سيجورنيه في لبنان لمنع اشتعال المنطقة وخفض التوتر في الجنوب

باريس تؤكد للمسؤولين اللبنانيين أن التهديدات الإسرائيلية بشن عملية عسكرية في الجنوب يتعين أن تؤخذ على محمل الجد.
فرنسا تؤكد على الضرورة الملحة لكسر الجمود السياسي في لبنان
حزب الله يستهدف ثلاثة مواقع في شمال إسرائيل ردا على قصف طال “منازل مدنيّة”
مسؤولون فرنسيون يقولون أن الردود اللبنانية عامة وتفتقر إلى الإجماع

بيروت – يطرح وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه مقترحات لمنع المزيد من التصعيد والحرب المحتملة بين إسرائيل وجماعة حزب الله المتحالفة مع إيران خلال زيارة للبنان اليوم الأحد، إذ تسعى باريس إلى تحسين خارطة طريق يمكن للجانبين قبولها لتخفيف التوترات.

وترتبط فرنسا بعلاقات تاريخية مع لبنان، وفي وقت سابق هذا العام قدم سيجورنيه مبادرة تقترح انسحاب وحدة النخبة التابعة لحزب الله مسافة عشرة كيلومترات من الحدود الإسرائيلية بينما توقف إسرائيل ضرباتها في جنوب لبنان.

وتبادل الجانبان الضربات في الأشهر القليلة الماضية، لكن التبادلات زادت منذ أطلقت إيران وابلا من الصواريخ على إسرائيل ردا على هجوم إسرائيلي مشتبه به على السفارة الإيرانية في العاصمة السورية دمشق أدى إلى مقتل أعضاء في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

وأعلن حزب الله السبت أنّه استهدف ثلاثة مواقع في شمال إسرائيل ردا على قصف طال “منازل مدنيّة” في جنوب لبنان وأسفر عن ثلاثة قتلى، بينهم مقاتلان من الحزب.

طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تقصف أهدافا تابعة لحزب الله، في جنوب لبنان، بما في ذلك عددا من مواقع البنية التحتية ومجمعا عسكريا.

وقال الحزب في بيان “ردًّا على اعتداءات العدوّ على القرى الصامدة والمنازل المدنيّة، خصوصًا بلدتي كفركلا وكفرشوبا، شنّ مجاهدو المقاومة الإسلاميّة السبت هجومًا مُركّبًا بالمسيّرات الانقضاضيّة والصواريخ الموجّهة على مقرّ القيادة العسكريّة في مستوطنة المنارة وتموضع قوّات الكتيبة 51 التابع للواء غولاني”.

وفي بيان آخر ليل السبت الأحد، قال الحزب “دعمًا لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسنادًا لمقاومته الباسلة والشريفة، وردًّا على اعتداءات العدوّ الإسرائيلي على القرى الجنوبيّة الصامدة والمنازل المدنيّة، خصوصًا بلدات القوزح ومركبا وصربين، قصف مجاهدو المقاومة الإسلاميّة مستوطنة ميرون والمستوطنات المحيطة بها بعشرات صواريخ الكاتيوشا”.

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي في بيان “تمكّنت منظومة الدفاع الجوّي +القبة الحديدية+ من اعتراض هدف جوّي مشبوه كان يعبر لبنان باتّجاه منطقة المنارة في شمال إسرائيل”.

وأضاف “كما رُصد إطلاق عدد من الصواريخ المضادّة للدبّابات من لبنان في اتّجاه منطقة المنارة”، مشيرا إلى أنه قصف المكان الذي انطلقت منه النيران. وذكر أيضا أنّه استهدف “بنية تحتيّة عسكريّة لحزب الله في منطقة صربين”.

ولاحقا أعلن الجيش الإسرائيلي صباح الأحد أن طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي قصفت، الليلة الماضية أهدافا تابعة لحزب الله، في منطقة “مارون الرأس” في جنوب لبنان، بما في ذلك عددا من مواقع البنية التحتية ومجمعا عسكريا للجماعة.

بالإضافة إلى ذلك، قصفت الطائرات المقاتلة التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي البنية التحتية لحزب الله في منطقة “طير حرفا” وبنية عسكرية في منطقة “يارين” جنوب لبنان، حسب الموقع الالكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” واي نت اليوم.

ولم يحرز الاقتراح الفرنسي، الذي تمت مناقشته مع الشركاء خاصة الولايات المتحدة، تقدما. لكن باريس تريد الحفاظ على زخم المحادثات والتأكيد للمسؤولين اللبنانيين على أن التهديدات الإسرائيلية بشن عملية عسكرية في جنوب لبنان يتعين أن تؤخذ على محمل الجد.

وأكد حزب الله أنه لن يدخل في أي نقاش ملموس حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، حيث دخلت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس شهرها السادس، بينما قالت إسرائيل أيضا إنها تريد ضمان استعادة الهدوء على حدودها الشمالية حتى يتمكن آلاف النازحين الإسرائيليين من العودة إلى المنطقة دون خوف من الهجمات الصاروخية عبر الحدود.

وأفاد  كريستوف لوموان نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية في مؤتمر صحفي إن “الهدف هو منع اشتعال المنطقة وتجنب تدهور الوضع بشكل أكبر على الحدود بين إسرائيل ولبنان”.

والتقى رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي وقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق من هذا الشهر حيث ناقشا الاقتراح الفرنسي.

وفي رسالة موجهة إلى السفارة الفرنسية في بيروت في مارس/ آذار، قالت وزارة الخارجية اللبنانية إن بيروت تعتقد أن المبادرة الفرنسية ستكون خطوة مهمة نحو السلام والأمن في لبنان والمنطقة الأوسع. وذكرت وسائل إعلام لبنانية محلية أن الحكومة قدمت تعليقات للفرنسيين بشأن الاقتراح.

ويقول مسؤولون فرنسيون إن الردود حتى الآن كانت عامة وتفتقر إلى الإجماع بين اللبنانيين. ورغم أنهم يعتبرون أنه من السابق لأوانه التوصل إلى أي شكل من أشكال الاتفاق، فإنهم يعتقدون أنه من الضروري المشاركة الآن حتى يكون الطرفان جاهزين عندما تأتي اللحظة المناسبة.

وستؤكد باريس أيضا على الضرورة الملحة لكسر الجمود السياسي في البلاد. وليس لدى لبنان رئيس دولة ولا حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة منذ انتهاء ولاية ميشال عون كرئيس في أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

وظلت إسرائيل حذرة بشأن المبادرة الفرنسية، على الرغم من أن مسؤولين إسرائيليين وفرنسيين يقولون إن إسرائيل تدعم الجهود المبذولة لنزع فتيل التوترات عبر الحدود. وقال دبلوماسي لبناني “ستشتعل جذوة النار وستستمر التوترات. نحن في حالة من الغموض الاستراتيجي على الجانبين”.

ولفرنسا 700 جندي يتمركزون في جنوب لبنان كجزء من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وقوامها 10 آلاف جندي.

ويقول مسؤولون إن قوات الأمم المتحدة غير قادرة على تنفيذ تفويضها، ويهدف جزء من مقترحات فرنسا إلى دعم المهمة من خلال تعزيز الجيش اللبناني.

وبعد لبنان، سيتوجه سيجورنيه إلى السعودية قبل السفر إلى إسرائيل. وسيعقد وزراء خارجية من دول عربية وغربية، منهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، محادثات غير رسمية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض لمناقشة حرب غزة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.