فرنسا تتعهد للجزائر بتسريع تسليم أرشيف الاستعمار وتطهير مواقع نووية

الحكومة الفرنسية تسعى لتسوية بعض الملفات المتعلقة بالذاكرة قبل زيارة مرتقبة لتبون الى فرنسا وفي خضم تقارب غير مسبوق بين البلدين.
فرنسا تسعى لمعاجلة ملفات الذاكرة بحثا عن مزيد من التعاون مع الجزائر في مجال الطاقة
ملفات الذاكرة ورقة فرنسية لتحقيق مصالح اقتصادية

باريس - تعهدت فرنسا بتسريع عملية تسليم أرشيف الحقبة الاستعمارية للجزائر وتطهير مواقع تجارب نووية أجرتها بالصحراء خلال ستينيات القرن العشرين وفق وزارة الخارجية الجزائرية وذلك في خضم تقارب غير مسبوق بين البلدين وقبل زيارة مرتقبة للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى باريس في مايو/أيار المقبل تلبيةً لدعوة نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ومع استمرار جدل " الذاكرة" المتعلق بالفترة الاستعمارية.
وتم التوصل للاتفاق في نهاية اجتماع بالعاصمة الجزائر الأربعاء عقدته لجان الدورة التاسعة للحوار السياسي بين البلدين وفق بيان للخارجية حيث ترأس الاجتماع "الأمينان العامان لوزارتي خارجية الجزائر وفرنسا عمار بلاني وماري ديسكوت بمشاركة ممثلين عن عدة قطاعات من البلدين".
ووفق بيان الخارجية الجزائرية، "تعهد الجانب الفرنسي بتسريع مسار استعادة الأرشيف (الخاص بالحقبة الاستعمارية) ومعالجة مواقع التجارب النووية التي يجب تطهيرها من الإشعاعات" فيما التزمت السلطات الفرنسية الصمت.
وكان استحضار قضية الاستعمار الفرنسي (1830-1962) وحرب التحرير الدموية قد أثار خصومة حادّة بين البلدين في خريف العام 2021، بعد تصريحات لماكرون عدل عنها بعد ذلك في ظل التقارب على وقع حاجة باريس للنفط والغاز.
وفي المقابل يرفض الرئيس الفرنسي تقديم اعتذار صريح للجزائر عن الجرائم المرتكبة بحق الجزائريين عن الفترة الاستعمارية.
وفي 2020 تلقّت الجزائر بفتور تقريرا أعدّه المؤرّخ الفرنسي بنجامان ستورا بناء على تكليف من ماكرون، دعا فيه إلى القيام بسلسلة مبادرات من أجل تحقيق المصالحة بين البلدين. وخلا التقرير من أيّ توصية بتقديم اعتذار أو بإبداء الندم، وهو ما تطالب به الجزائر باستمرار.
وساعدت الرحلة التي قام بها الرئيس الفرنسي إلى الجزائر في أغسطس/اب الماضي على إعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها بعد الأزمة التي أشعلتها تصريحات أدلى بها هو في أكتوبر/تشرين الأول 2021 واتّهم فيها "النظام السياسي العسكري" الجزائري بإنشاء "ريع للذاكرة" وشكّك كذلك بوجود أمّة جزائرية قبل الاستعمار.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2022 أعطى الرئيس الجزائري إشارة واضحة على عودة الدفء للعلاقات مع فرنسا بعد أشهر طويلة من التوتر وذلك في خضم الخلافات بين السلطات الجزائرية ونظيرتها المغربية بسبب ملف الصحراء المغربية والتي وصلت الى حد قطع العلاقات في اب/أغسطس 2021.
ويقول مسؤولون جزائريون، إن فرنسا ما زالت تحتجز 98 بالمئة من أرشيف بلادهم الذي يعود إلى تاريخ الحقبة الاستعمارية (1830 ـ 1962) وحتما يعود إلى الحقبة العثمانية التي سبقتها.
وبين عامي 1960 و1966، أجرت السلطات الاستعمارية الفرنسية سلسلة تفجيرات نووية بالصحراء الجزائرية موزعة على 4 تجارب فوق الأرض و13 في باطنها بحسب مسؤولين فرنسيين، بينما يقول مؤرخون ومسؤولون جزائريون إن العدد أكبر وإن آثارها ما زالت تهدد صحة السكان وبيئة المنطقة.
ونهاية ديسمبر/ كانون الأول 2022، دعا تبون في تصريحات إعلامية فرنسا "إلى تنظيف نفاياتها النووية بمواقع التجارب بتامنراست ورقان (جنوب)، والتكفل بضحايا هذه التجارب في عين المكان".