ملفات ساخنة على أجندة زيارة عبداللهيان لدمشق وبيروت

وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان ناقش في دمشق العلاقات مع دول الجوار خصوصا السعودية وتركيا، وركز على المصالح الاقتصادية الإيرانية في سوريا، لينتقل بعدها إلى بيروت متابعا العملية السياسية العالقة.

دمشق – وصل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى دمشق الخميس، في زيارة عنوانها العريض "العلاقات الثنائية والأوضاع في المنطقة وتحسين العلاقة مع دول الجوار"، رغم أن توقيتها مع الاحتجاجات الشعبية في جنوب البلاد يوحي بمهمة أخرى.
وتتزامن زيارة عبداللهيان إلى دمشق مع انتفاضة تشهدها محافظة السويداء، تدعو إلى إسقاط نظام بشار الأسد وتطبيق القرار الأممي 2254، على ضوء الوضع الاقتصادي المتردي.
وتعدّ طهران من أبرز داعمي الرئيس الأسد وأرسلت منذ سنوات النزاع الأولى مستشارين عسكريين لمساندته في معاركه ضدّ المعارضة والتنظيمات الجهادية التي تصنّفها دمشق “إرهابية” وساهمت كذلك في دفع مجموعات موالية لها، على رأسها حزب الله اللبناني للقتال في سوريا إلى جانب القوات الحكومية.
وتبدو الإشارة الإيرانية واضحة في دعم الأسد من خلال ما نقلت الخارجية الإيرانية عن عبداللهيان تأكيده بعد زيارة دمشق أنه “كما وقفت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى جانب سوريا في أيامها الصعبة، فستواصل وقوفها إلى جانب سوريا وشعبها في المرحلة الجديدة”.
وكان قد قال في تغريدة على "إكس" (تويتر السابق) قبيل توجهه إلى سوريا إن زيارته إلى هناك "تأتي في إطار تعزيز السياسة الإقليمية وسياسة الجوار للحكومة الإيرانية ولأجل الإسراع في تنفيذ الاتفاقيات المبرمة خلال زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مطلع مايو الماضي مع الرئيس السوري بشار الأسد". وأكد أنه سيتابع خلال الزيارة الاتفاقيات المبرمة بين رئيسي والأسد، أو تلك التي أبرمت خلال زيارة وفد سوري أخيرا إلى طهران.
وتولي طهران أهمية لهذه الاتفاقيات التي تعتبر غنيمة مساندتها للرئيس السوري، وهي بحاجة إلى هذه المكاسب في الوقت الراهن الذي تعاني فيه من أزمة اقتصادية أججت غضب الشارع الإيراني.
وزار رئيسي دمشق في الثالث من مايو الماضي في زيارة استمرت ليومين، كانت الأولى من نوعها لرئيس إيراني منذ بدء النزاع في البلاد عام 2011، رغم الدعم الكبير الاقتصادي والسياسي والعسكري، الذي قدّمته طهران لدمشق والذي ساعد على تغيير مجرى النزاع لصالح القوات الحكومية.
ووقّع البلدان خلال الزيارة مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد، وتشمل مجالات عدة بينها الزراعة والسكك الحديد والطيران المدني والنفط والمناطق الحرة.
وشكلّ الجانبان ثماني لجان تخصصية تُعنى بالاستثمار والتجارة والصناعة والنفط والزراعة. وأوردت صحيفة الوطن المقربة من دمشق حينها أن أولويات الاتفاقيات هي التركيز على الخط الائتماني الإيراني، ومناقشة تحويل الأموال المباشر بين البلدين، وملفات استثمار النفط وخطوط نقل السكك الحديدية وبناء المدن الصناعية.
وحرص الطرفان على بعث رسائل التقارب والتصالح مع دول الجوار، حيث أكد الرئيس السوري، أن العلاقة السليمة بين إيـران والدول العربية تساهم في استقرار المنطقة وازدهارها، مبديا ثقته بالنهج الذي التزم به، وفقا لرؤيته للصورة الدولية الراهنة.
وأضاف أن "العلاقة السليمة بين إيران والدول العربية تساهم في استقرار المنطقة وازدهارها"، ورحّب بمبادرة إيران لتعزيز العلاقات مع الدول العربية في المنطقة، معتبراً إياها "عملاً استراتيجياً فائقاً".
وبين أن "الصورة الدولية أصبحت أكثر وضوحاً على وقع التطورات والتغييرات الحاصلة في العالم وهي تعزز ثقتنا بالنهج الذي نسير عليه".

من جهته، قال عبداللهيان لوسائل إعلام إيرانية لدى وصوله إلى دمشق إنه سمع "تصريحات إيجابية" عن العلاقات مع سورية خلال زيارته الأخيرة للسعودية، مشيرا إلى أن زيارته لسورية تهدف إلى التباحث بشأن ذلك وقضايا إقليمية ودولية ومواضيع ثنائية. معرباً عن ارتياح بلاده لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وتعزيز العلاقات السورية العربية.
وحسب صفحة الرئاسة السورية على فيسبوك، "بحث الأسد مع عبد اللهيان العلاقات الثنائية والأوضاع في المنطقة والجهود المتعلقة بعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، إضافة لموضوع الانسحاب التركي من الأراضي السورية وحتمية حصوله كشرط لا بد منه لعودة العلاقات الطبيعية بين دمشق وأنقرة".
كما استحوذ الملف السوري – التركي على أهمية خاصة في هذا اللقاء، فقد أفاد عبد اللهيان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السوري فيصل المقداد في دمشق "نعتقد أن وجود علاقات ودية بين دمشق وأنقرة قائمة على حسن الجوار يصب في مصلحة المنطقة، ويجب الحفاظ على سيادة الدول وسلامة أراضيها، خاصة فيما يتعلق بسوريا وتركيا".
لكن الأسد أصر على موقفه السابق قائلا إن “الانسحاب التركي من الأراضي السورية أمر حتمي ولا بد منه لعودة العلاقات الطبيعية بين دمشق وأنقرة”.
وعن الدور الأميركي في المنطقة، صرح إنّ استراتيجية واشنطن هي "تأمين مصالحها الخاصة، وإثارة وتأجيج التوتر والأزمات بين دول المنطقة وشعوبها، بما في ذلك الخلافات بين الشيعة والسنة، أو العرب والإيرانيين".
وتوجه عبداللهيان إلى بيروت بعد مغادرته دمشق، وقال لدى وصوله”خلال المباحثات الّتي سنجريها في لبنان، سنحثّ مختلف الأفرقاء على التّوصّل إلى تفاهمات تؤدّي إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة”، معتبراً أنّ “قادة لبنان هم من يجب أن يقرّروا بشأن انتخاب رئيس للجمهوريّة”.
وأضاف “إنّنا واثقون من قدرة القادة اللّبنانيّين والشّعب اللبناني على اتّخاذ القرار السّياسي الصّحيح لانتخاب رئيس للجمهوريّة”.
وكشف عن أنّه “خلال المباحثات الّتي أجريناها مع المسؤولين السّعوديّين، سمعنا منهم تصريحات إيجابيّة وبنّاءة بشأن دعم لبنان”، داعياً جميع الدّول إلى “التّعاون مع لبنان ودعمه، وإيران ستستمرّ في دعمها القوي للبنان”.
ويعاني لبنان من أزمات سياسية حيث تعثر انتخاب رئيس جديد للجمهورية منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في 31 أكتوبر الماضي، ودخل لبنان مرحلة الشغور الرئاسي منذ ذلك الحين.
ويذكر أن عبد اللهيان زار لبنان، في شهر يناير الماضي، وناقش مع الأمين العام لحزب الله اللبناني (ذراع إيران في لبنان)، حسن نصر الله، التطورات في المنطقة بوجه عام، خاصة الأوضاع في لبنان وسوريا وفلسطين واليمن.
وأطلع عبد اللهيان، نصر الله، على آخر المستجدات الخاصة بالحظر الأميركي على إيران، فضلا عن إطلاع الأمين العام لـ"حزب الله" على آخر التطورات المتعلقة بالعملية السياسية في لبنان وملف انتخاب الرئيس الجديد في البلاد.
ومن المرجح أن لا تخرج الزيارة الحالية عن إطار سابقتها ومناقشة التدخلات أو الضغوط الخارجية على العملية السياسية في البلاد.