في سابقة حزبية بالمغرب، قيادة ثلاثية لحزب الأصالة والمعاصرة

حزب العدالة والتنمية دأب على استغلال أزمات الخصوم المشاركين في الائتلاف الحكومي لتسجيل النقاط السياسية ضدها، والعودة إلى المشهد مجددا.

الرباط - انتخب حزب الأصالة والمعاصرة المشارك في الائتلاف الحكومي المغربي، مساء السبت، “قيادة جماعية” على رأس الحزب خلفا لعبد اللطيف وهبي الأمين العام المنتهية ولايته وذلك في سابقة من نوعها بالبلاد، ليقطع الطريق على حزب العدالة والتنمية الذي يحاول استغلال الأزمة لتسجيل مواقف ضد الحكومة.

وتعرض الأصالة والمعاصرة لهزة قوية إثر "الفضيحة السياسية" المتعلقة باعتقال العضوين البارزين سعيد الناصيري وعبدالنبي بعيوي على ذمة التحقيق في القضية المعروفة بـ"إسكوبار الصحراء"، استغله حزب العدالة والتنمية لكيل الاتهامات له، الأمر الذي أثار سخطا داخل الحزب على طريقة إعطاء التزكيات دون التثبت من خلفيات المتقدمين للعضوية، وتسبب بانتقادات للقيادة الحالية وتبرأ الكثيرين داخله من طريقة إدارتها.

وأعلن الحزب تجميد عضوية الناصيري وبعيوي بعد بدء التحقيق معهما "لعدم التشويش على مسار البحث"، مؤكدا ثقته في “مهنية وحيادية المؤسسة الأمنية” و”استقلالية السلطة القضائية”.

فيما اعتبر غريمه، حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي تولى رئاسة الحكومة بين 2011 و2021، أن هذه القضية "تؤكد المخاوف التي سبق أن عبّر عنها ونبّه فيها إلى المحاولات الجارية من أجل السطو على مؤسسات الدولة من طرف بعض مافيات الفساد وتجار المخدرات".

ودأب الحزب الاسلامي على استغلال أزمات الخصوم المشاركين في الائتلاف الحكومي لتسجيل النقاط السياسية ضدها، لتبرير ضعف إداراته للبلاد في فترة حكومته، والعودة إلى الواجهة السياسية.

وأفرزت الأزمة الداخلية في حزب الأصالة والمعاصرة "حركة تصحيحية" طالبت الدولة بمحاسبة "كل من استغل منصبه السياسي لخرق القانون"، كما دعت إلى إعادة مشروع "قانون الإثراء غير المشروع"، الذي سبق للأمين العام للحزب عبداللطيف وهبي أن أقر بأنه كان وراء سحبه من البرلمان.

وتم التصويت على القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة في شخص فاطمة الزهراء المنصوري ومهدي بن سعيد و صلاح الدين ابو الغالي في أعقاب تنحي عبد اللطيف وهبي عن قمرة القيادة بعدم الترشح لولاية ثانية. وحظيت لائحة الترشيح الجماعية بالأغلبية .

حزب الأصالة والمعاصرة تعرض لهزة قوية إثر "الفضيحة السياسية" المتعلقة باعتقال عضوين بارزين في صفوفه على ذمة التحقيق في القضية المعروفة بـ"إسكوبار الصحراء"

وأبدت فاطمة الزهراء المنصوري، في أول تصريح لها بعد انتخابها منسقة وطنية للحزب خلال المؤتمر الوطني الخامس للحزب، رفضها للاتهامات التي وجهها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران، بشأن ملف "إسكوبار الصحراء".

وأكدت المنصوري، في ندوة صحافية ليلة السبت، على هامش انتهاء المؤتمر الوطني احترام حزبها لبنكيران بوصفه رئيس حكومة سابق أدار الشأن السياسي في البلاد، لكنها رفضت الاتهامات بدون دليل، داعية القضاء إلى الاستماع إلى بنكيران في هذا الشأن.

وقالت المنصوري "إن كان بنكيران بحديثه عن حزبنا بكونه حزب مخدرات يزايد سياسيا فسامحه الله، أما إن كانت له معطيات فنطلب من القضاء الاستماع إليه".

وأشارت الوزيرة في حكومة عزيز أخنوش إلى أن بنكيران منذ سنوات وهو يتهم حزب الأصالة والمعاصرة بالمخدرات "ونحن لم نرد عن ذلك لأننا نبحث عن حلول لانتظارات وتطلعات المغاربة، والحلول ليست سهلة".

وأكدت المنصوري، في معرض حديثها عن ملف "إسكوبار الصحراء" أن "هذه القضية توجد أمام القضاء، والمتهمون فيها 25 شخصا وليس حزب الأصالة والمعاصرة كمؤسسة ومناضلين، وإنما شخصان، ونحن نحترم كلمة القضاء".

وأضافت "الحزب لا يختبئ وراءه أحد وليس فوق القانون، وقضية إسكوبار تتعلق بشخصين وليس بالحزب".

وعادت المنصوري لتؤكد أن الحزب لم يكن يعلم بالقضية ولا بنشاط هؤلاء المتهمين، قائلة "نحن نؤمن بالمسؤولية الفردية. نحن لم نكن على علم لأننا لسنا جهازا أمنيا"، ولفتت إلى أنه "قد يكون هناك خلل تنظيمي، لكن القيادة لم تكن على دراية بذلك، والكل يتحمل مسؤوليته، ونرفض أي اتهام للقيادة".

وعقد المؤتمر الجمعة اجتماعه تحت شعار "تجديد الذات الحزبية لضمان الاستمرارية"، وسط حضور سياسي وحزبي مكثف، تضمن رئيس الحكومة رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، ووصف الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي، المؤتمر بـ"اللحظة التاريخية"، مشيرا إلى أن الحزب أصبح اليوم شامخا وقوة للصف الديمقراطي.
ويبدو أن الحزب نجح في تضميد جراحه، "ليست هناك أزمة قيادة، بل هناك أطر من مستوى عال، ولدينا مؤسسون".

وبخصوص نهاية مسار وهبي، أشارت المنصوري إلى أن الأمين العام السابق "لم يخرج من الباب الصغير، ولكنه ما زال في الحزب، هو وزير بحكومة صاحب الجلالة، وهو مناضل معنا".

وفي وقت سابق السبت، صوت “المجلس الوطني” لصالح تعديل في القانون المنظم للحزب يتيح انتخاب قيادة مشتركة. وصادق المؤتمرون على النظام الأساسي بعد نقاش طويل انطلق منذ مساء الجمعة، بشأن مشروع الوثيقة السياسية للحزب. وانتخب أعضاء المجلس المحامية نجوى كوكوس رئيسة لبرلمانه.

ولفتت في كلمتها إلى أن الحزب “الجرار” في المرحلة القادمة “سيعرف دينامية سياسية جد إيجابية، وسيكون شعارنا هو القطع مع كل الممارسات الدخيلة على الحزب، والتي قد تكون زاغت بنا عن التأسيس”.

وخلفت كوكوس، مساء السبت، في المؤتمر الوطني الخامس المنعقد ببوزنيقة، فاطمة الزهراء المنصوري على رأس المجلس الوطني.

وجاء حزب الأصالة والمعاصرة (ليبرالي) ثانيا في الانتخابات التشريعية بـ86 مقعدا، التي جرت في 8 سبتمبر/ أيلول 2021، خلف التجمع الوطني للأحرار (وسط)، الحاصل على 102 مقعد (من أصل 395). وتم تأسيسه عام 2008، واكتسح الحزب الانتخابات البلدية في 2009 بنحو 21 بالمئة من المقاعد، مقارنة بـ 7 بالمائة فقط لحزب العدالة والتنمية.