مجلة العربي في محبة الإسكندرية

الإسكندرية في عيون الروائي أحمد فضل شبلول كما لم يرها أحد من قبله، بعبق التاريخ وبهجة الحاضر.
الإسكندرية (مصر)

يعشق الإسكندرية كمحبوبته التي يغار عليها، أو كابنته التي لا يحتمل أن يمسها مكروه، أو كأمه التي لا يتصور أن هناك أمًا أجمل منها بالعالم، إنه الكاتب والروائي الكبير أحمد فضل شبلول أحد أبناء المدينة الساحلية القديمة، يظهر هذا العشق حين يبدأ ملفه بذكر أن هناك 55 مدينة حول العالم حملت جميعها اسم الإسكندرية، إلا أن للإسكندرية المصرية خصوصية تستمدها من بانيها، الذي ما زال البحث عن تابوته مستمرا حتى الآن، ولا زالت البعثات ترسل من اليونان واليونسكو للتنقيب والبحث عنه. 
وعنوان الاستطلاع استمده شبلول من إحدى حكايات ألف ليلة وليلة الشهيرة على لسان نور الدين (ابن التاجر تاج الدين) الذي مشى فيها إلى أن وصل إلى سوق النجارين، ثم إلى سوق الصرَّافين، ثم إلى سوق النقلية، ثم إلى سوق الفكهانية، ثم إلى سوق العطارين، وهو يتعجب من تلك المدينة، لأن وصفها قد شاكل اسمها. 

تمثال يتوسط مدينة الإسكندرية

هذا الاستطلاع عن الإسكندرية المصرية منشور في ملف من 30 صفحة في مجلة العربي الكويتية في عدد شهر أبريل 2022 (الذي صدر في يوليو 2022 بسبب تأخير صدور المجلة منذ أزمة كورونا). 
ضم الملف 48 صورة للإسكندرية بخلاف الغلاف وصورا لأهم مناطق الإسكندرية الآثرية والدينية والثقافية والدبلوماسية.
واختار شبلول للغلاف الداخلي للاستطلاع قلعة قايتباي كحارسة أو بوابة لتلك المدينة الساحرة.
صدَّر شبلول الملف بوصف شاعر حيث قال: "يحتار المرء – وهو في الإسكندرية – من أين يبدأ كتاباته عنها، ومن أين يبدأ تصويره لمعالمها وآثارها ومبانيها وسواحلها وموانئها ومصانعها وأناسها وأعلامها وحدائقها وشواطئها وأنديتها وشركاتها ومتاجرها وشوارعها وأسواقها ومقاهيها وأبوابها ومساجدها وكنائسها ومتاحفها ومطارها... إلخ.
فهي مدينة عصية على الكلام، ودائمًا تأتي في الأحلام، من حيث لا تتوقع أو تدري، كأي غرام... هل لأنها قديمة في الزمان، فعمرها قبل الميلاد بثلاثمئة وإثنين وثلاثين عامًا؟ أم لأنها كانت مركز العالم القديم في يوم من الآيام؟".
ولأن الإسكندرية مدينة قديمة ولها عبق وسحر التاريخ فإنه من الصعب أن تعبر عنها فقط في30 صفحة، لذا كان التحدي كبيرا علي شبلول أن يعبر وأن يختار أهم تلك المناطق، فهل وفق في اختيار ما يعبر عن سحر وتاريخ الإسكندرية؟ هذا ما سأستعرضه معكم من داخل ملف الاستطلاع.
إن كنت تهتم بالتماثيل الموجودة في أهم وأشهر الميادين بالإسكندرية، فستجد صورة في الملف لتمثال الإسكندر الإكبر مؤسس مدينة الإسكندرية أمام حدائق الشلالات بمنطقة باب شرق. 
وهذا تمثال محمد علي باشا علي حصانه في سماء ميدانه بالمنشية، وهذا التمثال الرائع لسعد باشا زغلول الذي يتألق في سماء حديقته بمحطة الرمل، أما المثَّال محمود مختار فقد وضع له صورة لتمثاله المستند فيها على صخرة من الجرانيت في حدائق الشلالات - وهذا التمثال صناعة أحد تلاميذه-، ومن نفس الميدان نسخة من تمثال كاتمة الأسرار للمثَّال محمود مختار والذي يزين حدائق الشلالات.

اعتادت الإسكندرية منذ نشأتها على أن تحتضن كل الثقافات وتنفتح على الآخر من خلال إطلالها على البحر الأبيض المتوسط 

أما سيد النغم "سيد درويش" فبالطبع لم ينسه من تلك الصور، وهذا التمثال الرائع موجود بدار أوبرا الإسكندرية "مسرح سيد درويش"، ونوبار باشا له تمثال شهير أيضًا بدار الأوبرا ونوبار باشا لمن لا يعرف هو أول رئيس وزراء مصر.
وكمدينة اعتادت منذ نشأتها أن تحتضن كل الثقافات وتنفتح على الآخر من خلال بحرها الأبيض المتوسط الذي تطل عليه،  فإن الأماكن والمراكز الثقافية لها تأثير مهم بالإسكندرية.
اختار شبلول من تلك المكاتب والمراكز الثقافية المكتب الثقافي التابع لسفارة دولة الكويت، والمركز الروسي للعلوم والثقافة، وقنصلية إسبانيا العامة وغيرها، أما الأماكن الثقافية السكندرية فإن من أشهرها دار أوبرا الإسكندرية "مسرح سيد درويش" والموجود بشارع "فؤاد" ومركز الحرية للإبداع الموجود بنفس الشارع، ولم ينس الشارع الذي يعرفه جميع المثقفين والأدباء، وهذا الشارع اشتهر ببيع الكتب القديمة وهو شارع "النبي دانيال" - يشبه سور الأزبكية بالقاهرة - فهذه صورة للشارع والمكتبات به، وكذلك بائع الصحف والمجلات عم حميدو صاحب واحدة من أهم أكشاك بيع الصحف والمجلات في الإسكندرية الموجود في تقاطع شارع فؤاد وشارع البطالسة بمنطقة الأزاريطة، وكذلك دار الهلال العريقة التي تأسست سنة 1892.

مقام المرسي أبو العباس واحد من أهم المقامات في العالم الإسلامي وأهم مساجد أولياء الله الصالحين بالإسكندرية.

وكتب شبلول تعليقًا على الصورة مقطع من أحدى الأغاني الشهيرة :" اقروا الفاتحة لأبو العباس.. إسكندرية يا أجدع ناس"، بخلاف مسجد الإمام البوصيري أحد تلاميذ أبو العباس.
ولأن الإسكندرية كمدينة ساحلية بل هي عروس البحر الأبيض المتوسط والتي تحمل الأجيال المختلفة في ذاكرتها أجمل ذكريات المصيف على شواطئها، لذا مازالت الملاذ والملجأ للأسر البسيطة للاستمتاع بالبحر في صيفها، ولذلك سجلت عدسة المصور بعيون شبلول شاطئ الأنفوشي الشعبي، وصورة للأطفال والرحلات الجماعية وبائع المثلجات في منطقة ميامي.