فوانيس رمضان بهجة تنير بيوت المصريين

المصريون من مختلفة الأعمار يتسابقون لاقتناء فانوس رمضان للإضاءة وتزيين الشوارع والمنازل.

القاهرة - يقف أب مصري في حيرة متأملا بين أعداد كبيرة من فوانيس متنوعة تزين إحدى واجهات مناطق بيع الفوانيس في القاهرة، التي تشهد إقبالا سنويا على الشراء احتفاءً بحلول شهر رمضان المعظم الذي بدأ الاثنين.

وعلى وجه الأب الذي يقف على أعتاب الأربعين من عمره ترتسم ملامح سعادة البحث عن فانوس مميز يضفي بهجة على أجواء شهر رمضان.

ومثل هذا الأب كثيرون من أعمار مختلفة يتسابقون لاقتناء فانوس رمضان من محالٍ بمنطقتي السيدة زينب و"تحت الربع"، التي تتنافس هي الأخرى في استعراض فوانيس متباينة الخامات والأشكال والألوان والأحجام والأسعار.

ولا يعتبر الفانوس مجرد أداة للإضاءة وتزيين الشوارع خلال شهر الصيام، بل كان تراثا وثقافة، حيث صاحبته أغان ومواويل تزيد من حليته.

ففي هذه الأجواء الكرنفالية تنساب أغانٍ رمضانية تراثية، مثل "وحوي يا وحوي.. إياحه (كلمة فرعونية تعني الترحاب أو أهلا بالقمر).. روحت (ذهبت) يا شعبان.. جيت (جئت) يا رمضان".

وتعرف منطقتا السيدة زينب و"تحت الربع" في القاهرة ببيع زينة رمضان، ولاسيما الفوانيس التي بدأ ظهورها لأول مرة بنسختها المصرية خلال العهد الفاطمي في مصر عام 969 ميلادي.

وتكفي جولة بالمنطقتين لرصد محال مؤقتة زينتها فوانيس متباينة، أكثرها مصنوع من الصاج، وبعضها من البلاستيك والقماش وورق الكرتون.

ويقف الباعة كل منهم ينادي ليجذب راغبي اقتناء الفوانيس بعبارات ترويجية منها: "تعالى يا باشا (قرب اشتر)"، و"أسعار هتعجبك".

ويستعرض باعة قدراتهم في تسويق كافة أنواع الفوانيس، فأحدهم يشير إلى فانوس ويقول إنه يضيء ويطلق أغانٍ رمضانية، فيما يحاول تسويق فانوس آخر زاهي الألوان لأطفال مع أسرهم.

وتبدأ أسعار الفوانيس بحسب النوع والحجم، من متوسط 25 جنيها (أقل من نصف دولار) وتتجاوز 400 جنيه (نحو 8 دولارات)، وأحيانا تتخطى هذا السعر وفقا للجودة.

في هذه الأيام، يجد الباعة فرحة في بيع أعداد كبيرة من الفوانيس، فهو رزق يأتيهم من العام إلى العام كما يقولون.

لكن الفرحة لا تقتصر عليهم، فمَن يشترون أيضا يبحثون عن الفرحة بين أكوام كبيرة من الفوانيس.

ومن بين هؤلاء، طفل لم يتجاوز العشر من عمره يتشبث في سعادة بفانوس صغير، وهو يقف مع والده الأربعيني أمام أنواع عديدة من الفوانيس في منطقة السيدة زينب.

ويعد الفانوس أحد أشهر الهدايا بين المقدمين على الزواج، لذا يمثل الشباب شريحة لافتة بين الباحثين عن هذه البهجة الرمضانية، وقد اصطحب أحدهم خطيبته أمام أحد المحال محاولا أن يختار معها فانوسا يسعدها.

وعلى طول طريق شراء الفوانيس، لا تمل المحال من تشغيل أغاني رمضان القديمة والحديثة، ومنها "رمضان جانا"، و"حوي يا وحوي"، و"أهو جه يا ولاد (رمضان جاء يا أولاد)".

وكعادة كل عام، تتزين شوارع مصر بفوانيس معلقة على واجهات المنازل والمحال، وكثيرا ما يتشارك أبناء الحي الواحد لتزيينه في تنافس رمضاني محمود بين أبناء المناطق المختلفة.

ورغم الظروف الاقتصادية غير المواتية وعدم مناسبة المزاج العام لفكرة الاحتفال، فإن المصريين يصرون على الاحتفال برمضان وشراء الفوانيس.

وتعتبر صناعة الفوانيس من الصناعات الرائجة في مصر، حيث يتم تصنيعه في ورش صغيرة تشتهر بها عدة مناطق، مثل ورش باب الشعرية وتحت الربع والسيدة زينب، وتتميّز تلك الورش بإنتاجها الغزير الذي يغطي أسواق القاهرة، بل وتصدّر بعض أنواع الفوانيس إلى الدول العربية المختلفة.

وظهرت أنواع عديدة من الفوانيس في أماكن أخرى غير القاهرة، ومنها محافظة دمياط، حيث زيّنت برسومات مختلفة مثل علم مصر أو صورة للاعب كرة قدم، وهناك فوانيس أخرى كتب عليها "رمضان كريم"، وأنواع أخرى عليها رسوم أشبه بالفسيفساء الملونة على الطراز الإسلامي الموجود في المساجد.