ضوء أخضر من نتنياهو يُحيي مفاوضات الهدنة

الدوحة والقاهرة تستضيفان خلال الأيام القليلة المقبلة جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس من أجل هدنة يبدو التوصل إليها صعبا.

غزة (الأراضي الفلسطينية) - أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر الجمعة لإجراء محادثات جديدة بهدف التوصل إلى هدنة في قطاع غزة المحاصر والذي يتعرّض لقصف متواصل، بينما يواجه سكّانه تهديدا بـ"مجاعة وشيكة".

وبعد حوالي ستة أشهر من بداية الحرب في غزة في أعقاب الهجوم الذي شنّته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر، واصل الجيش الإسرائيلي عملياته في القطاع المدمّر ما أسفر عن مقتل 71 شخصا خلال 24 ساعة، وفقا لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

وفي حين بدا أنّ المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل للتوصّل إلى هدنة وصلت إلى طريق مسدود، أفاد مكتب نتنياهو بعد لقائه رئيسي الاستخبارات الإسرائيلية الموساد والشين بيت، بأنّه "وافق على جولة من المفاوضات في الأيام المقبلة في الدوحة والقاهرة... للمضي قدما".

وعُقدت في الأشهر الأخيرة مفاوضات عدّة عبر الوسطاء الدوليين مصر وقطر والولايات المتحدة، ولكن من دون نتيجة، فيما تبادل الطرفان الاتهامات بعرقلتها.

ومنذ بداية الحرب، تمّ التوصّل إلى هدنة واحدة لمدّة أسبوع في نهاية نوفمبر، سمحت بالإفراج عن حوالي مئة رهينة تمّ اختطافهم خلال هجوم السابع من أكتوبر، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين تعتقلهم إسرائيل.

وخُطف خلال هجوم حماس نحو 250 شخصا ما زال 130 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم.

وكانت إسرائيل تعهّدت ردا على الهجوم الذي أسفر عن مقتل 1160 شخصا، بـ"القضاء" على حماس وباشرت عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة أسفرت وفق وزارة الصحة التابعة لحماس عن مقتل 32623 شخصا معظمهم من الأطفال والنساء. ووفق الأمم المتحدة، يواجه سكّان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون شخص خطر المجاعة.

ولخّص صندوق الأغذية العالمي عبر منصة اكس الوضع بقوله "ما من مكان آخر في العالم يواجه فيه هذا العدد الكبير من الناس خطر المجاعة الوشيك".

من جهة أخرى، أمرت محكمة العدل الدولية الخميس إسرائيل بـ"ضمان توفير مساعدة إنسانية عاجلة" لقطاع غزة من دون تأخير مؤكدة أن "المجاعة وقعت".

وقالت المحكمة ومقرها في لاهاي إن "على إسرائيل... اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية والفعالة لأن تضمن من دون تأخير ومن دون عراقيل توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية لغزة التي هي بأمس الحاجة إليها"، مضيفة أنّ "الفلسطينيين في غزة لم يعودوا يواجهون خطر المجاعة فحسب، بل إن المجاعة قد وقعت بالفعل".

ويأتي ذلك فيما تندّد الأمم المتحدة بمساعدات غير كافية لتلبية الاحتياجات الهائلة للفلسطينيين خصوصاً في الشمال، بينما يتكدّس 1.5 مليون شخص، غالبيتهم من النازحين، في رفح الواقعة في الجنوب على الحدود مع مصر.

وإزاء الوضع الإنساني الكارثي تنظم عدة دول عمليات إلقاء مساعدات من الجو أو ترسلها بحرا، لكن الجميع يشدد على أن هذه الطرق لا يمكن أن تحل مكان إيصال المساعدات برا.

وقال المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) فيليب لازاريني، إنّ على إسرائيل "السماح للأونروا بإيصال القوافل الغذائية إلى شمال قطاع غزة... يوميا وفتح نقاط عبور برية أخرى".

وفي هذا السياق، من المتوقّع أن تغادر سفينة محمّلة بالمساعدات الإنسانية قبرص السبت متوجّهة إلى غزة، بعد مغادرة أول سفينة في منتصف مارس.

ميدانيا، أعلن الجيش الإسرائيلي الذي يتهم مقاتلي حماس بالاختباء في المستشفيات، مواصلة عملياته الجمعة في مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة في شمال القطاع مؤكدا أنه "قضى على نحو 200 إرهابي" (في اشارة إلى مقاتلي حماس) في القطاع منذ 18 مارس.

من جانبها حذّرت بلدية غزّة من "مخاطر انتشار أمراض خطيرة بسبب انتشار القوارض والحشرات الضارة الناجم عن تراكم كميات كبيرة من النفايات الصلبة في شوارع المدينة"، متهمة الجيش الإسرائيلي بـ"منع طواقم البلدية من الوصول للمكب الرئيسي شرق المدينة وتدمير آليات البلدية".

وإلى الجنوب في مدينة خان يونس، نقل عدة جرحى بعدة بسيارات إسعاف إلى المستشفى الأوروبي. وبين المصابين أطفال يعالجون على أرض المستشفى.

وقال أحد النازحين إلى المدينة إنّ "صاروخا أطلق من دون سابق إنذار، على مبنى مكوّن من أربعة طوابق" يسكنه أكثر من 50 شخصا، مضيفا أنّ "العالم كلّه يغمض عينيه عن هذا الوضع".

وفي رفح في أقصى جنوب القطاع، عمد عشرات الرجال إلى رفع أنقاض مبنى تعرض للقصف لإخراج الجرحى والجثث ونجحوا في إخراج صبي صغير.

والخميس، أعاد نتنياهو تأكيد عزمه شن هجوم بري على رفح رغم الضغوط الدولية ولا سيما من الولايات المتحدة لعدم تنفيذ عملية واسعة النطاق.

وقال لعائلات جنود رهائن في قطاع غزة "نمسك بشمال قطاع غزة فضلا عن خان يونس (جنوب) لقد قسمنا قطاع غزة إلى شطرين ونستعد لدخول رفح". ومن المقرّر أن تناقش الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لإسرائيل، هذه القضية مع وفد أرسله نتنياهو.

وكانت واشنطن قد طلبت قبل فترة قصيرة من إسرائيل إرسال وفد إلى واشنطن للبحث في قضية رفح خشية منها من حصيلة بشرية كبيرة جدا في حال تنفيذ الهجوم.

إلا أن إسرائيل التي غضبت من امتناع واشنطن عن التصويت على قرار لمجلس الأمن الدولي يطالب بـ"وقف إطلاق نار فوري" في غزة، ألغت الزيارة، لكنّها أبلغت بعد ذلك واشنطن أنها "ترغب بتحديد موعد جديد لعقد الاجتماع" حول رفح على ما أكد البيت الأبيض.