كولونا تبحث في بيروت سبل إبعاد حزب الله من الحدود

رئيس الحكومة اللبنانية يشدد خلال اجتماعه مع وزيرة الخارجية الفرنسية على أولوية وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان وتطبيق القرار 1701 نصا وروحا شرط التزام الدولة العبرية بمندرجاته.

بيروت - أكدت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا اليوم الاثنين في بيروت أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بشأن لبنان يحتاج إلى تنفيذ من الجانبين، فيما تضغط باريس على لبنان لإنشاء منطقة معزولة السلاح وهو ما تطالب به إسرائيل التي توعدت بإبعاد حزب الله من المنطقة سواء عسكريا أو بالعمل السياسي.

ودعت كولونا المسؤولين اللبنانيين إلى إبداء ضبط نفس لتجنب تصعيد في جنوب لبنان بعدما أطلقت دعوة مماثلة الأحد خلال لقاءاتها مع مسؤولين إسرائيليين.

وتعتبر باريس أن "الخطر حقيقي للغاية" إذا قلّل اللبنانيون من شأن تصميم إسرائيل على حماية حدودها والصدمة التي تعرض لها الإسرائيليون بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة تشهد الحدود الجنوبية للبنان مع الدولة العبرية تبادلا للقصف بشكل يومي بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران. ويؤكد الحزب استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية حدودية وتردّ الدولة العبرية بقصف جوي ومدفعي يطال أهدافا عسكرية ومدنية في جنوب لبنان.

وأوقعت أعمال العنف التي لا تزال محصورة حتى الآن بالمناطق الحدودية، أكثر من 136 قتيلا بينهم نحو مئة من مقاتلي حزب الله في لبنان و11 قتيلا على الأقل من الجانب الاسرائيلي. لكن حدة القصف الاسرائيلي تزايدت في الآونة الأخيرة كما لاحظ دبلوماسيون فرنسيون يخشون تصعيدا يقود الى اشتعال المنطقة.

ودعت كولونا إلى ضبط النفس والتحلي بالمسؤولية خلال لقاءاتها مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري.

وشدد رئيس الحكومة خلال الاجتماع على "أولوية وقف العدوان الاسرائيلي على لبنان وتطبيق القرار 1701 نصا وروحا شرط التزام اسرائيل بمندرجاته" بحسب ما أوردت الوكالة الوطنية للاعلام.

وأكدت كولونا أنه من "الضروري خفض التصعيد على الحدود الجنوبية من الجهتين والتوصل إلى آلية لإيجاد حل يكون مقدمة لترسيخ الاستقرار الدائم في الجنوب" بحسب الوكالة.

والتقت وزيرة الخارجية الفرنسية أيضا قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان 'يونيفيل' الجنرال أرولدو لازارو ساينز الذي أكد أن الوضع في جنوب لبنان "متوتر" و"خطير" مع تصاعد التوتر بين حزب الله واسرائيل.

واجتمع قائد اليونيفيل بكولونا في بيروت لأسباب أمنية وقال إن هذه القوة تسعى إلى الحفاظ على الوضع القائم وخصوصا لعب دور وساطة بين الطرفين "لتجنب اخطاء حسابية أو تفسيرات يمكن أن تكون سببا آخر للتصعيد".

وأدانت فرنسا التي تساهم في اليونيفيل بحوالي 700 عنصر القصف الإسرائيلي الأخير الذي تعرضت له القوة الدولية.

وبحسب مصدر دبلوماسي غربي في بيروت فإن إسرائيل تريد من حزب الله أن يتراجع مسافة 40 كيلومترا عن الحدود"  ويطالب الإسرائيليون خصوصا بسحب مقاتلي قوة الرضوان وهي وحدة نخبة في حزب الله والأسلحة الثقيلة من المناطق القريبة من الحدود.

وكان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قد قال في وقت ساق"لا نناقش أي وضعية للجنوب اللبناني مع أحد مع استمرار العدوان على غزة".

وكانت كولونا أكدت الأحد في تل أبيب أن "خطر التصعيد يبقى قائما... وفي حال خرجت الأمور عن السيطرة، أعتقد أن ذلك لن يكون في مصلحة أحد وأقول ذلك لإسرائيل أيضا". وأضافت "هذه الدعوة إلى الحذر وخفض التصعيد تنطبق على الجميع".

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع كولونا الأحد أكد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أنه "ليس لدى إسرائيل أي نية لفتح جبهة أخرى عند حدودنا الشمالية، لكننا سنقوم بكل ما يلزم لحماية مواطنينا"، مشيرا الى أن أكثر من 50 ألف إسرائيلي نزحوا من المناطق الحدودية في شمال إسرائيل.

وأضاف "علينا ضمان أمنهم ليتمكنوا من العودة إلى منازلهم"، و"الطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي إجبار حزب الله على الانسحاب شمال نهر الليطاني". وأوضح "هناك طريقتان للقيام بذلك: إما بالدبلوماسية وإما بالقوة". ورأى كوهين أن "بإمكان فرنسا أداء دور ايجابي وهامّ لمنع حرب في لبنان".

وأبدت باريس التي تجري اتصالات منتظمة بحزب الله خلافا لدول غربية أخرىستعدادها لتولي لهذا الدور في مواجهة خطر اشتعال "فعلي".

وخلال زيارتها السابقة الى بيروت في 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حضت كولونا المسؤولين اللبنانيين على القيام بكل شيء "لتجنب انجرار البلاد إلى دوامة لن تتعافى منها".

لكن وزيرة الخارجية الفرنسية حرصت الأحد على التأكيد أن الدعوات الى وقف التصعيد تنطبق على كل الاطراف بما يشمل اسرائيل.

ويخشى مصدر دبلوماسي فرنسي أن يكون لبنان يقلل من شأن تصميم اسرائيل على حماية حدودها بعد الصدمة التي أثارتها الهجمات الدامية التي نفذتها حماس في الاراضي الاسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

واندلعت الحرب في أعقاب هجوم غير مسبوق شنته الحركة على جنوب الدولة العبرية، أدى الى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم من المدنيين وقضى معظمهم في اليوم الأول للهجوم، وفق الأرقام الصادرة عن السلطات الإسرائيلية.

ومنذ ذلك الحين، تنفذ الدولة العبرية قصفا مكثفا على القطاع أدى إلى مقتل نحو 19453 غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق حكومة حماس في غزة.

وخاض حزب الله، المدعوم من طهران، وإسرائيل حربا في العام 2006، انتهت بصدور القرار 1701 الذي عزز انتشار قوة يونيفيل في الجنوب. وانتشر الجيش بموجبه للمرة الأولى منذ عقود عند الحدود مع إسرائيل بهدف منع أي وجود عسكري "غير شرعي".

وقال رئيس كتلة حزب الله البرلمانية محمد رعد الأحد "ما زلنا في بداية الطريق ولم نستخدم ما جهزناه لحربنا ضد الجيش الإسرائيلي ولا يرهبنا تهويله ولا شعاراته التي يطلقها عبر سماسرة دوليين من أجل ان يحيد شعبنا عن منطقة من مناطقنا في الجنوب".

وكان رعد الذي قتل نجله في ضربة إسرائيلية الشهر الماضي يتحدث خلال حفل تأبيني نظمه حزب الله في بلدة عرمتى الجنوبية الواقعة على بعد حوالى عشرين كيلومترا من الحدود مع اسرائيل، لأحد مقاتليه.

والاثنين سقط صاروخ اسرائيلي على بعد أقل من 40 مترا من موكب تشييع مقاتل في حزب الله في قرية حدودية في جنوب لبنان، كما أفادت الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية دون أن يسفر ذلك عن سقوط إصابات.