عودة للاستجوابات تمهد لفصل جديد من التصعيد ضد الحكومة الكويتية

استجواب وزير التجارة من قبل أحد نواب البرلمان يفتح الباب لعودة التوترات بين الحكومة الكويتية ومجلس الأمة وينذر بأزمة سبق أن أطاحت بالحكومة في مناسبتين.

الكويت - انتهى استجواب وزير التجارة والصناعة الكويتي محمد العيبان من قبل النائب حمدان العازمي بدون طلب طرح ثقة، وذلك في إطار المناكفات بين نواب البرلمان وأعضاء الحكومة وسط حالة الاحتقان المستمرة والاستجوابات التي عصف بعضها بأعمال المجلس وأرجأ مناقشات بقية الملفات العالقة.
وتشير الاستجوابات المستمرة لأعضاء الحكومة إلى وجود صراعات أكبر على المناصب السياسية والمواقع الهامة في الدولة، لاسيما مع رفض العديد من الوزراء للاتهامات المبطنة وراء الاستجوابات.
وينظر مجلس الأمة في الاستجواب الموجه إلى وزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون الشباب محمد العيبان من النائب حمدان العازمي إلى الوزير العيبان متضمنا ستة محاور، تعارض المصالح واستغلال السلطة للتهرب من قضايا نصب واحتيال. والإهمال والتعسف في استخدام السلطة وتعريض أمن البلاد للخطر. إضافة إلى تجاوزات مالية وإدارية وتنفيع أدى إلى إهدار المال العام. وتضليل ديوان المحاسبة للتهرب من المسؤولية، والفشل في إدارة الصندوق الوطني لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وعدم معالجة أوضاع المبادرين المتعثرين، والفشل في مراقبة الأسعار وتنفيع التجار على حساب المواطنين.
وتشير هذه الحزمة من الاتهامات الموجهة إلى وزير التجارة إلى رغبة في التصعيد ضد أحد أعضاء الحكومة التي تواجه تهديدات مستمرة من البرلمان ذو التوجهات الشعبوية، بسحب الثقة منها.

ولا يبدو أن سياسة الحكومة ناجعة في الانحناء للعاصفة النيابية كي لا تلاقي مصير سابقاتها على مدى السنوات الماضية، فحل الحكومات وإبطال البرلمانات باتت السمة البارزة للحياة السياسية الكويتية.
وقال النائب حمدان العازمي في استجوابه إن "وزير التجارة كسر صغار المستثمرين ودمرهم"، وأضاف "الوزير عضو مجلس إدارة في شركات كثيرة وسوف نكشف للنواب كيف استفاد". وتابع إن "الوزير يواصل ندب الموظفين من جهات أخرى رغم وقف الندب وهو لا يرد على مجلس الوزراء ولا يعبر رئيس الحكومة".

من جانبه، قال وزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون الشباب "النائب حمدان العازمي جاء الى المكتب ثلاث مرات وتم استقباله وبدون موعد"، مضيفاً "في المرة الرابعة حضر الى المكتب وطلب منه مدير المكتب منه الانتظار لكنه دخل من الباب الجانبي وأساء للجميع". وتابع "بعدها بنصف ساعة أعلن الاستجواب دون تحديد المحاور".

وأصبح استمرار الحكومة الكويتية على المحكّ مع تداعي مشاريع استجواب النواب لأعضائها وصولا إلى التلويح بعدم التعاون معها والمطالبة بإقالتها، وهو ما أشار إليه النائب العزمي أثناء حديثه عن الوزير العيبان.

وسبق لبعض الوزراء أن انصاعوا لتوجهات نواب البرلمان خصوصا الإسلاميين منعا للاستجواب مثل وزير التربية والتعليم العالي عادل المانع الذي أصدر قرارا بمنع الاختلاط في جامعة الكويت تماهيا مع التيار الإسلامي في البرلمان وأثار ضجة واسعة في البلاد.
وغالبا ما تنشأ الأزمات بسبب رفض الوزراء الخضوع لاستجوابات نواب البرلمان، لا سيما تلك الموجهة إلى أفراد من العائلة الحاكمة.

ويرى متابعون أن صراعا أوسع نطاقا يجري على المناصب الوزارية والمواقع القيادية في إدارات الدولة، تنخرط فيه مجموعات مصالح وشخصيات متنفذة ينتمي بعضها إلى الأسرة الحاكمة ومعروفة باستخدامها بعض نواب البرلمان في صراعاتها البينية.

ويعزو متابعون أسباب تكرار الأزمة السياسية في الكويت إلى محاولة إعادة التجربة ذاتها بنمط واحد ونهج ثابت من جانب الحكومة، وعدم التعلم من التجارب السابقة. فالأزمات السياسية مستمرة طالما النهج واحد.

وتسببت الاستجوابات في استقالة عدد لا يستهان به من الوزراء، مثل وزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة غدير أسيري التي استقالت بعد أيام عقب اكتشاف آراء لها في قضايا تمس دول أخرى وذلك بعد الاستجواب المقدم من برلمانيين على خلفية تغريدات قديمة لها. وتجربة أخرى تتمثل في وزير الكهرباء والماء محمد بوشهري الذي قبلت استقالته على خلفية صدور حكم نهائي بحقه من قبل محكمة التمييز، بتهمة نشر تحقيق سري بداخل الوزارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية.

كما ينتقد البعض الآخر اهتمامات البرلمان القاصرة على القضايا اليومية؛ من الشؤون الاجتماعية والتعليمية والصحية، ومسألة المعارضة أو التعاون مع الحكومة من عدمه. أما القضايا الخارجية فغابت تماماً؛ مما يعكس قصورا في دور المجالس النيابية في قضايا الأمن القومي والعلاقات الدولية التي لم يرَ فيها المجلس السابق سوى المناكفة في قصة استجواب وزير الخارجية الكويتي الشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح. وفي ذلك الاستجواب كان جل الحديث عن المراقبة المالية، وكأن المجلس مستقيل تماماً عن الحديث أو تحمل المسؤولية تجاه القضايا الدولية. ما يعتبر خلل في إدراك المجلس لأهمية تحمله جزءاً من المسؤولية في قضايا الأمن القومي.