متحف الإطفاء في بوركين لاند إرث ثلاثة قرون من حياة النمسا

يقول النمساويون: من يعشق المدن الصغيرة والثقافات والمتاحف فلتكن الرحلة إلى مدينة آيسن شتات، حيث لها نكهة خاصة نظرا لموقعها الساحر تحت أقدام سلسلة جبال لايتا وفنون العمارة.

وبالرغم من أن نفوس المدينة التي تعد أصغر مدينة لأصغر إقليم نمساوي يقدر بـ14 ألف نسمة، إلا أنها بركان الحياة والفنون والمهرجانات والمتاحف التاريخية وتحتضن كل ما هو جميل وجذاب من المتاحف الفريدة من نوعها والقصور والقلاع والأبراج، وسبق أن كتبت حول عدد كبير من المتاحف النادرة في النمسا ولكني لم أتطرق إلى متحف فريد من نوعه مثل متحف الإطفاء في إقليم بوركين لاند ولو لمرة خلال كتاباتي..!!

في البلدان الشرقية وبالأخص في العراق وكردستان حيث تعد مهنة وسلك الإطفاء جزءا من وزارة الداخلية وتسمى بشرطة الإطفاء، أما في النمسا فلا علاقة لها أصلا بالداخلية وهناك عدد كبير من المتطوعين في خدمة الإطفاء بعد تلقي الكورسات والتدريبات على هذه المهنة.

قبل 12 سنة كنت ضمن فريق لنقابة صحفيي النمسا في زيارة وجولة إلى أكبر إطفائيات مدينة غراتس النمساوية وتحدث لنا العاملون في هذا السلك حول تاريخ الإطفاء في المدينة وتطلعنا على سيارات الإطفاء القديمة.. راودتني الفكرة بعد هذه السنوات بأن أكتب حول هؤلاء الذين يقدمون عملاً إنسانيا كبيرا في سبيل الإنسان والوطن ومن دون مقابل والكثير منهم يضحي بإجازاته في سبيل العمل في مجال الإطفاء.

في المدينة لاحظت الأطفال وهم يحملون علبا صغيرة في أياديهم لجمع التبرعات للإطفاء وهذا بدوره يعد قمة الجمال والإنسانية في خدمة الوطن، وأنا أكتب حول رجال الإطفاء في النمسا أحس برجال الإطفاء في كردستان ومهنتهم الإنسانية.

أيسن شتات.. المدينة التي سكنت من قبل الإمبراطوريات والحضارات وتحمل بين ثناياها تاريخا بهيا ومزدهرا واليوم حاضرا نقيا وبهيا من القصور والقلاع والمتاحف والأبراج التي شهدت حروبا كثيرة خلال الإمبراطورية الهابسبوركية.

متحف الإطفاء في المدينة...

يعرض متحف الإطفاء سيارات وشاحنات عملاقة للإطفاء التاريخية.. وهي معروضات منذ عام 1930 مثيرة للإعجاب والدهشة وخاصة للعوائل والأطفال. يمنح متحف الإطفاء في أيسن شتات الآباء والأمهات والأطفال أفكارا وانطباعات مهمة ومثيرة للتاريخ الثري من حياة إقليم بوركين لاند ورجال الإطفاء في هذا السلك الإنساني.

وبجنب العجلات التاريخية حيث توجد المركبات البخارية وكذلك (البخ ـ الرش) والتي كانت تستخدم باليد وقد تم استخدامها عام 1753 وتعد بدورها محل إعجاب الزوار والضيوف، افتتح متحف الإطفاء في الإقليم عام 1979 وانشغل بتاريخ الإطفاء في الإقليم والبحث عن الوثائق والمستندات وكل ما يتعلق في هذا المجال والتعامل مع التاريخ وكما يسمى رجال الإطفاء في الإقليم بالأبطال المتطوعين. تمثل من النصف الثاني من القرن الثامن عشر تطور رجال الإطفاء في منطقة غرب المجر وإقليم بوركين لاند عبر 450 قطعة من المعروضات في المتحف.

تمثلت هذه المعروضات بالمخطوطات اليدوية والوثائق والزي الموحد لرجال الإطفاء والصور الفوتوغرافية للمراحل التي مر بها الإطفاء وصور رجال الإطفاء والأبنية التي شغلتها، بالإضافة إلى المعروضات الكبيرة التي أخذت حيزا في المعرض ومنها البنادق اليدوية، عربات الإطفاء القديمة وأول سيارة إطفاء ومعروضات مختلفة في تاريخ الإطفاء ومنها الخوذات والميداليات والأوسمة والأعلام وماكنات الرش اليدوي التي استخدمت من عام 1753 ولغاية 1901 مثل المضخات والحقن.

يشغل موضوع الإطفاء الأطفال أكثر من الآباء وهذا ما يؤدي إلى كثرة زيارات الأطفال مرارا وتكرارا إلى متحف الإطفاء وخاصة ضمن مجاميع مدرسية للاطلاع على تاريخ الإطفاء في الإقليم والتمتع بالسيارات القديمة.

يمثل متحف الإطفاء فرعا رئيسيا لمتاحف الإقليم التي توثق الماضي وتاريخ الإقليم من جميع النواحي ومتحف الإطفاء يمنح محاضرات للأطفال بالحفاظ على الدولة والبيت والغابات وعدم الحاجة إلى رجال الإطفاء الذين يضحون بحياتهم من أجل الآخرين ويقوم الآباء بنقل الصورة الجميلة للأطفال وبتصوير واضح للدور الإنساني وتوصيل الأفكار لهم.

دائرة الإطفاء ليس لها علاقة بالدولة، بل بجمعية الإطفاء في الإقليم وهي التي تشرف على أقسام الإطفاء في الإقليم. معروضات المتحف المتمثلة بصور أبطال الإطفاء من الرجال مثيرة للإعجاب وخاصة حكاياتهم ومغامراتهم الإنسانية لأجيال عديدة وصورهم المعروضة في المتحف محل استمتاع الأطفال وبوسعهم استخدام بعض الآلات برفقة رجال الإطفاء.

متحف الإطفاء.. متحف تاريخي لتاريخ إقليم بعرض الوثائق الأولى وكذلك لعرض أول عجلة استخدمت في إطفاء حريق في الإقليم لغاية يومنا هذا..

تصدر عن الإطفاء مجلة تعنى بشؤون الإطفاء وتلقي نظرة على الذين يعملون في هذا المجال الإنساني من دون راتب شهري.

المتحف عرض لحكايات وقصص من تاريخ الإطفاء وأبطال قضوا بحياتهم من أجل إنقاذ الآخرين.. جدير بالمشاهدة في إقليم بوركين لاند..!!