موجة عنف عنصرية ضد اللاجئين السوريين تجتاح لبنان

ملاحقات انتقامية واعتداءات عشوائية طالت السوريين في مناطق لبنانية مختلفة بعد عملية خطف واغتيال مسؤول في حزب القوات اللبنانية.

بيروت - يعيش معظم السوريين في لبنان حالة من القلق الشديد بسبب موجة العنف العنصرية الجديدة التي واجهتهم على خلفية مقتل المسؤول في حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان، وتوجيه الاتهام لسوريين بقتله. رغم رفض الحزب اللبناني لهذه الاعتداءات وقوله إن قتل المسؤول في الحزب “عملية اغتيال سياسية حتى إثبات العكس”.

وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، العديد من أنصار الحزب قطعوا الطرقات في عدة مناطق واعتدى بعضهم بالضرب على لاجئين سوريين، بينما وثقت مقاطع أخرى توجيه مهلة للسوريين في منطقة برج حمود بالعاصمة بيروت، بإخلاء المنازل والمحال التجارية خلال أيام، كما تداولت المنصات صور منشورات تحذّر السوريين من البقاء في منازلهم وتهددهم بالانتقام.

وانتشر التحريض ضد اللاجئين والمدافعين عنهم في الكثير من الصفحات:

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير الأربعاء إنه في الأشهر الأخيرة، احتجزت السلطات اللبنانية سوريين تعسفيا وعذبتهم وأعادتهم قسرا إلى سوريا، وبينهم نشطاء في المعارضة ومنشقون عن الجيش.

ووثّقت المنظمة بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2024 بإقدام "الجيش اللبناني" و"المديرية العامة للأمن العام"، وهو جهاز الأمن اللبناني المشرف على دخول الأجانب وإقامتهم، على الإعادة القسرية بحق منشق عن الجيش السوري وناشط معارض. وفي قضية منفصلة، احتجزت مخابرات الجيش اللبناني لفترة وجيزة وعذّبت رجلا سوريا، زُعم مشاركته في مظاهرة تضامنية مع النساء في غزة. بينما يكافح لاجئون سوريون آخرون للبقاء في لبنان رغم أوامر الترحيل والبيئة العدائية المتزايدة التي تفاقمت جرّاء إقدام المسؤولين على اتخاذ اللاجئين كبش فداء.

وقال رمزي قيس، باحث لبنان في هيومن رايتس ووتش "فرض المسؤولون اللبنانيون لسنوات ممارسات تمييزية ضد السوريين المقيمين في البلاد كوسيلة لإجبارهم على العودة إلى سوريا، التي ما زالت غير آمنة، مضيفا أن "الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والترحيل بحق السوريين الذين يواجهون خطر الاضطهاد المثبت إذا عادوا هي نقاط تمعن في تلطيخ سجل لبنان في التعامل مع اللاجئين".

وفجّرت عملية خطف واغتيال باسكال سليمان موجة جديدة من معاداة السوريين في لبنان، وأثارت حالة من الجدل حول المسؤول والمستفيد من العملية.

وفي إشارة إلى تحميل حزب الله مسؤولية الجريمة، قال حزب القوات اللبنانية في بيان “الوجود غير الشرعي لحزب الله أدى إلى تعطيل دور الدولة وفعالية هذا الدور”، وأشار إلى أن ذلك أفسح هذا الأمر المجال أمام عصابات السلاح والفلتان المسلَّح، ونفى حزب الله هذا الاتهام واعتبره تحريضاً على الفتنة الطائفية.

وأدى مقتل سليمان إلى ملاحقات انتقامية واعتداءات عشوائية طالت السوريين في مناطق لبنانية مختلفة. وشهدت مناطق برج حمود وسد البوشرية والجديدة وبشري وجبيل وجونية وذوق مصبح وذوق مكايل وطبرجا ومناطق أخرى، سلسلة اعتداءات على عمال ولاجئين سوريين بينهم نساء.

كما جرى تحطيم سيارات تحمل لوحات سورية، والهجوم على مساكن يقطنها سوريون، فيما اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي حملات تحريض وبث مكثف لخطاب الكراهية ضد اللاجئين ودعوات لترحيلهم.

وانتشرت مقاطع مصورة توثق الاعتداءات، وأخرى تظهر مجموعات مدنية لبنانية تتنقل في المناطق وتعطي السوريين مهل زمنية لإخلائها تحت التهديد والوعيد.

واتخذت بلديات لبنانية كثيرة إجراءات مشددة حدّت من تحركات السوريين، وفرضت عليهم حظر تجول شامل غير محدد التوقيت، كما قامت بعض البلديات بتوزيع مناشير مطبوعة تدعو السوريين إلى مغادرة البلاد، وتتهمهم بتهديد الأمن والسلامة العامة في لبنان، مما تسبب بتصاعد حملات التحريض ضدهم، وجعلهم في الكثير من المناطق اللبنانية سجناء في منازلهم، يعيشون لحظات من القلق والترقب والخوف، ويتوقعون اعتداء أو ملاحقة في كل خطوة يقومون بها.

ودعا وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية بسام مولوي، إلى التشدد في تطبيق القوانين على اللاجئين السوريين في لبنان بعد توقيف سبعة سوريين يشتبه بضلوعهم في مقتل باسكال سليمان الذي عثر على جثته في سوريا.

وقال في مؤتمر صحفي بعد اجتماع استثنائي لمجلس الأمن المركزي في بيروت “أكدنا على القوات الأمنية التشدد في تطبيق القوانين اللبنانية على اللاجئين السوريين، وعلى ضرورة الحدّ من الوجود السوري في لبنان بطريقة واضحة”.

وفي إشارة إلى تحميل اللاجئين السوريين مسؤولية الجريمة قال مولوي “لا يمكن أن يتحمل لبنان مزيداً من المشاكل والفتن”.

وهي ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها السوريون في لبنان لموجات العنف العنصرية، لكن خطورتها تتزايد الآن في ظل تزايد رقعة الصراعات والحروب في المنطقة.

وقبل أيام فكك لاجئون سوريون مخيمهم في مدينة بر الياس بعد إعطائهم مهلة من قبل القوة الأمنية اللبنانية التي هددت بجرفه في حال لم يُفكك، بحجة “التعدي”

وتدخل وجهاء وشيوخ من بلدة المرج بسهل البقاع اللبناني لمنع جرف وترحيل مخيمات يقطنها عشرات اللاجئين السوريين في المنطقة.