عطاف يقود من نيويورك مهمة تعطيل مبادرة الأطلسي

وزير الخارجية الجزائري يقحم ملف الأوضاع في منطقة الساحل الأفريقي في مباحثات كان يفترض أنها مخصصة للقضية الفلسطينية.
الجزائر تروج لاضطرابات في منطقة الساحل للتشويش على مبادرة الأطلسي
لقاءات عطاف في نيويورك تكشف توجسا جزائريا من مبادرة الأطلسي

الجزائر - تحولت المبادرة الدولية التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس لتسهيل وصول بلدان منطقة الساحل الأفريقي إلى الأطلسي عبر بوابة ميناء الداخلة، إلى صداع بالنسبة للدبلوماسية الجزائرية التي تكثّف تحركاتها على أكثر من مستوى للتشويش على الانطلاقة القوية للمبادرة المغربية، من خلال الترويج لرواية مفادها أن المنطقة تشهد اضطرابات وتغرق في الفوضى، فيما تفضح هذه الممارسات مخاوف من خسارة آخر آمالها في تجاوز نكساتها على صعيد استعادة نفوذها في أفريقيا. 

وأجرى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف الثلاثاء لقاءات مع نظرائه في مجموعة من الدول الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ركّز خلالها على ما أسماه "الأوضاع في منطقة الساحل"، في حين لم يتطرّق إلى ملف الصحراء المغربية على غير عادته، وفق موقع "الصحيفة" المغربي.

وأشارت وزارة الخارجية الجزائرية إلى أن "عطاف أجرى عددا من اللقاءات بمقر الأمم المتحدة في نيويورك مع نظرائه وزراء خارجية روسيا وإندونيسيا وإيران والأردن وماليزيا ولبنان في إطار المهمة الرسمية التي يقوم بها بتكليف من رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون للمشاركة في جلسة النقاش رفيعة المستوى لمجلس الأمن".

ورغم أن المباحثات التي أجراها عطّاف كان عنوانها الرئيسي "مناقشة القضية الفلسطينية" في ظل الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، إلا أن وزير الخارجية الجزائري أقحم ملف منطقة الساحل الأفريقي في النقاش.

وفي 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي اتفق وزراء خارجية مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد على إنشاء فريق عمل وطني في كل دولة لإعداد واقتراح سبل تفعيل مبادرة الأطلسي المغربية، في مؤشر على انضمام الدول إلى البرنامج.

وشدد الوزراء في بيان أصدروه في ختام الاجتماع الذي احتضنته مدينة مراكش على أن المبادرة تشكل فرصة هامة لتحقيق التحول الاقتصادي في كامل المنطقة من خلال إعطاء دفعة قوية للتدفقات التجارية.

ويرى خبراء أن تفعيل المبادرة من شأنه تحقيق نقلة نوعية في اقتصادات دول الساحل بما ينعكس إيجابا على التنمية الاجتماعية، فضلا عن مزيد تعزيز التعاون بين المغرب وحكومات المنطقة وهو ما يثير المخاوف الجزائرية، في وقت تمضي فيه المملكة على طريق تنفيذ إستراتيجيتها الهادفة إلى ترسيخ مكانتها كبوابة على أفريقيا من خلال إقامة شراكات اقتصادية في العديد من القطاعات على أساس المنافع المتبادلة وتمتين أواصر التواصل والتعاون.

ويعتبر مراقبون أن الجزائر لا تولي أي أهمية لإعادة ترتيب أوارق دبلوماسيتها المبعثرة، مقابل إخفاقها في التشويش على نجاحات نظيرتها المغربية على كافة المستويات بفضل الدبلوماسية الهادئة التي أرسى دعائما العاهل المغربي الملك محمد السادس.

واتخذت الجزائر بعد أيام قليلة من إطلاق المبادرة المغربية جملة من القرارات التي وُصفت بـ"العدائية" من بينها غلق باب إقراض دولة الساحل الإفريقي، كما منعت الشركات الجزائرية من إجراء أي تعاملات مع الموانىء المغربية، رغم الأضرار الاقتصادية الفادحة التي ينتظر أن تترتب عن هذا القرار.

ويرى مراقبون أن المبادرة التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس تشكل حلقة وصل مع المشاريع التنموية ضمن إطار شراكة "رابح رابح"، لا سيما وأنها تهدف إلى إنشاء منصة إقليمية بمعايير دولية لفائدة هذه الدول تتيح لها الاستفادة من المحيط الأطلسي.

وأكد الخبير الاقتصادي المغربي عبدالنبي أبوالعرب في تصريح سابق أن "هذه المبادرة تملك مقومات النجاح، خاصة أن منطقة الساحل هي صلة وصل ما بين شمال وجنوب القارة"، مشيرا إلى أن "المملكة ستضع ميناء الداخلة وشبكة الطرق المغربية على ذمة دول المنطقة"

وأكد الملك محمد سادس في خطابه بمناسبة الذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء أن "المشاكل والصعوبات التي تواجه دول منطقة الساحل الشقيقة لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط، بل باعتماد مقاربة تقوم على التعاون والتنمية المشتركة".
وشدد على "أن نجاح مبادرة تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي يبقى رهينا بتأهيل البنيات التحتية لدول الساحل والعمل على ربطها بشبكات النقل والتواصل بمحيطها الإقليمي".