منظمات تكشف انتهاكات الجيش الجزائري ضد السكان في تندوف

تقارير حقوقية أممية تؤكد أن حوادث القتل والعنف من ضمن ممارسات لا تقل خطورة في مخيمات تندوف من بينها المتاجرة بالبشر خصوصا الأطفال.

تندوف (الجزائر) - كشفت حادثة مقتل ثلاثة شبان صحراويين من منقبي الذهب في مخيمات تندوف بالجنوب الغربي للجزائر، عن انتهاكات متزايدة ضد السكان وغياب العدالة الأمنية والاجتماعية، وقد كشف مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان عن ازدياد حالات القتل من قبل الجيش الجزائري لأشخاص لا يشكلون أي خطر على الأمن والنظام العام.

ووثقت تسجيلات صوتية وصور نشرها نشطاء صحراويين الحادثة، فيما رجحت مصادر مطلعة مسؤولية الجيش الجزائري عن مقتلهم.

واعتبر مرصد الصحراء في بيان له أن هذه الحالات تدخل في “خانة الطابع الممنهج للقتل الذي لا يزال يتكرر على مر عقود متتالية”، مؤكدا حصوله على العديد من ملفات ضحايا القتل خارج نطاق القانون أو إجراءات موجزة أو تعسفا من صحراويي مخيمات تندوف على أيدي العناصر الأمنية الجزائرية إما رميا بالرصاص أو حرقا حتى الموت.

وأشار المرصد إلى أن السلطات الجزائرية تواصل ارتكاب عمليات قتل دون أي أية إجراءات قضائية أو قانونية، رغم أن الحق في الحياة مكفول بموجب المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، والمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ ولا يجوز التذرع بالظروف الاستثنائية، بما فيها حالة الحرب أو التهديد بالحرب أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أية حالة طوارئ أخرى، لتبرير تنفيذ الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً.

مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان يحمل الجزائر وقادة بوليساريو مسؤولية الجرائم مطالبا بإحالة منفذي وداعمي تلك الانتهاكات إلى المحاكمات.

وتعتبر حوادث القتل والعنف من ضمن ممارسات أخرى لا تقل خطورة، حيث فضحت تقارير حقوقية أممية إرسال جبهة بوليساريو أطفال المخيمات، إلى كوبا لشحنهم بأيديولوجيات توافق أجندتها الانفصالية، في تأكيد للمتاجرة في البشر خصوصا الأطفال. وتؤكد وقائع كثيرة تورط الجبهة الانفصالية في المتاجرة بأطفال تندوف.

وأوضح المرصد الصحراوي “بما أن طبيعة هذه الانتهاكات للحق في الحياة تزيد من حدة إلزامية إجراء تحقيقات في الأحداث التي وقعت كجزء لا يتجزأ من مفهوم المساءلة؛ من أجل كفالة هذا الحق ومنع نشوء جو قوامه الإفلات من العقاب؛ فعلى دولة الجزائر، بموجب القانون الدولي، واجب التحقيق في الادعاءات التي تزعم ارتكاب انتهاكات الإعدام التعسفى في حق الشباب”.

وحمل دولة الجزائر وقادة جبهة بوليساريو الانفصالية مسؤولية هذه الجرائم مطالبا بإحالة منفذي وداعمي تلك الانتهاكات إلى المحاكمات العادلة وفقا للقانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني باعتبارها جرائم لا تسقط بالتقادم.

وقبيل 10 أيام تقرييا، أقدمت الجبهة الانفصالية على اختطاف محمودة احميدة سعيد، امرأة صحراوية في عقدها السادس والقاطنة بمخيمات تندوف، على خلفية انتزاع ملكية دكاكين تجارية، كانت تدبرها منذ عقدين من الزمن، لفائدة أحد أقارب أحد المسؤولين النافذين بتنظيم بوليساريو، وفق ما كشفه تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية.

وأبرز التحالف أنه تلقى “باستياء بالغ نبأ قيام عناصر من بوليساريو باختطاف الصحراوية محمودة احميدة سعيد، على إثر بنائها لخيمة أمام مركز قيادة التنظيم، للاحتجاج على الظلم والقمع والتضييق الذي لحقها بمعية أفراد أسرتها لسنوات من طرف قياديين في التنظيم وبعض أفراد عائلاتهم”.

وأوضح أن هذه الواقعة تأتي في سياق “يلفه الكثير من الغموض بشأن حالة الحقوق والحريات بمنطقة تندوف الجزائرية، التي تحوي مخيمات للأشخاص الصحراويين منذ أكثر من خمس عقود ”.

وشدد تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية أنه يتابع بـ”قلق شديد لجوء تنظيم بوليساريو الممنهج لقمع المطالبين بحقوقهم الأساسية، والمعارضين لسياساته التحكمية في تنسيق محكم مع أجهزة الأمن العسكري الجزائري”.

والشهر الماضي أيضا استنكرت منظمتان غير حكوميتين، بجنيف، الانتهاكات الجسيمة لحقوق اللاجئين في مخيمات تندوف، وسط صمت المجتمع الدولي.

 ونددت الشبكة الإفريقية للتنمية والحكامة لحقوق الإنسان في كلمتها خلال النقاش العام الخاص بتحديث تقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان، في إطار الدورة 55 لمجلس حقوق الإنسان، بـ "صمت المجتمع الدولي فيما يتعلق بالفظائع المرتكبة، دون عقاب" ضد الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف، جنوب الجزائر، تحت نفوذ ميليشيات بوليساريو المسلحة والجيش الجزائري.

وقالت إن هؤلاء "يرتكبون أسوأ الفظائع ضد الصحراويين، ولا سيما المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي، الذين يتجرأون على إدانة الجرائم التي ترتكبها هذه الميليشيات، بما في ذلك عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، والاختفاء القسري، والاغتصاب، وتجنيد الأطفال، والعبودية، واختلاس المساعدات الإنسانية".

    وأعربت المنظمة عن قلقها البالغ تجاه هذه الوضعية، على اعتبار أنه "على الرغم من هذه الانتهاكات الجسيمة المرتكبة في المخيمات الموجودة على الأراضي الجزائرية، لم يقدم أي من المقررين الخاصين اللذين زارا الجزائر عام 2023 على إبداء أدنى اهتمام بالوضع الخطير لهؤلاء المحتجزين على الأراضي الجزائرية".

من جهتها، استنكرت منظمة "إل سيناكولو" تمادي دولة الجزائر الحاضنة لـ بوليساريو في التغاضي عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ترتكبها دون حسيب أو رقيب في حق ساكنة مخيمات تندوف جنوب الجزائر، وكذلك "فشل الآليات الأممية وعلى رأسها المفوضية السامية للاجئين في تفعيل ولاية الحماية المخولة لها بمقتضى اتفاقية جنيف".

 وقالت "إن اللاجئين الصحراويين الذين يعيشون في خمس تجمعات سكنية مطوقة بالكامل من طرف الجيش الجزائري، يعانون من أشرس أنواع القمع الذي تمارسه قيادة بوليساريو والجيش الذين يلجؤون بصفة ممنهجة إلى القتل خارج القانون، كما يدل على ذلك قتل 16 من الشبان الصحراويين مؤخرا أثناء محاولتهم مغادرة المخيمات رميا بالرصاص، وكذلك حرق اثنين آخرين وهم أحياء بعدما صب عليهما أفراد الجيش الجزائري البنزين بدم بارد".

 ‏ونبهت المنظمة إلى أن "الاختفاء القسري من أكثر الوسائل المستعملة من طرف جلادي بوليساريو لإسكات أي صوت يجرؤ على فضح الانتهاكات الخطيرة التي تقترفها مليشيات القيادة، كما تدل على ذلك حالة والدي محمد سالم الكوري الذي يظل مجهول المصير منذ اختطافه هو ومئات الصحراويين الذين ماتوا تحت التعذيب وتم دفنهم في حفر مجهولة ضواحي مدينة تندوف الجزائرية.

وطالبت المجتمع الدولي "بالضغط على الجزائر من أجل تحمل مسؤوليتها إزاء الجرائم المرتكبة داخل ترابها من طرف جيشها ومليشيات بوليساريو  ضد الصحراويين، بما في ذلك الكشف عن مصير المختفين وتقديم الجلادين للعدالة".