غضب في المناطق المنكوبة قد يرتد تصويتا عقابيا في انتخابات مايو

الزلزال وقع في وقت كان أردوغان يحقق فيه زخما وبدأت أرقام شعبيته بالارتفاع بعد تراجعها على وقع أزمة اقتصادية خانقة.
بعض المتضررين يؤكدون أنهم تركوا لمصيرهم
الأهالي يشكون من تأخر وصول فرق الإنقاذ
من المستبعد القيام بحملة انتخابية في المناطق التي دمرها الزلزال

أنقرة - أدى الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوى أحياء بأكملها بالأرض إلى مزيد تعميق متاعب الرئيس رجب طيب أردوغان الذي بات مضطرا إلى مواجهة تحديات تجاوز مخلفّات الكارثة الإنسانية بما يتطلبه ذلك من جهود كبيرة وميزانية بمليارات الدولارات، وما يصعّب مهمته تصاعد غضب الناخبين في المناطق المنكوبة وقد يرتد تصويتا عقابيا في انتخابات مايو/أيار.

وبعد أيام على تعرض تركيا لأسوأ كارثة منذ عشرات السنين يحمّل المواطن هاكان تانرفيردي رسالة بسيطة للرئيس رجب طيب أردوغان مفادها "لا تأتوا إلى هنا طالبين الأصوات الانتخابية".

والزلزال الذي أودى بأكثر من 21700 شخص في تركيا وسوريا ضرب في أكثر الفترات السياسية حساسية بالنسبة لأردوغان في حكمه المستمر منذ عقدين، فقد عرض إجراء انتخابات في 14 مايو/أيار من شأنها إبقاء حكومته ذات الجذور الإسلامية في السلطة حتى 2028.

ولا يعطي هذا التاريخ المعارضة متسعا من الوقت لتسوية الخلافات فيما بينها والاتفاق على مرشح رئاسي ولم يُعرف بعد ما إذا كان ذلك الاقتراع سيمضي قدما كما هو مخطط أم لا.

وأعلن أردوغان حالة طوارئ مدتها ثلاثة أشهر في عشر محافظات منكوبة، بينما لا يزال أهالي تلك المناطق ينتشلون ضحاياهم من الأنقاض والعديد منهم يفترشون الشوارع أو يبيتون في سياراتهم ويبدو من المستبعد القيام بحملة انتخابية في تلك المناطق.

وهناك بعد سياسي بالغ الخصوصية بالنسبة لأردوغان، إذ وقع الزلزال في وقت كان يحقق فيه زخما وبدأت أرقام شعبيته بالارتفاع بعد تراجعها على وقع أزمة اقتصادية خانقة تفجرت العام الماضي.

والمرارة التي يشعر بها تانرفيردي مؤشر سيء بالنسبة إلى الرئيس التركي في محافظة سدد فيها ضربة لخصمه العلماني المعارض في الانتخابات السابقة في 2018 وعن استجابة الحكومة للزلزال قال "يؤلمنا جدا أنه لم يدعمنا أحد".

وتترد شكاوى تانرفيردي في أديامان إحدى المحافظات الأكثر تضررا بالزلزال، فالأهالي يشكون من أن فرق الإنقاذ لم تصل في الوقت المناسب لسحب أشخاص نجوا في الساعات الأولى الحاسمة بعد وقوع الزلزال ويشير البعض إلى نقص الآليات الضرورية لحفر الألواح الإسمنتية

وقال أحد المواطنين، محمد يلدرم "لم أر أحدا حتى الساعة الثانية بعد ظهر اليوم الثاني للزلزال"، مضيفا "لا حكومة، لا دولة، لا شرطة، لا جنود. عار عليكم! تركتموننا لمصيرنا".

العديد من أهالي المناطق المتضررة ينتقدون غياب الدولة والحكومة
العديد من أهالي المناطق المتضررة ينتقدون غياب الدولة والحكومة

وأقر أردوغان الأربعاء بوجود ثغرات في تعاطي الحكومة مع الكارثة لكنه قاوم أيضا، فقد أشرف الرئيس البالغ 68 عاما على اجتماع مخصص لجهود الإنقاذ في أنقرة الثلاثاء وأمضى اليومين التاليين متفقدا عددا من المدن المنكوبة.

وأثار ذلك استياء هدية كلكان المتطوعة التي قطعت نحو 150 كلم للانضمام إلى جهود الإغاثة والإنقاذ في أديامان، متسائلة "لماذا لا تظهر الدولة نفسها في يوم كهذا؟"، مضيفة "الناس يخرجون جثث أقاربهم بإمكانياتهم".

وأي جهود إنقاذ يمكن أن تتعقد بسبب توقيت وحجم الكارثة التي طالت مناطق واسعة ونائية وضربت في عز عاصفة شتوية.

وحظي أردوغان باستقبال حار من الأهالي خلال زيارات تم الترتيب لها بعناية وبثت على التلفزيون العام وتقدمت مسنة لمعانقته وذرفت الدمع على كتفه وقد لا يفعل فيسل غولتكين الشيء نفسه إذا سنحت له فرصة مقابلة الرئيس التركي وجها لوجه، قائلا إنه شاهد قدمي أحد أقاربه عالقة تحت الأنقاض بعدما هرع ركضا إلى الشارع عقب الزلزال الذي ضرب قبيل فجر الإثنين.

وأضاف "لو كان معي مثقاب بسيط لتمكنت من سحبه حيا، لكنه كان عالقا تماما وبعد هزة ارتدادية قوية، فارق الحياة".

وشاهد مراسلو فرانس برس مزيدا من المعدات وعمال الإغاثة، من بينهم فرق دولية، في محيط مبان منهارة الخميس لكن ذلك لم يكن كافيا لتخفيف ألم تانرفيردي وقال "الناس الذين لم يموتوا من جراء الزلزال تركوا ليموتوا في البرد"، مضيفا "أليس ترك الناس ليموتوا بهذا الشكل إثما؟".

وتوجه أرودوغان للمتضررين بقوله "لا داعي للقلق سنبني لمواطنينا منازلهم بسرعة في ولاياتنا العشر المتضررة من الزلزال ولن نترك أيا منهم دون مأوى"، لافتا إلى أن الزلزال أثر على منطقة تبلغ مساحتها 500 كيلومتر ويعيش فيها نحو 13.5 مليون شخص، مبينًا أن ذلك ساهم في جعل العمل أصعب.
وشدد على أن أكثر من 100 ألف عامل والآلاف من فرق الإغاثة الدولية والمنظمات المدنية والمؤسسات الحكومية على الأرض يساهمون في الجهود.