رفع أسعار الوقود يثير غضب العراقيين

مطالب برلمانية بمقترح حكومي لسياسات وإجراءات بديلة للحفاظ على استقرار أسعار الوقود وتقليل تأثيرها على الشرائح الاجتماعية الأضعف.
مطالبة برلمانية لمساءلة الحكومة العراقية بشأن رفع أسعار الوقود

بغداد – استقبل العراقيون خبر رفع أسعار الوقود في العراق بغضب واسع، مع ارتفاع التضخم نتيجة زيادة سعر صرف الدولار في السوق الموازية، فيما خرجت أصوات نيابية تطالب بمساءلة الحكومة عن هذا القرار.

وطالبت عضو لجنة النزاهة النيابية سارة الصالحي رئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي بتشكيل لجنة تحقيق تتولى مساءلة الحكومة بشأن رفع أسعار البنزين.

وجاء في كتاب وجهته الصالحي الى المندلاوي "نظرا لتزايد أسعار الوقود وأثره الكبير على معيشة المواطنين، وخاصة الشرائح الأكثر ضعفا في المجتمع تقتضي الضرورة تشكيل لجنة برلمانية خاصة تتولى مهمة مساءلة الحكومة ووزارة النفط بشأن رفع أسعار الوقود وتداعياته على الشرائح الاجتماعية والاقتصادية في جميع المحافظات لمعرفة الأسباب وراء هذا الارتفاع المفاجئ وتقديم الحلول المناسبة لتخفيف الأعباء عن المواطنين".

واقترحت الصالحي أن تقوم اللجنة بـ"إجراء تحقيق شامل لتحليل أسباب رفع أسعار الوقود وتقديم تقرير نيابي مفصل عن الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذا القرار وعرضه للرأي العام".

كما اقترحت "إلزام الجهات المعنية بتوضيح سبب القرار وآثاره المتوقعة واقتراح سياسات وإجراءات بديلة للحفاظ على استقرار أسعار الوقود وتقليل تأثيرها على الشرائح الاجتماعية الأضعف".

وفي مواجهة قرار رفع أسعار الوقود، قررت لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي عقد اجتماع طارئ الأربعاء. وذكر نائب رئيس اللجنة عدنان الجابري في مقابلة تلفزيونية "هذا القرار يؤثر على المواطن من ناحية رفع أجور النقل، وسيتأثر بشكل أكبر في حال رفع أسعار وقود الغاز باعتبار أن أغلب النقل والسلع والبضائع تعتمد على هذه المادة".

وقرر مجلس الوزراء العراقي، مساء الثلاثاء 26 مارس/آذار، رفع أسعار وقود السيارات بنسبة نحو 30 بالمئة للبنزين المحسن، وبنسبة 25 بالمئة لنوعية "السوبر". اعتباراً من شهر مايو/أيار المقبل.  كما صوّت المجلس على زيادة سعر البنزين المحسن من 650 ألف دينار للتر الواحد إلى 850 دينار للتر، والبنزين الممتاز من 1000 دينار إلى 1250 دينارا للتر الواحد، اعتبارا من نفس التاريخ.

وأثار هذا القرار غضب وتذمر السائقين بصورة خاصة والمواطنين بصورة عامة، لما له من تداعيات اقتصادية قد تؤدي إلى غلاء الأسعار عموماً في البلاد.

وأشار باسم عبد (59 عاما)، وهو موظف حكومي، إلى أن أغلب السيارات الجديدة تعمل بالشواحن التوربينية "وحتى سيارات الأجرة تحتاج إلى بنزين عالي الأوكتان".

وأضاف "السيارات التي يتم شراؤها من الوكالات مشمولة بالضمان الذي يشترط تعبئة البنزين المحسن، وفي حال حدوث خلل بسبب البنزين العادي الرديء يسقط الضمان، لذلك يضطر أصحاب المركبات إلى تعبئة البنزين المحسن وما يمثله من كلفة اقتصادية تثقل كاهل الموظف".

وقال الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي لوكالة أنباء العالم العربي إن رفع أسعار الوقود جاء في وقت سيء في ظل استمرار التضخم الناتج عن ارتفاع قيمة الدولار في السوق الموازية.

وتابع "زيادة الرسوم والضرائب الأخيرة، ومنها الغرامات المرورية، تعود إلى شحة النقد من الدينار العراقي لدى الحكومة التي تحاول جمع أكبر كمية منه عبر هذه الإجراءات".

وشملت إجراءات الحكومة العراقية التي جرى الإعلان عنها الثلاثاء إلزام الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة بتفعيل العمل بنظام النقل الجماعي وبنسبة لا تقل عن 30 بالمئة من موظفيها عن طريق الحافلات، فضلا عن زيادة رسوم تسجيل السيارات ودراسة زيادة الرسوم الجمركية لاستيراد السيارات، وفتح الطرق المغلقة في بعض مناطق بغداد.

وقال الخبير الاقتصادي "هذه المشكلات المتعلقة بالجانب المالي دفعت الحكومة إلى البحث عن منافذ لجمع النقد المحلي لتمويل الاستحقاقات المطلوبة منها بموجب قانون الموازنة العامة. اتخاذ إجراءات لتعزيز أدوات الشمول المالي من خلال زيادة منافذ إصدار البطاقة مسبقة الدفع ومنح سماح ضريبي للمتاجر التي تستخدم الدفع الإلكتروني لتحفيزها".

وقال عبد الحميد عبد المجيد (40 عاما)، الذي يعمل مدرسا، "سياسة رفع أسعار المحروقات التدريجية جاءت لتجنب رد فعل الشارع. رفع أسعار السلع الحكومية والضرائب بدأ بالبنزين المحسن والممتاز ولن ينتهي بالعادي (البنزين قليل الأوكتان) وزيت الغاز والنفط الأبيض وغاز الطبخ".

وتوقع ناشطون وأحزاب موجة احتجاجات شعبية تعارض هذه الخطوة، التي تقول بغداد إنها تهدف إلى فك الاختناقات المرورية والتقليل من حركة المركبات التي أصبحت “خارج السيطرة” خصوصاً في المدن الكبيرة، فضلاً عن مطالبات مستمرة تصدر عن صندوق النقد الدولي ومؤسسات عالمية شريكة مع العراق في “الإصلاح الاقتصادي”، تركز على ضرورة تخفيف دعم أسعار الوقود وكثير من السلع الأخرى والانتقال لمرحلة “الإصلاح الضريبي”.