محادثات أستانة حول سوريا تفتقد حماس موسكو مع التوتر في المنطقة

من المتوقع التركيز على ملفات إعادة بناء الثقة التي تشمل المعتقلين وتحسين الظروف لتسهيل العودة الطوعية للاجئين والوضع في المناطق التي لا تخضع لسيطرة النظام.

أستانة - أعلنت كازاخستان عن انعقاد جولة جديدة من محادثات أستانة حول سوريا على أراضيها بمشاركة ممثلين عن "الدول الضامنة" روسيا وتركيا وإيران، رغم عدم حماس موسكو لانعقادها في هذا التوقيت الذي تشهد فيه المنطقة توترا شديدا بسبب تداعيات حرب غزة، ما يضعف من التحضيرات له وإمكانية تحقيق تقدم لم تستطع الجولات السابقة تحقيقه.

وقال الممثل الرسمي لوزارة الخارجية الكازاخية أيبك سمادياروف، مساء الخميس، "بناءً على النداء الجماعي للدول الضامنة، سينعقد الاجتماع الدولي الحادي والعشرون بشأن سورية في إطار عملية أستانة في عاصمة كازاخستان يومي 24 و25 كانون الثاني/يناير 2024"، وأضاف أنه سيتم توفير معلومات حول المشاركين في الجولة 21، وجدول أعمال الاجتماع، في وقت لاحق.

ونقلت صحيفة "الوطن" السورية عن مصادر دبلوماسية، أن الاستعدادات استُكملت لإطلاق الجولة الحادية والعشرين من المسار، والتي من المقرر انعقادها يومي 23 و24 من الشهر الحالي. وأضافت أن الوفد الحكومي السوري سيكون برئاسة نائب وزير الخارجية والمغتربين بسام صباغ.

وجرى بحث آخر التطورات السورية خلال المحادثات التي جمعت وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، على هامش المنتدى الاقتصادي في دافوس. وتطرق بيدرسن إلى الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في سوريا، مشيراً إلى مبادراته واقتراحاته للمساعدة بحل المشكلات فيها.

حملة "أسبوع المعتقلين"، تتواصل للمطالبة بكشف مصير كل المغيبين والمعتقلين السياسيين اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين داخل سجون النظام السوري.

وكانت الجولة 20 من "أستانة" انعقدت في يونيو/ حزيران 2023، إلا أن "الدول الضامنة" عقدت عقب ذلك اجتماعاً بذات الصيغة، على هامش اجتماعات "الجمعية العامة للأمم المتحدة" في نيويورك، في سبتمبر/ أيلول 2023. وقال المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، حينها إن الجولة الجديدة من أستانة ستنعقد في نيويورك، على أن تكون الجولة الـ 21، إلا أنها لم تحتسب كإحدى جولات أستانة الرئيسية.

وجرى التركيز خلالها على ملفات "إعادة بناء الثقة"، التي تشمل موضوعات المسجونين وتحسين الظروف لتسهيل العودة الطوعية للاجئين والوضع في المناطق التي لا تخضع لسيطرة النظام، بما في ذلك على صعيد فتح الطرق الدولية وفقاً لاتفاقات سابقة، ويبدو أن الجولة القادمة ستكون في نفس الإطار باعتبار هذه الملفات مازالت تنتظر الحل.

لكن التركيز الرئيسي انصب على مسار التطبيع الذي أطلقته موسكو بين تركيا والحكومة السورية. ولم ينجح الطرفان خلال الجولة في تحقيق اختراقات على هذا الصعيد، خصوصاً بسبب المواقف المتشددة التي أعلنها الوفد الحكومي حول ضرورة الانسحاب التركي المسبق من الأراضي السورية.

وأكدت الأطراف الثلاثة الضامنة وقف إطلاق النار في بيان ختامي مشترك، على ضرورة دعم العودة الآمنة والكريمة الطوعية للاجئين إلى سوريا.

ودعت المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة اللازمة للاجئين والنازحين السوريين. كما أكدت الدول عزمها على مواصلة عمليات الإفراج المتبادل عن المعتقلين أو المختطفين في إطار مجموعة العمل المعنية بالإفراج عن المعتقلين والرهائن ونقل جثث الموتى والبحث عن المفقودين، والتي تعدّ آلية فريدة أكدت أهميتها وفاعليتها في بناء الثقة بين الأطراف السورية.

وعادة ما يشارك في أستانة ممثلون عن "الدول الضامنة" ووفدا النظام والمعارضة، بالإضافة إلى مبعوثين من الأمم المتحدة والأردن والعراق ولبنان بصفة مراقب.

ومسار أستانة هو الأطول من ناحية المسارات السياسية المتعلقة بالملف السوري. وكانت أولى جولاته قد انطلقت في مطلع عام 2017، عقب خضوع مناطق شرق حلب للنظام، وبلغت 20 جولة حتى اليوم. وتتمسك إيران وروسيا بهذا المسار الذي ترعاه الدولتان إلى جانب تركيا، تحت ما يُعرف بـ "الدول الضامنة" أو "ثلاثي أستانة".

واعتبر السفير الروسي في سوريا، ألكسندر يفيموف، خلال مقابلة أجراها مع صحيفة "الوطن" المحلية، في ديسمبر/كانون الأول 2023، أن مسار أستانة المسار الوحيد الفعال في إطار التسوية السياسية في سوريا، وعلى مدى السنوات الماضية في أستانة فقط كان ممكنًا تحقيق تقدم قي هذا الاتجاه.

وبدا أن اتصالات نشطة أجرتها موسكو مع العاصمة الكازاخية بعد انتهاء الجولة، أسفرت عن تراجع الجانب الكازاخي عن الإعلان؛ وهو ما يفسر عقد الجولة الحالية المنتظرة في أستانا.

وعلى الرغم من أن موسكو لم تعلن رسمياً عن ترتيبات عقد الجولة الجديدة من المفاوضات، لكن مصادر دبلوماسية ذكرت أن روسيا تدعم أي جهد يهدف إلى مواصلة تقريب وجهات النظر وتخفيف التوتر وتنشيط الاتصالات بين الأطراف المعنية بالتسوية في سوريا، رغم أنها كانت تفضل تأجيل الجولة القادمة، بسبب تفاقم التوتر في المنطقة وانشغال العالم بالوضع حول غزة والتطورات في البحر الأحمر والمخاوف من اتساع رقعة الصراع الدائر.

وبالتوزي مع الحديث عن مسار أستانة، تتواصل حملة "أسبوع المعتقلين"، وتدعو للمطالبة بكشف مصير كل المغيبين والمعتقلين السياسيين اللبنانيين، والفلسطينيين، والسوريين داخل سجون النظام السوري.

وشارك في الحملة 120 كتلة تنقسم لثلاث جهات كما صنفها رئيس جمعية “البيت السوري”، معتز شقلب، خلال اجتماع عُقد بخصوص الحملة على منصة اكس، وأولها الجهات المنظمة للحملة، وهي"اتحاد تنسيقيات السوريين حول العالم" و"جمعية المعتقلين اللبنانيين في سجون سوريا"، و"فلسطينيو سوريا للمطالبة بالمعتقلين الفلسطينيين".

وشارك في الفعاليات أهالٍ لمعتقلين ومغيبين داخل سجون النظام السوري، ناشدوا جميع الجهات لمعرفة مصير أقاربهم والإفراج عنهم.