هل قدّم الجمهوريون هديّة لبايدن بفتح تحقيق لعزله؟

الرئيس الأميركي يصف الاتهامات بأنه استقاد من معاملات نجله المالية بـ"مسرحية سياسية"، ملقيا باللّوم على مجلس النواب.

واشنطن - يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن تحقيقا في مجلس النواب 'الكونغرس' يهدف إلى عزله من منصبه على خلفية شبهات بأنه استفاد من تعاملات مالية لنجله هانتر، فيما يبدو أن هذه الخطوة قد ترمم شعبية الرئيس الديموقراطي التي اقتربت من مستوياتها خلال الفترة الأخيرة.

وتبدو إستراتيجية بايدن في الرد واضحة من الآن: اعتبار الاتهامات مجرّد مسرحية سياسية واتهام مجلس النواب بالسعي لعرقلة خططه وحتى جمع الأموال من أجل منافسته المحتملة مع دونالد ترامب.

وقال أستاذ السياسة في جامعة جورج واشنطن تود بيلت "لا يرغب أي رئيس في أن يتم عزله"، مضيفا أنه مع ذلك، "فإن المعنى السياسي لذلك هو أن الخطوة تقدّم هدية في الواقع لجو بايدن".

وتابع أن رد البيت الأبيض الذي صدر بعد دقائق من جلسة تصويت الأربعاء "انتقل بشكل سريع جدا إلى الاقتصاد وإلى حقيقة أن الكونغرس لم ينجز الكثير وبأنه مهووس بسياسات دونالد ترامب للانتقام بدلا من إتمام العمل الذي يؤثر على الناس".

وفشل الجمهوريون حتى الآن في تقديم أدلة على فساد الرئيس وحتى إن عزل مجلس النواب بايدن في نهاية المطاف، فإن أي محاولة لإزاحته من المنصب ستدفن فورا في مجلس الشيوخ.

لكن الجمهوريين في مجلس النواب مضوا قدما في التحقيق لإدراكهم بأنه يوفّر منصة مهمة لمهاجمة بايدن ويساعد في صرف الانتباه عن المحاكمات الجنائية التي يواجهها ترامب علما بأن الأخير واجه إجراءات العزل مرّتين.

ويتقدّم ترامب على بايدن في استطلاعات الرأي الأخيرة ولطالما حضّ الجمهوريين على عزل الرئيس الذي فاز عليه في انتخابات 2020 بغض النظر عن الأدلة ضده.

واشتكى الخميس من أنه لم "يتمتع يوما برفاهية" تحقيق قبل عزله، مضيفا أن "بايدن محظوظ لأنه يحظى بتحقيق فحسب وهو مذنب إلى أبعد حد".

وبينما باع ترامب سلعا تحمل صورته الجنائية واعتبر التهم الموجّهة إليه بأنها "مطاردة شعواء"، وصفت حملة بايدن التحقيق المرتبط بالعزل بأنه "مسرحية سياسية بممثلين رديئين"، في رسالة عبر البريد الإلكتروني أرسلتها نائبة الرئيس كامالا هاريس ساعية لتبرّعات لا تتجاوز خمسة دولارات، فيما ذكرت وسائل إعلام أميركية أن الرسالة كانت الأكثر انتشارا هذا الأسبوع.

ووصف بايدن اتهامات الجمهوريين بأنه استفاد من تعاملات نجله المالية في أوكرانيا والصين أو استغل اسمه لتسهيل صفقات أبرمها هانتر بأنها "أكاذيب" و"حيلة سياسية لا أساس لها".

لكنه يرجّح في العام 2024 أن "يهمّش" الاتهامات ويشير بدلا من ذلك إلى الفوضى في مجلس النواب حيث يواجه تمويل مخصص لأوكرانيا عراقيل في ظل خطر الإغلاق الحكومي، بحسب بيلت.

وأضاف أنه "إذا تواصل ذلك على مدى دورة الانتخابات، فكل ما يتعيّن على الرئيس القيام به هو الإشارة إلى 'كابيتول هيل' والقول "أنظروا ما الذي يفعله هؤلاء".

وفي الأثناء، تبنى هانتر بايدن الذي لطالما دعمه والده خلال فترة تعاطيه المخدرات والمشاكل القانونية التي واجهها، استراتيجية قائمة على المواجهة. فعقد الأربعاء مؤتمرا صحافيا وصف خلاله الجمهوريين بأنهم "بلا خجل".

ويواجه هانتر البالغ 53 عاما اتهامات فدرالية متعلقة بحيازة لأسلحة النارية والتهرب الضريبي، لكن منصة 'أكسيوس' الإخبارية الأميركية أفادت بأن استراتيجية بايدن أدت في الواقع إلى "توتر" مع البيت الأبيض الذي يتبع نهجا يقوم على تجنّب المخاطر.

ويمكن لبايدن أن يعزي نفسه عبر حقيقة أن إجراءات العزل السابقة لرؤساء أميركيين على غرار آندرو جاكسون في 1868 وبيل كلينتون في 1998 ودونالد ترامب في 2019 و2021 فشلت جميعها في إزاحتهم من السلطة. أما ريتشارد نكسون فاستقال عام 1974 قبل عزله ومع ذلك، فإن العملية لا تخلو من المخاطر السياسية.

وأوضح بيلت أن أي محاولة من البيت الأبيض للإشارة إلى امتيازات تنفيذية والامتناع عن تقديم أدلة يمكن أن تعطي الجمهوريين الذخيرة اللازمة لتأكيد اتهاماتهم بأن بايدن يخفي أمرا ما.

وفي النهاية، يمكن على الدوام بأن تطرأ مفاجآت وقال بيلت "تظهر أمور جديدة أحيانا في التحقيقات. لا أحد منا يعرف، أليس كذلك؟".

وكشف استطلاع للرأي أجرته 'رويترز/إبسوس' خلال الشهر الجاري أن شعبية الرئيس الأميركي اقتربت من أدى مستوياتها، ما يؤشر على أنه بات أمام سنة انتخابات صعبة.

وأظهر السّبر أن الأميريكيين يعتبرون الاقتصاد والجريمة والهجرة أكبر المشاكل التي تواجه البلاد وهي القضايا التي انتقد ترامب وغيره من الجمهوريين بايدن بشأنها.

كما يواجه الرئيس الأميركي تصويتا عقابيا من طرف الجالية المسلمة في الولايات المتحدة بسبب دعمه لإسرائيل في حربها التي تشنها على قطاع غزة وتأييده لما يسمى بـ"حق" الدولة العبرية في الدفاع عن نفسها.