في تقرير أميركي: المغرب أكثر شريك موثوق لتعزيز أمن افريقيا

التعاون الأميركي الوثيق مع المغرب يمكن أن يكون ركيزة للاستقرار الإقليمي الذي يعزز الأمن الجماعي.

نيامي – يبرز المغرب باعتبار مكانته السياسية والاقتصادية كدولة مهمة للولايات المتحدة لتوسيع الشراكات الإقليمية في أفريقيا، حيث عززت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بشكل كبير العلاقات الأميركية المغربية من خلال التوسط في اتفاق تاريخي لتطبيع العلاقات مع إسرائيل والاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.

ويؤكد تقرير لمعهد شيلبي كولوم ديفيس للأمن القومي والسياسة الخارجية التابع لمؤسسة هيريتدج الأميركية، أن هذه المعالم الدبلوماسية بالإضافة إلى القدرات العسكرية القوية للمغرب، والتعاون المثبت في مكافحة الإرهاب والموقع الاستراتيجي على طول المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، تجعل من المملكة محورًا أساسيًا للجهود الأمنية الأميركية في شمال وغرب إفريقيا.

وتعتبر تدريبات الأسد الأفريقي السنوية، وهي أكبر تدريبات القيادة الأميركية في أفريقيا شهادة على الشراكة الأمنية الدائمة بين البلدين. كما أن الاستفادة من المزايا التي يتمتع بها المغرب، مثل احتمال استضافة أصول أفريكوم التي قدمها مؤخرًا السيناتور دان سوليفان (جمهوري من ولاية ألاسكا)، يمكن أن تعزز بشكل كبير قدرات الولايات المتحدة على الاستجابة للأزمات والردع الإقليمي. ويمكن للإدارة المقبلة أن تعتمد على الثقة التي نشأت خلال رئاسة ترامب للتفاوض على نطاق أوسع من الشراكة مع المغرب بما يتماشى مع الأهداف الإقليمية لكلا البلدين.

 توسيع التعاون مع البلدان ذات الموقع الاستراتيجي مثل المغرب يمكن الولايات المتحدة من تأمين مصالحها وتعزيز الأمن الإقليمي

ويقول التقرير الذي أعده الباحث أمين الغوليدي، أن قرار المجلس العسكري الحاكم في النيجر بتعليق تعاونه العسكري مع الولايات المتحدة وتحوله نحو روسيا، يشير إلى أنه وصل إلى منعطف حرج ولتأمين مصالحها الطويلة الأمد، ينبغي للولايات المتحدة أن تعطي الأولوية لإقامة ورعاية الشراكات مع شركاء أقوياء مستدامين ذوي مصالح مشتركة. ومن خلال توسيع التعاون مع الدول ذات الموقع الاستراتيجي مثل المغرب وموريتانيا، ستؤمن الولايات المتحدة مصالحها وتعزز الأمن الإقليمي.

لكن الأمر لن يكون سهلاً. إذ أن محور النيجر الذي تم وضعه على خلفية تفكك تحالف الساحل الخمس والتهديدات الأمنية المتزايدة، وتصاعد المنافسة بين القوى العظمى، يسلط الضوء على الحاجة إلى إعادة تقييم شاملة وإعادة معايرة النهج الأميركي في التعامل مع الشراكات الاستراتيجية في المنطقة.

ولفترة طويلة، اعتمدت المشاركة الأميركية في أفريقيا على مجموعة ضيقة من الشركاء ونموذج موحد للتعاون الأمني. ورغم أن هذا النهج حقق نجاحات، مثل تحييد قادة حركة الشباب الحيويين في الصومال من خلال المهام التي يدعمها شركاء الولايات المتحدة، فإنه تركها أيضاً عرضة للصدمات، كما تظهر حادثة النيجر. فخسارة قاعدة أغاديز الجوية التي دعمت الجهود الأميركية عبر منطقة الساحل، تقلل بشكل كبير من قدرات الولايات المتحدة الإقليمية في مكافحة الإرهاب.

ويسلط تفكك مجموعة الساحل الخمس، وهو تحالف إقليمي لمكافحة الإرهاب تدعمه الولايات المتحدة، الضوء على القيود المفروضة على الاعتماد على مجموعة ضيقة من الشركاء. وعلى الرغم من مساهمات الولايات المتحدة في شكل تدريب ومعدات ودعم مالي، فقد كافحت مجموعة الساحل الخمس للتصدي بفعالية للتهديدات العابرة للحدود الوطنية، كما يتضح من التوسع المستمر للجماعات الإرهابية في مالي وبوركينا فاسو. والقرارات الأخيرة التي اتخذتها بوركينا فاسو ومالي والنيجر بمغادرة التحالف تسلط الضوء بشكل أكبر على الحاجة إلى نهج أكثر تكيفا في التعامل مع الشراكات الاستراتيجية في المنطقة.

ولتأمين مصالحها طويلة المدى، يجب على الولايات المتحدة إعطاء الأولوية لإقامة ورعاية شراكات مع شركاء أقوياء ومستدامين لديهم مصالح مشتركة مماثلة لتلك الموجودة في أماكن أخرى من القارة. ويتطلب هذا العمل مع الدول التي تمتلك القدرة والاستقرار والإرادة السياسية لكي تصبح حلفاء مؤثرين على المدى الطويل، مع ضمان تصميم التعاون بما يتناسب مع احتياجاتها الأمنية الفريدة وسياقاتها السياسية.

وجزء لا يتجزأ من هذا الإطار الاستراتيجي هو الاحتفاظ بقوات الاستجابة السريعة المختصة في أفريقيا. وبدعم من شبكة من القواعد الاستطلاعية والمراكز اللوجستية، وتعد هذه القوات ضرورية للقيام بمهام مكافحة الإرهاب والاستجابة بسرعة للأزمات. وتدعم هذه المرونة العملياتية، التي تعتبر بالغة الأهمية على الأرض والجو والبحر، استراتيجية الولايات المتحدة المتمثلة في الحفاظ على وجود بحري متعدد الاستخدامات لحماية طرق التجارة الحيوية، ومكافحة الشبكات غير المشروعة، وتأمين البنية التحتية البحرية ذات الأهمية الحيوية للازدهار الاقتصادي في المنطقة.

ويتعين على الولايات المتحدة أن تأخذ في الاعتبار علاقاتها العسكرية الطويلة الأمد مع حلفائها الأوروبيين مثل إسبانيا، التي تستضيف الأصول الحيوية في محطة روتا البحرية وقاعدة مورون الجوية. وينبغي متابعة الوجود الموسع للولايات المتحدة في شمال وغرب أفريقيا بطريقة تكمل هذه الالتزامات القائمة، بدلاً من الانتقاص منها. فالتعاون الأميركي المعزز مع المغرب يمكن أن يكون ركيزة للاستقرار الإقليمي الذي يعزز الأمن الجماعي، ويمكن للولايات المتحدة تهدئة أي مخاوف محتملة بين شركائها الإسبان.

وسيتطلب تنفيذ هذا التحول جهودًا متضافرة من وزارة الدفاع الأميركية لتحديث خططها لوضع القوة العالمية ومن وزارة الخارجية لتكثيف المشاركة الدبلوماسية لصياغة شراكات جديدة أو موسعة. ويجب على الكونغرس توفير السلطات والموارد اللازمة لتمكين هذا النهج التكيفي. ورغم أن هذه التحديات البيروقراطية هائلة، إلا أنها تتضاءل مقارنة بمخاطر الجمود في مواجهة المشهد الجيوسياسي الإقليمي المتغير.

ويؤكد التقرير أن الاعتماد المفرط على مجموعة ثابتة من الشركاء يجعل الولايات المتحدة عرضة للاضطراب، في حين أن التنازل عن زمام المبادرة لمنافسي القوى العظمى يخاطر بإدامة عدم الاستقرار وتقويض المصالح الأميركية على المدى الطويل. وينبغي للنكسة في النيجر أن تحفز إعادة تصور الكيفية التي تسعى بها الولايات المتحدة إلى تحقيق أهدافها في المنطقة.

ومن خلال الالتزام بشراكات قابلة للتكيف ومستدامة، مثل توسيع التعاون مع البلدان ذات الموقع الاستراتيجي مثل المغرب وموريتانيا، ستتمكن الولايات المتحدة من تأمين مصالحها وتعزيز الأمن الإقليمي.