'لاطروسة' يفكك خيوط الهدر المدرسي في القرى المغربية

المخرج كريم عصارة يتحدث في هذا الحوار عن أهمية الأفلام في طرح قضايا حساسة مثل الصحة والتعليم والسكن والتطبيب، ويبرز معاناة سكان البوادي المهمشة.

الرباط - يقدم فيلم "لاطروسة" للمخرج كمال عصارة والسينايست محمد مجاهد، قصة نجاح تتناول تلاميذ وتلميذات من المدارس العمومية في القرى المغربية، حيث يبرز أن الفرص متاحة للجميع لتحقيق النجاح، بغض النظر عن الخلفية الاجتماعية أو الجغرافية.

شارك في الأداء كل من الممثل توفيق لمعلم، والخمار المريني، وعتيقة التويمي، ونخبة من تلامذة مؤسسة التفتح الأدبي والفني سيدي محمد بن يوسف، والعمل من إنتاج المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ومجموعة مدارس جوهرة العلوم بحي جاد واد بفاس.

وفي نفس السياق قامت "ميدل إيست أونلاين" بحوار مع المخرج المغربي كمال عصارة حول كواليس تصوير فيلمه الأخير، وفيما يلي نص الحوار:

ما هي أبرز التحديات التي واجهتك أثناء تصوير فيلم "لاطروسة"؟

تكمن الصعوبات التي قد تواجه مخرجا أو بالأحرى طاقم إنتاج الفيلم أثناء التصوير يمكن تلخيصها في نقطتين رئيسيتين:

الأولى، هي أن تصوير الفيلم مع توفر منتج متكامل يستطيع سد الفاتورة حسب الحاجة المادية للعمل الفني، وهنا قد نتجاوز كل التحديات.

والثانية، هي أن التصوير مع ضعف التمويل المادي الذي يخلق صعوبة وجهدا كبيرا في توفير الضرورة، خاصة على مستوى استقبال وتوفير راحة الممثل وكل الطاقم الفني والتقني.

ويبقى التحدي المادي هو الأكبر خلال عملية تصوير أي فيلم بكل أصنافه.

كيف استطعتم تجاوز الصعوبات اللوجستية في التصوير في البيئة القروية؟

طبعا هناك رهانات في التصوير بالعالم القروي، يتم التغلب عليها بما يحمله الفنان من حب ورغبة أكيدة في الاشتغال بالمجالس الفني، وباستغلال أو محاولة خلق بعض العلاقات الشخصية مع الأهل حتى نتجاوز ما قد يحدث من خلافات أو سوء فهم أو أي اعتراض معين، خاصة وأننا نشتغل على أرض مملوكة لأصحابها، هذا إلى جانب طبعا الحصول على المسطرة الإدارية والقانونية المتعلقة بالرخص.

حدثنا حول التركيز حول أهمية التعليم القروي من خلال الفيلم؟

الرسالة الواضحة التي أتى بها الفيلم هي في صميم موضوع السيناريو الذي حبك أحداثه الناقد والسيناريست محمد مجاهد، ونحن نعرف أن الناقد حينما يكتب، يكتب بحذر محاولا وضع الأصبع على الجرح وتضميده مباشرة.

ويشير"لاطروسة" أو "المقلمة" إلى مجموعة من الرسائل التي لها علاقة بالهدر المدرسي القروي وبالحياة فيها بصفة عامة، والتي تؤثر سلبا على الأطفال، لكنها في الغالب تكون بسبب أفكار خاطئة لبعض الأباء الذين لم يستفيدوا من حصص التعليم إبان مراحل حياتهم الأولى، فترعرعوا مع طموح مستقر على الأرض والتراب، وهذه الأفكار سرعان ما تذوب بلب الأب، ويتراجع عنها لأنه يعرف الحقيقة داخل صدره، إذ يحركها إصرار الأبناء وتأكدها بعض الأطراف من الأسرة.

ما الدور الذي تلعبه القرى المغربية في تشكيل الهوية الوطنية والثقافية؟

نحن نعلم أن كثيرا من أبناء القرى الذين استفادوا من تعليم مناسب استطاعوا الوصول إلى مناصب مهمة، وبالتالي انصهروا في إثبات الذات في كل المجالات، وهم يحافظون دائما على حبهم لهويتهم الثقافية القروية، ويعملون في كثير من الأحيان على تنظيم زيارات مسترسلة ومنهم من يعود الى قريته بعد تقاعده، وهذا من مساهمة القرية في تشكيل الهوية الوطنية والثقافية للفرد، حيث يبقى التعلق بالأرض والتراب مستمر ولو مع التعليم.

كيف يمكن للسينما أن تساهم في تغيير النظرة السلبية نحو التعليم القروي؟

هذا ما عالجه فيلم "لاطروسة" لتحقيق الهدف النبيل للفن السينمائي، وذلك بالتطرق إلى المواضيع الحقيقية ومناقشة الحالات المستعصية، وليس فقط حكيها للمشاهد أو جعلها محط استهزاء فكاهي فحسب، بل يجب أن نناقش الظاهرة  داخل الفيلم.

كيف يمكن للحكومة والمجتمع المدني أن يعملا معًا لتحسين التعليم في القرى؟

التعليم في القرى لا يمكن أن نتحدث عنه بمواصفات حضرية صرفة، ذلك لأن الطبيعة الجغرافية تحتم على وجود الجبل، التراب، الطريق غير المعبدة، بعد المسافة، غياب وسائل النقل، ناهيك عن اعتراض الأب غير المتنور، ولكن فعلا هناك مدرسة بكل دوار، وهناك أستاذ مجتهد، ولكي نتغلب على كل الصعوبات القروية يجب تكثيف الجهود أكثر من طرف الجهات الوزارية والإدارية والمجتمع المدني لتخفيف العناء.

هل كانت هناك قصص شخصية خلال عملية تصوير الفيلم أثرت على وجهة نظرك نحو التعليم القروي؟

اشتغلنا على الفيلم بناء على سيناريو لكاتبه السالف الذكر، وخلال تصويره أكدنا على حضوره المستمر للتفاعل مع ما يمكن تجديده تماشيا مع المواقع والأماكن القروية المتغيرة، وليس هناك ما يمكن الحديث عنه سوى ما تعلق من نسج علاقات طيبة مع الساكنة.

ما الدور الذي يلعبه الأهل والمجتمع المحلي في دعم التعليم في القرى؟

يجب توعية الآباء وكل المجتمع القروي بضرورة التعليم، حتى يدعموا أبناءهم أكثر في مواصلة مرحل تعليمهم وألا ينصاعوا مع أفكار خاطئة خاصة تجاه بناتهن.

هل تعتقد أن هناك حاجة إلى إجراءات حكومية إضافية لتعزيز التعليم في المناطق الريفية؟

طبعا هناك حاجة ماسة لتظافر الجهود أكثر من طرف كل الجهات المعنية في تطوير المنظومة التعليمية داخل المجال القروي، فنحن دائما لدينا طموحات مستمرة في التطور والتقدم.