فيتو أميركي متوقع يمنع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة

السفير الصيني يقول إن الولايات المتحدة حطمت كالعادة الحلم الفلسطيني بتأسيس دولة مستقلة.
دول عربية على غرار السعودية ومصر ترفض الفيتو الأميركي
حماس تدين الفيتو الاميركي وتؤكد مواصلة النضال لدحر الاحتلال

نيويورك - وضعت الولايات المتحدة الخميس حدا لآمال الفلسطينيين الضئيلة في الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة إذ استخدمت، كما كان متوقعا، حقها في النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد هذا المطلب الذي سبق أن انتقدته حليفتها إسرائيل التي تخوض حربا في غزة.
ومشروع القرار الذي قدّمته الجزائر والذي "يوصي الجمعيّة العامّة بقبول دولة فلسطين عضوا في الأمم المتّحدة" أيّده 12 عضوا وعارضته الولايات المتحدة وامتنع عن التصويت عليه العضوان الباقيان (المملكة المتحدة وسويسرا).
وندّدت السلطة الفلسطينيّة برئاسة محمود عبّاس الخميس باستخدام الولايات المتحدة الفيتو، ورأت في ذلك "عدوانا صارخا" يدفع المنطقة إلى "شفا الهاوية".
وقال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور إن هذا الرفض "لن يكسر إرادتنا ولن يوقف إصرارنا. لن نوقف جهودنا. دولة فلسطين حتمية، إنها حقيقية". وأضاف في خطاب مؤثر "لا تنسوا أنه عندما تُرفَع هذه الجلسة، سيظل أبرياء في فلسطين يدفعون بحياتهم وحياة أبنائهم ثمن الإجراءات الإسرائيلية، ثمن تأخير العدالة والحرية والسلام".
وقالت حركة حماس من جهتها في بيان مقتضب "حماس تدين الفيتو الأميركي في مجلس الأمن ضدّ مشروع قرار منح فلسطين عضويّة كاملة بالأمم المتحدة، وتؤكّد للعالم أنّ شعبنا الفلسطيني سيواصل نضاله حتى يدحر الاحتلال وينتزع حقوقه ويُقيم دولته الفلسطينيّة المستقلّة الكاملة السيادة وعاصمتها القدس".
ورغم الفيتو الأميركي، فإن الدعم "الساحق" من أعضاء المجلس "يبعث رسالة واضحة جدا: دولة فلسطين تستحق مكانها" في الأمم المتحدة، حسبما قال السفير الجزائري عمار بن جامع، واعدا باسم المجموعة العربية بأن يتقدّم مجددا بهذا الطلب في وقت لاحق، ومضيفا "نعم، سنعود أقوى".
وندد سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان بالدول التي دعمت المشروع. وقال "إن التحدث إلى هذا المجلس أشبه بالتحدث إلى حائط"، معتبرا أن الأصوات المؤيدة للمشروع ستشجع الفلسطينيين على عدم العودة إلى طاولة المفاوضات و"تجعل السلام شبه مستحيل".
وقال السفير الصيني فو كونغ "اليوم يوم حزين"، مبديا "خيبة أمله" من الفيتو الأميركي، ومضيفا "لقد تحطم حلم الشعب الفلسطيني".
من جهته، قال نائب السفير الأميركي روبرت وود إنّ "هذا التصويت لا يعكس معارضةً للدولة الفلسطينيّة، بل هو اعتراف بأنّه لا يُمكن لها أن تنشأ إلّا عبر مفاوضات مباشرة بين الطرفَين" المعنيَّيْن. ويأتي ذلك فيما حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من انزلاق الشرق الأوسط إلى "نزاع إقليمي شامل".
وفي وقت سابق، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية زياد أبو عمرو خلال جلسة لمجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط، إنّ "منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة من شأنه أن يرفع جزءاً من الظلم التاريخي الذي تعرّضت له وتتعرض له أجيال متتابعة من الشعب الفلسطيني، وأن يفتح آفاقاً واسعة أمام تحقيق سلام حقيقي قائم على العدل، وسلام تنعم به دول وشعوب المنطقة كافة".
بدوره، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أمام المجلس إنّ "الاحتلال والسلام نقيضان لا يجتمعان. لا سلام ما بقي الاحتلال، ولا أمن ما ظلّ الظلم الإسرائيلي ينكر إنسانية الشعب الفلسطيني، وحقّه في الحياة والحرية والكرامة والأمن والدولة".
وأعربت السعودية الجمعة في بيان على منصة اكس عن أسفها لفشل مجلس الأمن في قبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين معتبرة أن ذلك "يسهم في تكريس استمرار الانتهاكات الإسرائيلية لقواعد القانون الدولي".
وقالت الخارجية السعودية في بيانها إن المملكة "تأسف لفشل مجلس الأمن الدولي في اعتماد مشروع قرار بقبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة" مضيفة أن "إعاقة قبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة يسهم في تكريس تعنت الاحتلال الإسرائيلي واستمرار انتهاكه لقواعد القانون الدولي دون رادع ولن يقربنا من السلام المنشود".

وجدّدت المطالبة "باضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته تجاه وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيّين في قطاع غزة، ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة".

وعبرت قطر أيضا عن أسفها لفشل المجلس في اعتماد مشروع القرار معتبرة أنه "يوم حزين للعدالة وانتكاسة لجهود إحلال السلام في المنطقة".

وقالت وزارة الخارجية القطرية إن فشل المجلس في اعتماد القرار "يكشف مرة بعد أخرى عجزه عن اضطلاع بمسؤولياته ودوره في إطار حفظ السلم والأمن الدوليين ولا سيما في ظل الحرب الغاشمة على قطاع غزة التي أدت إلى أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم في القرن الحادي والعشرين".

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الإماراتية إن "منح فلسطين العضوية الكاملة خطوة مهمة لتعزيز جهود السلام في المنطقة".

وأكد وزير الدولة الإماراتي خليفة شاهين المرر إنّ "دولة الإمارات ثابتة في التزامها بتعزيز السلام والعدالة وصون حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وتحقيق حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات ذات الصلة القاضية بإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

ورأت وزارة الخارجية الكويتية أن فشل مجلس الأمن في تبني القرار "يعرقل الجهود الدولية في التوصل إلى حل لهذه الأزمة في المنطقة وإيقاف الإعتداءات المستمرة على الشعب الفلسطيني الشقيق من قبل القوة القائمة بالإحتلال".

وأضافت أن "دولة الكويت تدعو مجدداً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والتاريخية من أجل تحقيق حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وإلى بذل أقصى الجهود لحماية الشعب الفلسطيني والمحافظة على مقدراته ومكتسباته وحقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة".

وعبرت سلطنة عمان عن الأسف "لفشل مجلس الأمن في تمرير القرار الخاص بمنح فلسطين حقها المشروع لعضوية الأمم المتحدة"، معتبرة أنه "يتنافى مع الإجماع الدولي القاضي بمنح الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير ويُعيق الجهود الساعية لإرساء ونشر العدالة والسلام في كافة ربوع العالم".

وجددت الوزارة مطالبة المملكة "باضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته تجاه وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ووفقا لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة".
وخلال الجلسة، طالب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي مجلس الأمن الدولي بأن يتحمّل مسؤولياته، وبألا يخيّب آمال الشعب الفلسطيني وسعيه المشروع للاستقلال والعضوية" في المنظمة الدولية.
وفي غمرة الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، طلبت السلطة الفلسطينية في مطلع نيسان/أبريل الجاري من مجلس الأمن النظر مجدّداً في الطلب الذي قدّمته في 2011 لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتّحدة.
وقدّمت الجزائر، بصفتها العضو الممثّل للمجموعة العربية في مجلس الأمن، مشروع قرار يوصي الجمعية العامة بـ"قبول دولة فلسطين عضواً في الأمم المتحدة".
وقالت البعثة الدبلوماسية المالطية التي تتولّى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي لنيسان/أبريل إنّ التصويت على مشروع القرار سيتمّ الساعة 21,00 ت غ الخميس، رغم أنّ الولايات المتحدة المتمتعة بحقّ الفيتو عبّرت صراحة عن معارضتها له.
وقال ريتشارد غوان، المحلّل في مجموعة الأزمات الدولية "أعتقد أن الفيتو الأميركي مؤكّد تماماً"، متوقّعاً أن تمتنع عن التصويت على مشروع القرار الجزائري بريطانيا وربّما أيضاً اليابان وكوريا الجنوبية.
وتُقبَل دولة ما عضواً في الأمم المتحدة بقرار يصدر من الجمعية العامة بغالبية الثلثين، لكن فقط بعد توصية إيجابية بهذا المعنى من مجلس الأمن.
وتصدر التوصية عن مجلس الأمن بموجب قرار لا بدّ أن يوافق عليه تسعة على الأقلّ من أعضاء المجلس الـ15 وشرط ألا تستخدم أيّ دولة دائمة العضو حقّ النقض (الفيتو) لوأده.
ووفقاً للسلطة الفلسطينية، فإنّ 137 من الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة البالغ عددها 193 دولة اعترفت حتى اليوم بدولة فلسطين.
وفي أيلول/سبتمبر 2011، قدّم رئيس السلطة محمود عباس طلباً "لانضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة". ورغم أنّ مبادرته هذه لم تثمر، إلا أنّ الفلسطينيين نالوا في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 وضع "دولة مراقبة غير عضو" في الأمم المتحدة.