شدّ وجذب يطبع العلاقات الفرنسية الجزائرية

وزير الخارجية الجزائري يعلق على تصريحات نظيرته الفرنسية ساخرا من تعليقاتها التي قالت فيها إن النشيد الوطني للجزائر"قد تجاوزه الزمن"، مشيرا إلى أن موسيقى النشيد ربما لا تناسبها أيضا.

روما - تسود حالة من الشد والجذب بين فرنسا والجزائر وسط توتر جديد قد يتصاعد في قادم الأيام مع الغموض الذي يحيط بزيارة كان من المقرر أن يقوم بها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لباريس. وكان قراره بإعادة مقطع محذوف من النشيد الوطني يتوعد المستعمرة السابقة بالحساب أوضح إشارة على الفتور في العلاقات.

وتحول هذا المقطع إلى سجال بعد أن عبرت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا عن استغرابها من القرار الرئاسي الجزائري. وقالت إن نص النشيد الوطني الجزائري "قد تجاوزه الزمن".

وتابعت "لا أريد التعليق على نشيد أجنبي، لكن هذا النشيد كان قد كُتب عام 1956 في سياق وظرف الاستعمار والحرب. يتضمن كلمات قوية تعني فرنسا".

وكانت الوزيرة الفرنسية تشير إلى المقطع الثالث من النشيد الجزائري الذي يقول "يا فرنسا قد مضى وقت العتاب وطويناه كما يطوى الكتاب، يا فرنسا إن ذا يوم الحساب فاستعدي وخذي منا الجواب".

ورد نظيرها الجزائر أحمد عطاف في مقابلة مع وكالة 'نوفا' الايطالية للأنباء تنشر الأربعاء على تصريحاتها بتهكم وسخرية، معبرا عن استغرابه كيف تسمح وزيرة الخارجية الفرنسية لنفسها بـ"إبداء رأيها في النشيد الوطني الجزائري".

وقال متهكما بحسب المصدر ذاته "ربما كان يمكنها أن تنتقد أيضا موسيقى النشيد الوطني. ربما الموسيقى لا تناسبها أيضا"، مضيفا "يبدو أن بعض الأحزاب أو السياسيين الفرنسيين، يرون أن اسم الجزائر أصبح سهل الاستخدام في الأغراض السياسية".

وتابع "يتحدثون الآن عن اتفاقات بشأن إقامة الجزائريين في فرنسا. حقا لا نفهم لماذا يجب أن تثار كل هذه الضجة. كما ذكرت سابقا، يتبنى البعض هذه المواقف للاستفادة من الفرص السياسية".

وفي 21 مايو/أيار الماضي، وقع الرئيس الجزائري مرسوما يعدل ويتمم المرسوم رقم 86-45 المؤرخ في 11 مارس/آذار 1986 والذي يحدد ظروف الأداء الكامل أو الجزئي للنشيد الوطني وشروطه وكذلك التوليفتين الموسيقيتين الكاملة والمختصرة اللتين تعزفان في الحفلات الرسمية.

والنشيد الوطني الجزائري "قسما" ومطلعه "قسما بالنازلات الماحقات والدماء الزاكيات الطاهرات والبنود اللامعات الخافقات..." كتبه الشاعر الراحل مفدي زكريا داخل زنزانته خلال فترة ثورة التحرير (1954/1962) وتم اعتماده نشيدا رسميا للدولة بعد الاستقلال عام 1962 ويتضمن 5 مقاطع كان من ضمنها المقطع المحذوف لاعتبارات سياسية.

وتتزامن هذه المستجدات مع زيارة للرئيس الجزائري إلى باريس مبرمجة قبل نهاية يونيو/حزيران الجاري، بعد أن كانت مقررة في مايو/ايار الماضي وأعلن الجانبان تأجيلها آنذاك، بسبب اضطرابات في فرنسا جراء مظاهرات احتجاجية على قانون التقاعد.

وستكون هذه الزيارة في حال إجرائها، الأولى من نوعها لتبون إلى فرنسا منذ وصوله الحكم في ديسمبر/كانون الأول 2019.

ووصل عطاف اليوم الثلاثاء إلى روما في زيارة عمل تأتي وسط مساع لتعزيز العلاقات الجزائرية الايطالية خاصة في قطاع الطاقة وواردات الغاز لايطاليا بينما لم تغادر العلاقات الجزائرية الفرنسية مربع الشد والجذب حتى أن تبون وصفها في تصريحات سابقة بأنها متذبذبة، في توصيف يقلل من حالة التوتر لكنه تشخيص واقعي لتلك العلاقات.

وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان نشرته على حسابها الرسمي بفيسبوك أن عطاف التقى في إطار زيارة العمل التي يقوم بها إلى ايطاليا في مستهل جولته الأوروبية الأولى بتكليف من الرئيس عبدالمجيد تبون، رئيس مجلس النواب الايطالي لورنزو فونتانا.

واضافت أنهما استعرضا "التطور النوعي الذي تشهده العلاقات الجزائرية-الإيطالية في مختلف المجالات، حيث أشادا بما تم تحقيقه من مكاسب تعزز الطابع الاستراتيجي لهذه الشراكة وبما يحدو الطرفين من إرادة سياسية قوية للعمل على تجسيد آفاقها المستقبلية الواعدة".