جريفيث منسق الأمم المتحدة للإغاثة الذي زار تركيا الأسبوع الماضي إن المواطنين "يعانون حزنا لا يوصف"، مضيفا أنه "يجب أن نقف معهم في أحلك أوقاتهم ونضمن حصولهم على الدعم الذي يحتاجون إليه".

ويتزايد الغضب وسط العائلات التي ما زالت تنتظر خروج ذويها المفقودين، موجهة اتهامات إلى الحكومة محملة إياها مسؤولية التغافل عن فساد ممارسات البناء نتج عنه انهيار آلاف المنازل والشركات.

 وعلى الجانب الآخر من الحدود في سوريا دمر الزلزال منطقة مزقتها الحرب الأهلية الدائرة منذ نحو 12 عاما، فيما قالت الحكومة السورية إن عدد القتلى في الأراضي الخاضعة لسيطرتها بلغ 1414.

وأشارت تقارير إلى أن أكثر من أربعة آلاف شخص لقوا حتفهم في الشمال الغربي الخاضع لسيطرة مقاتلي المعارضة، لكن رجال الإنقاذ يقولون إنه لم يتم العثور على أي شخص على قيد الحياة هناك منذ التاسع من فبراير/شباط.

وقالت منظمة سورية تطوعية إن عدد النازحين جراء الزلزال شمال غربي البلاد بلغ 171 ألفا و843 شخصا في حصيلة غير نهائية.
وذكرت منظمة "منسقو استجابة سوريا" (محلية إنسانية) في بيان أن "المساعدات الأممية ما زالت ضمن الحدود الدنيا وبلغ عددها خلال أسبوع واحد 114 شاحنة فقط 93 في المئة منها عبر معبر باب الهوى رغم افتتاح معبرين إضافيين"، موضحة أنه "من المتوقع دخول 24 شاحنة أممية من معبري باب الهوى وباب السلامة".
وتحدثت عن "استياء عام في المنطقة من تأخر وصول المساعدات الإنسانية من الأمم المتحدة"، مشيرة إلى أن "المساعدات الأممية لم تتجاوز 25 بالمئة من مجمل المساعدات التي دخلت شمالي غربي سوريا".
وانتقدت ما وصفته بـ"التسييس الكبير للمساعدات الإنسانية الواردة وخاصة الأممية وتوجيه كميات هائلة من المساعدات الإنسانية إلى مناطق النظام السوري الذي يحصل على 90 في المئة من المساعدات الخاصة بمنكوبي الزلزال"
وتابعت "استطاعت منظمات المجتمع المدني المحلية شمال غرب سوريا امتصاص الصدمة الأولى لكن ضعف توريد المساعدات الإنسانية يجعلها عاجزة عن تنفيذ المهام والمشاريع المطلوبة".