واشنطن تعرض وعباس لا يمانع إدارة مشروطة لغزة

بينما تناقش إسرائيل والولايات المتحدة من سيدير غزة بعد مرحلة ما بعد الحرب والقضاء على حماس، جاء الجواب سريعا من الرئيس الفلسطيني لينهي حيرة الطرفين بقبول عودة السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع.
واشنطن قدمت قبل حرب غزة أسلحة وعربات مدرعة للسلطة الفلسطينية
عباس يواجه انتقادات شديدة وانهيارا لما تبقى له من شعبية في الضفة
عودة السلطة لإدارة قطاع غزة لن تكون يسيرة

رام الله (الأراضي الفلسطينية) - لا تجد الولايات المتحدة مخرجا من المأزق في قطاع غزة لمرحلة ما بعد الحرب أفضل من أن تعود السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع المحاصر والذي يتعرض لأعنف هجوم إسرائيلي من أجل القضاء على حركة حماس وإنهاء حكمها للقطاع. وقد أعطت تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأحد خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن إشارات قوية على هذا المسار بينما يثار في إسرائيل والولايات المتحدة سؤال حول من سيدير قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.

وهذا السؤال الملح شكل محور نقاشات إسرائيلية أميركية بالتوازي مع مسار حرب مجهولة النتائج تشنها إسرائيل في قطاع غزة بلا رؤية واضحة لنهايتها وما بعد نهايتها، لكن الرئيس الفلسطيني الذي يتعرض لانتقادات شديدة في الداخل بسبب صمته إزاء العدوان الإسرائيلي وأيضا بسبب قمعه في الضفة للمظاهرات الداعمة لغزة، قد يكون أنهى الحيرة الأميركية الإسرائيلية حيال مصير غزة ما بعد الحرب.  

وربط عباس خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في رام الله الأحد عودة السلطة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة بـ "حل سياسي شامل" للنزاع، بينما أكد الوزير الأميركي على أهمية أن تلعب السلطة دورا في غزة في إعلان لم يكن مفاجئا إذ تدفع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حتى قبل الأحداث الأخيرة لتقوية سلطة عباس.

وكانت قد منحت أجهزة الأمن التابعة للسلطة مساعدات عسكرية وأمنية تشمل أسلحة ومدرعات قبل هجوم حماس المباغت على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وأثارت تلك المساعدات جدلا واسعا في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة باعتبارها محاولة لتقوية سلطة عباس في مواجهة فصائل المقاومة في الوقت الذي تشهد فيه الضفة الغربية احتقانا شعبيا وانهيارا في شعبية الرئيس الفلسطيني.

وقال عباس الذي التقى بلينكن للمرة الثانية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول "قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، وسنتحمل مسؤولياتنا كاملةً في إطار حل سياسيٍ شامل على كل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة".

ولم يمانع خلال استقباله بلينكن الذي يقوم بجولة في المنطقة على وقع حرب مستعرة في غزة بين إسرائيل وحماس، تولي السلطة مجددا إدارة القطاع المدمر والمحاصر والذي يتعرض لأعنف قصف إسرائيلي خلف آلاف القتلى والجرحى حتى الآن.

وتسيطر حركة حماس منذ العام 2007 على قطاع غزة وشنت في السابع من أكتوبر الماضي هجوما مباغت على إسرائيل قتل فيه 1400 إسرائيلي وأسرت خلاله أكثر من 200 بين جنود ومستوطنين وأجانب.

وكان عباس قد أعلن أن ممارسات وأنشطة حماس لا تمثل الفلسطينيين في غمرة العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة قبل أن تحذف وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية تلك الإشارة التي أثارت جدلا واسعا.

وواجه الرئيس الفلسطيني الذي هوت شعبيته بشدة انتقادات حادة واحتقانا شعبيا في الضفة الغرب مقر سلطته، بسبب صمته إزاء المجازر التي ترتكبها إسرائيل وبسبب قمع مظاهرات خرجت في الضفة تضامنا مع قطاع غزة.

كما بدا في وضع العاجز عن التعاطي مع أسوا هجوم تتعرض له غزة، بينما أثير في وسائل الإعلام العبرية والأميركية سؤال ملح حول من سيدير قطاع غزة بعد انتهاء الحرب وبعد تعهد قادة إسرائيل بالقضاء على حركة حماس وحكمها.

وجاء الجواب الأحد من الرئيس الفلسطيني الذي لم يمانع إدارة القطاع لكنه ربط ذلك بـ"حل سياسي شامل" للنزاع.

وقال عباس الذي التقى بلينكن للمرة الثانية منذ السابع من أكتوبر "قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين وسنتحمل مسؤولياتنا كاملةً في إطار حل سياسي شامل على كل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة".

وكانت الولايات المتحدة قد جددت تأكيدها بأن حل الدولتين هو الخيار الوحيد لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

وقال بلينكن في وقت سابق إن السلطة الفلسطينية يجب أن تسيطر على قطاع غزة. ووصف عباس الحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع بأنها "حرب إبادة جماعية".

وأضاف الرئيس الفلسطيني الذي استقبل بلينكن في مقر الرئاسة الفلسطينية في مدينة رام الله "لا توجد كلمات لوصف حرب الإبادة الجماعية والتدمير التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في غزة على يد آلة الحرب الإسرائيلية، بدون اعتبار لقواعد القانون الدولي".

وحذر الوزير الأميركي من جانبه من "التهجير القسري" للفلسطينيين في قطاع غزة، وفق ما أفاد متحدث باسم الخارجية الأميركية، فيما أعلن عباس رفضه لتهجير الفلسطينيين إلى "خارج غزة أو الضفة أو القدس" مؤكدا على رفضه "القاطع" لذلك.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إن الجانبين ناقشا أيضا "ضرورة وقف أعمال العنف التي ينفذها متطرفون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية"، في إشارة على وجه التحديد إلى أعمال العنف التي ينفذها المستوطنون وتسببت بمقتل عدد من الفلسطينيين خلال الشهر المنصرم.

وقتل أكثر من 150 فلسطينيا في مواجهات مع جنود إسرائيليين وفي هجمات شنها مستوطنون وفق وزارة الصحة في رام الله.

ورأى عباس أن الأحداث في الضفة الغربية والقدس ما هي إلا "جرائم تطهير عرقي وتمييز عنصري وقرصنة أموال شعبنا الفلسطيني".

وزيارة بلينكن غير المعلنة إلى رام الله لأسباب أمنية، هي الأولى منذ السابع من أكتوبر وسط مخاوف من اتساع نطاق الحرب.

وعقب اجتماعه بالعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني السبت، أعرب بلينكن عن "قلقه بشأن تزايد العنف في الضفة الغربية" كما أكد على "التزام الولايات المتحدة بالعمل مع الشركاء نحو سلام دائم في المنطقة" وفق بيان.

وأعربت الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية والعربية عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الضفة الغربية.

وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الجمعة إن الوضع في الضفة الغربية المحتلة "مثير للقلق" ويستدعي تحركًا "عاجلًا"، مع التشديد على العنف الذي يمارسه المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين.

والجمعة ايضا قال الجيش الإسرائيلي إن قواته "تقوم بعمليات ضد حماس" لا سيما في جنين ونابلس في شمال الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967. وينفذ منذ شهر حملات اعتقال واسعة في الضفة الغربية طالت أكثر من 2000 فلسطيني وفق ما أعلن نادي الأسير الفلسطيني.