'مراكش للأفلام القصيرة' يعزز الهوية المحلية برؤية سينمائية عالمية

المديرة المؤسسة رامية بلعادل تناقش في هذا الحوار أهمية دعم المخرجين الشباب وتعتبرهم حاملي مشروع فني حر ينير الشاشة الكبيرة بروح التجديد والتنوع الثقافي.

مراكش (المغرب) - تنطلاق النسخة الثالثة من مهرجان مراكش للأفلام القصيرة الذي يُعتبر بدايةً لأسبوع من الاحتفالات السينمائية المثيرة، إذ يُعد هذا الحدث الذي يمتد لمدة أسبوع فرصة لمشاركة مجموعة متنوعة من الشخصيات في عالم السينما سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، مما يعكس التزام المغرب بدعم صناعة السينما الناشئة.

تستضيف هذه النسخة الخاصة تحت شعار "تعزيز الفيلم القصير ودعم المخرجين الشباب"، وفدًا من بولندا كضيف شرف، حيث تسلط الضوء على تميز السينما البولندية من خلال اختيار دقيق لأكثر من 10 أفلام من مجموعة متميزة من استوديوهات الإنتاج البولندية المرموقة من بينها فيلم "الفستان" للمخرج تاديوس ليشياك والذي حصل على ترشيح لجوائز الأوسكار، مما يبرز استثنائية السينما البولندية.

وتعلن مديرة المهرجان رامية بلعادل عن إطلاق برنامج مبتكر بعنوان "فيلم ذو ميزانية منخفضة" يهدف إلى دعم إنتاج وتطوير الأفلام القصيرة في المغرب، إذ يقدم هذا البرنامج دعمًا شاملاً للمخرجين الطموحين بما في ذلك الدعم المالي والتقني والإرشادي، مما يعكس التزام المهرجان بتعزيز المواهب المحلية.

في هذا السياق أجرت "ميدل ايست اونلاين" حوار مع المديرة المؤسسة للمهرجان رامية بلعادل حول فعاليات هذه التظاهرة السينمائية، وفيما يلي نص الحوار:

في نظرك كمديرة مؤسسة  للمهرجان، كيف يؤثر المحتوى الثقافي المحلي على اختيار الأفلام القصيرة التي تُعرض؟

هدفنا هو تعزيز صناعة السينما للشباب في بلدنا، بالإضافة إلى عرض مراكش وأجوائها الدافئة والمريحة من خلال العروض في الهواء الطلق، حيث اننا مجموعة من الأشخاص الذين يشتركون في اثنتين من العواطف: السينما ومراكش، وأثناء اختيار الأفلام نولي اهتمامًا خاصًا بالجودة الفنية واستخدام التقنيات السينمائية، ونركز بشكل أساسي على التعمق في التعامل مع المواضيع.

هل يمكن للأفلام القصيرة أن تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والثقافية الهامة في المجتمع المغربي والعالمي؟

تعتبر الأفلام القصيرة وسيلة فعالة للتعبير وتحظى بالاهتمام الكبير من قبل الشباب تُشارك بشكل أساسي عبر المنصات بسبب قصرها، إذ يكمن تأثيرها القيم في التنسيق السهل في الوصول إلى الجمهور، كما أنها غالبًا ما تُنتج ذاتيًا من قبل صناع الأفلام مما يعني عدم وجود أجندات تجارية، فحرية التعبير فيها تشجع على تنوع المواضيع التي تثير رغبة الجمهور في المواكبة وتعزز التفاعل مع المحتوى السينمائي.

ما هي التأثيرات الاجتماعية والثقافية التي تتوقعينها من تنظيم مهرجان مراكش للأفلام القصيرة على المدينة والمجتمع المحلي؟

نحن نسعى إلى إنشاء مركز لصناعة الأفلام القصيرة، يهدف إلى توفير نوع من "الدار الكبيرة" حيث يشعر جميع صانعي الأفلام الشباب المغاربة بالأمان والاستماع وتقدير أعمالهم، ومن خلال عرض الأفلام القصيرة في الهواء الطلق في الأماكن العامة نهدف إلى جعلها أكثر قدرة على الانتشار والتوسع، وبالتالي تعزيز الوعي بالسينما القصيرة وتعزيز دورها في المجتمع.

هل يمكنك تقديم أمثلة عن الأفلام التي تم عرضها في المهرجانات السابقة وكان لها تأثير قوي على الجمهور؟

في النسخة الثانية من المهرجان قمنا بتكريم فلسطين كضيف شرف وتم عرض مجموعة من الأفلام القصيرة الفلسطينية للجمهور، حيث كان الجميع يتوقع أفلامًا مأساوية ومحزنة ولكن على العكس تمامًا، كانت الأفلام تحمل رسائل قوية عن الصمود وحب الحياة والسينما ما أعطى دروسًا في الصمود والتفاؤل جعلت الجمهور متحمسًا لمعرفة المزيد واكتشاف ثقافة فلسطين من خلال عيون صناع الأفلام المحليين، وليس من خلال تصوّرات الصحافة الدولية.

هل تعتقدين أن للنساء دورًا خاصًا في تطوير وتعزيز صناعة الأفلام القصيرة؟ وكيف يمكن لمهرجانك المساهمة في تعزيز هذا الدور؟

مهرجاننا هو مهرجان تأسس من قبل امرأة ويديره مجموعة من النساء يشكلن 60% من فريقنا، وهذا يعكس التأثير القوي الذي يحمله المهرجان، كما نحرص أيضًا على وجود صانعات أفلام في لجنة التحكيم  نسعى لتقديم قدر أكبر من التنوع والتمثيلية لصناع الأفلام، وهذا ليس فقط لأنهن نساء، بل أيضًا لأننا ندرك أن وجهات نظرهن المختلفة تثري عملية السرد وتضيف قيمة معنوية وفنية لمهرجاننا، إذ أن تشجيع المواهب النسائية يعزز التنوع ويسهم في تقدير تجارب سينمائية ثرية ومثيرة للجمهور.

ما هي التحديات الرئيسية التي تواجهها المنتجات أو المخرجات في صناعة السينما؟ وكيف يمكن تقديم الدعم لهن من خلال المهرجان؟

التحديات التي تواجه المخرجون الشباب هي بالفعل كبيرة للغاية وهذا هو دور مهرجاننا، إذ أن صناعة السينما صعبة للغاية على الوجوه الجديدة، ولذلك يجب على الجميع سواء كانوا رجالًا أم نساءً أن يظلوا صامدين ومتحمسين لمواجهة التحديات،  فبالنسبة لنا لا يجب أن نعامل صانعات الأفلام بشكل مختلف، بل يجب أن نوفر لهم الدعم والتشجيع بنفس القدر كما نفعل مع صانعي الأفلام الذكور، فالأهمية تكمن في دعم المواهب والترويج للعمل الجاد وتشجيع الصانعين الملتزمين بغض النظر عن جنسهم، إن الوعي بالتحديات التي يواجهها المبدعون من كل جنس يساعدنا على تقديم الدعم اللازم وتشجيع التنوع في صناعة السينما.

هل هناك تعاونات أو شراكات محلية أو دولية يمكن أن تسهم في نجاح وتطوير المهرجان؟

نجاح مهرجاننا يعتمد بشكل كبير على الحب والثقة التي نسعى للحصول عليها من صانعي الأفلام، إذ نسعى إلى بناء مهرجان يشبه العائلة، حيث يكون محوره الرئيسي صناعة الأفلام القصيرة ونولي اهتمامًا خاصًا للتكاتف مع التعاونيات المحلية والدولية التي تتمتع بالقيم نفسها التي نحن نتمسك بها تسعى إلى تعزيز إنتاج وتشجيع صناع الأفلام الشباب، فهدفنا هو توفير منصة للمواهب الناشئة وتعزيز التبادل الثقافي والإبداعي بين صناع الأفلام المحليين والعالميين  بهدف تعزيز وتطوير صناعة السينما القصيرة على الصعيدين المحلي والدولي.

ما هي الرسالة الرئيسية التي تأملين في نقلها من خلال مهرجان مراكش للأفلام القصيرة إلى العالم؟

نحن نشعر بالعاطفة والشغف تجاه السينما المبدعة والمستقلة، وهذا هو السبب في اختيارنا للعمل في هذا المجال، إذ نؤمن بأهمية السينما المستقلة كوسيلة للتعبير عن الأفكار والقضايا المهمة التي قد تتجاهلها وسائل الإعلام التقليدية، فمن خلال العمل في هذا المجال، نسعى لتجنب الوقوع في التصورات الخاطئة التي يمكن أن تفرض علينا من خلال وسائط الإعلام المختلفة، ونسعى بدلاً من ذلك لإثراء الفكر والثقافة من خلال إنتاج ودعم الأفلام التي تعكس التنوع والإبداع والرؤى الجديدة.