لا بوادر لانفراج معاناة عائلات الرهائن المعتقلين في سجون إيران

مشاعر عائلات المحتجزين من مزدوجي الجنسية تتناقض بين الإعجاب باحتجاجات "المرأة والحياة والحرية" والمخاوف على مصير أبنائها.

باريس - يعمق انقطاع الاتصالات بين طهران والغرب وغياب أي مؤشر على حدوث انفراج في ملف المحتجزين من مزدوجي الجنسية معاناة عائلاتهم، ليبقى الوضع مرشحا للتعقيد أكثر خاصة مع اقتراب تسليط عقوبات أوروبية جديدة على الجمهورية الإسلامية بسبب قمعها للاحتجاجات المتصاعدة في البلاد وتعثر المحادثات النووية.

وتتهم جماعات حقوقية ونشطاء طهران باحتجاز أكثر من عشرين أجنبيًا بعضهم منذ أعوام في إطار إستراتيجية "دبلوماسية الرهائن" الهادفة إلى انتزاع تنازلات من الغرب.

وشهدت السنوات الأخيرة الإفراج عن العديد من حاملي جوازات السفر الأجنبية الذين اعتقلتهم السلطات الإيرانية بعد مفاوضات سرية غالبًا ما أفضت إلى إطلاق سراح إيرانيين محتجزين في الخارج أو رفع تجميد أصول إيرانية ولكن مع تعثر محادثات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 وتتالي استدعاء السفراء الإيرانيين في أوروبا على خلفية قمع الاحتجاجات تتضاءل فرص إبرام مثل تلك الصفقات.

وتجد عائلات المحتجزين والكثير منها من أصل إيراني نفسها في وضع لا تحسد عليه إذ تتناقض مشاعرها بين الإعجاب باحتجاجات "المرأة والحياة والحرية" والمخاوف على مصير أبنائها.

ومن بين المحتجزين المواطنة الألمانية الإيرانية ناهد تقوي (68 عامًا) التي أوقفت في أكتوبر/تشرين الأول 2020 وحكم عليها عام 2021 بالسجن 10 سنوات بتهم تتعلق بالأمن القومي تنفي عائلتها صحّتها.

وسمح لها بمغادرة سجن إوين في طهران لمدة أربعة أشهر العام الماضي بسبب سوء وضعها الصحي، لكنها أعيدت إلى معتقلها في نوفمبر/تشرين الثاني وتقول ابنتها مريم كلارين التي تقود حملة من أجل الإفراج عنها في تصريح لوكالة فرانس برس "بصفتي إيرانية تعيش في الخارج، فإنني أؤيد الاحتجاجات كليا لكن على المستوى الشخصي ليست لدي الآن أي فكرة عما سيحدث في الأشهر والسنوات المقبلة في قضيّة ناهد"، مضيفة "العلاقة بين إيران وألمانيا آخذة في التدهور. لم يحدث أي تطور بشأن قضيّة والدتي أو غيرها من مزدوجي الجنسية" واستدركت "لكنّي لا أريد أن أحصر الأمر في قضيّتنا الشخصيّة، هناك شيء أكبر يحدث مع الاحتجاجات".

ومن بين المحتجزين في ظروف مماثلة مواطنون من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والنمسا والسويد، وعددهم في تزايد.

وأعلنت فرنسا رسميا عن احتجاز أربعة من رعاياها في إيران، وهم الباحثة الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه التي اعتُقلت في يونيو/حزيران 2019 ثم حُكم عليها بالسجن خمس سنوات بتهمة تقويض الأمن القومي، وبنجامين بريير الذي اعتُقل في مايو/أيار 2020 وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات وثمانية أشهر بتهمة التجسس، إضافة إلى النقابيين سيسيل كوهلر وجاك باريس اللذين اعتقلا في مايو/أيار 2022.

ولم يجد المواطن الأميركي سياماك نمازي وهو من أصل إيراني وأوقف في أكتوبر/تشرين الأول 2015 من حل سوى الدخول في إضراب عن الطعام في محاولة لدفع الرئيس جو بايدن إلى إعطاء أولوية أكبر لقضيته وقال في بيان أصدره محاموه الأميركيون "لا شيء بمقدوري أن أقوله يمكن أن ينقل ألم محاولتي الصمود إزاء القسوة وانعدام القانون المحطّمين للروح"، مضيفا "كيف يمكن للمرء أن يصف شعور التجريد من الإنسانيّة والتعامل معه على أنه سلعة باهظة الثمن؟".

ويخوض برنار فيلان مستشار الأسفار الإيرلندي الفرنسي وأحد المواطنين الفرنسيين السبعة المحتجزين في إيران إضراب جوع منذ بداية العام وبات يرفض شرب السوائل أيضا، وفق ما أفادت به شقيقته كارولين ماس فيلان التي قالت إن "الخطوتين تعرضان حياته للخطر لكنه يفعل ذلك لأنه لم يعد يتحمل الوضع"، مضيفة "هذا هو سلاحه الوحيد".

 ويظل الإعدام الذي نفذ حتى الآن في أربع قضايا متعلقة بالاحتجاجات من أكثر العقوبات المروّعة التي تهدد رعايا أجانب بعد إعدام المواطن الإيراني البريطاني والمسؤول السابق بوزارة الدفاع الإيرانية علي رضا أكبري في نهاية الأسبوع الماضي إثر إدانته بتهمة التجسس لحساب لندن.

وأوقف أحمد رضا جلالي وهو مواطن سويدي إيراني مزدوج الجنسية عام 2016 وحُكم عليه بالإعدام في العام التالي بتهم تجسس تنفيها عائلته بشدة.

ويواجه الألماني جمشيد شارمهد الذي تقول عائلته إن قوات الأمن الإيرانية خطفته في الخليج عام 2020 عقوبة الإعدام بتهم تتعلق بالإرهاب وراج أن المحاكمة انتهت الأسبوع الماضي لكن الأسرة ما زالت تجهل الحكم.

ويرى جايسن برودسكي مدير السياسات في منظمة "متحدون ضد إيران النووية" ومقرها في الولايات المتحدة أن الجهود لإطلاق سراح المحتجزين يجب أن تستمر رغم تعثر المحادثات النووية، مشيرا إلى أن العلاقات بين العواصم الأوروبية وطهران لم تنقطع.

وأضاف "يكمن التعقيد في أنّ الإيرانيين سيفرضون على الأرجح سعرا أعلى للإفراج عن مزدوجي الجنسية مقارنة بمن لا يحملون جنسية إيرانية، مثل الإفراج عن أصول مجمدة أو إرهابيين مدانين أو مجرمين".

وتقول بلاندين بريير التي أوقف شقيقها الفرنسي بنيامين في مايو/أيار 2020 قبل أن يُحكم عليه بالسجن ثماني سنوات بتهمة التجسس إن "أخي يفقد الأمل"، مضيفة "لم يعد يختبئ وراء القول أنا بخير لأن ظروف الاحتجاز غير إنسانية وغير صحية، نحن خائفون على صحته".