واشنطن وبغداد تتفاوضان بلا أفق لانهاء الوجود الأجنبي

الفصائل العراقية تحذر من مغبة منح الحصانة لأي قوة أجنبية بأي ذريعة كانت ومن أي التزام من جانب الحكومة أو أجهزتها الأمنية لحماية القوات الأميركية.

بغداد – انطلقت اليوم السبت الجولة الأولى للحوار الثنائي بين العراق والولايات المتحدة لإنهاء مهمة التحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية 'داعش' والذي تقوده واشنطن، فيما تأمل بغداد أن تؤدي المحادثات إلى خفض تدريجي لقوات التحالف على أراضيها.

ونشر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني صورة للاجتماع الأول والذي ضم كبار قادة الجيش العراقي والأجهزة الأمنية وقادة التحالف الدولي الذي يضم عشرات الدول الأجنبية.

وأشار إلى أن السوداني "يرعى الجولة الأولى للحوار الثنائي بين العراق والولايات المتحدة لإنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق".

وأكدت واشنطن الخميس تشكيل مجموعات عمل مكونة من متخصصين عسكريين ودفاعيين، في إطار اللجنة العسكرية العليا المشتركة مع بغداد.

وأوضح مكتب رئيس الوزراء في بيانه أن اللجنة العسكرية ستبحث ضمن ثلاث مجموعات في مستوى التهديد الذي يمثله تنظيم داعش والمتطلبات العملاتية وأخيرا تعزيز القدرات المتنامية للقوات الأمنية العراقة.

وأضاف "في ضوء هذه المراجعة، سيصار إلى صاغة جدول زمني محدد لإنهاء المهمة العسكرية للتحالف والانتقال إلى علاقات ثنائية بين العراق والولاات المتحدة والدول الشريكة في التحالف".

وفي واشنطن قالت نائبة المتحدثة باسم وزارة الدفاع سابرينا سينغ للصحافة إن حجم القوة العسكرية الأميركية في العراق "سيكون بالتأكيد جزءا من المناقشات مع تقدم الأمور".

وتواجه الحكومة العراقية موقفا حرجا في الموازنة بين احتياجاتها الأمنية وتهديدات الفصائل المسلحة الموالية لإيران التي رفضت المباحثات بين الحكومتين العراقية والأميركية بشأن جدولة الانسحاب وأكدت استمرار عملياتها ضد الولايات المتحدة الأميركية، في الوقت الذي نفت فيه وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" الحديث عن انسحاب قواتها من العراق.  

وذكرت الفصائل التي تعرف باسم "المقاومة الإسلامية في العراق"، في بيان أن "دعوات المقاومة الإسلامية وقرار مجلس النواب والتأييد الشعبي لإخراج القوات الأجنبية، هذه كلها لم تجد طريقا إلى التنفيذ منذ سنوات بسبب التحايل الأميركي لتنفيذ أجندته الخبيثة في العراق والمنطقة".

وأكدت صحيفة "واشنطن بوست" أن المحادثات بين بغداد وواشنطن حول قضية الوجود العسكري الأميركي، قائمة حتى قبل الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والذي أدى إلى اشتعال الاضطرابات في المنطقة وتفاقم التوتر بين القوات الأميركية والفصائل المدعومة من إيران، إلا أنها ليست مفاوضات للانسحاب من العراق.

ونفت المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ، أن تكون محادثات اللجنة العسكرية العليا العراقية - الأميركية والتي أعلنت عنها وزارة الخارجية العراقية ووزارة الدفاع الأميركية، تتعلق بسحب القوات الأميركية من العراق. وبحسب سينغ فإن المسألة "تتعلق بمستقبل العراق وضمان أنه جاهز لتحقيق النجاح في الدفاع عن أمنه الخاص وسيادته، وكيف بإمكان الولايات المتحدة دعم العراق للقيام بذلك".
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى، طلب عدم الكشف عن هويته، للصحيفة "إننا نناقش ذلك منذ شهور التوقيت ليس مرتبطاً بالهجمات الأخيرة".

ولفتت الصحيفة إلى أن المسؤولين في البنتاغون يرفضون تقديم تفاصيل إضافية حول شكل الترتيبات الجديدة التي ستتم في العراق، ونقلت عن مسؤول دفاعي كبير قوله إن موجة هجمات الميليشيات الأخيرة ضد القوات الأميركية أدت إلى تأخير اجتماعات اللجنة في الخريف، لكنها ستبدأ الآن، مضيفا أنه "ما من وسيلة لتوقع إلى أين سيقود ذلك تماماً، أو على أي جدول زمني سيقودنا".

وأشارت الصحيفة إلى أن عدم الوضوح هذا ترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية قيام الولايات المتحدة بسحب قواتها من بعض المواقع في العراق وربما من سوريا، مضيفاً أن القوات الأميركية في سوريا تعتمد على الدعم اللوجستي من الجنود الأميركيين المتمركزين في العراق.

وتنشر واشنطن 2500 عسكري في العراق وذلك في إطار مكافحة تنظيم "الدولة الإسلاميّة" ضمن التحالف الدولي الذي أنشئ عام 2014. وتقدم القوات الأميركية حاليا المشورة والمساعدة للقوات العراقية لمنع ظهور تنظيم "داعش" مجددا بعدما سيطر على مساحات شاسعة من البلاد في عام 2014 قبل أن يهزمه الجيش العراقي.

لكن بيان الفصائل العراقية أكد أن "رد المقاومة الإسلامية على هذا الادّعاء، هو الاستمرار بالعمليات الجهادية ضد الوجود الأجنبي، وبُفضل أن لا يكون الحوار بشأن هذا الانسحاب المزعوم حتى تتبين حقيقة نواياهم ومدى جدية التزامهم بإخراج قواتهم الغازية من العراق، ومغادرة طيرانهم المسُيّر والحربي وغيره أجواء البلاد بالكامل، وتسليم قيادة العمليات المشتركة إلى الجانب العراقي وإخراج ضباطهم منها".

وحذرت "المقاومة العراقية"، من "مغبة منح الحصانة لأي قوة أجنبية وبأي ذريعة كانت، فضلا عن أي التزام من جانب الحكومة أو أجهزتها الأمنية لحماية هؤلاء الغزاة القتلة فلو وقع هذا فهو خيانة تاريخية للعراق ودماء شهدائه".

وذكرت مصادر مطلعة هذا الأسبوع إن الولايات المتحدة والعراق بصدد بدء محادثات تهدف لإنهاء مهمة التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق وكيفية استبداله بعلاقات ثنائية، وهي خطوة في عملية توقفت بسبب الحرب في قطاع غزة.

وقالت المصادر إن الولايات المتحدة أسقطت بهذه الخطوة شروطا مسبقة بأن توقف فصائل عراقية مسلحة مدعومة من إيران الهجمات عليها أولا. وقال مصدران إن الولايات المتحدة نقلت استعدادها لبدء المحادثات إلى الحكومة العراقية في رسالة سلمتها السفيرة الأميركية بالعراق آلينا رومانوسكي لوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين الأربعاء الماضي وذكرت الوزارة في بيان أنها استلمت "رسالة مهمة" وأن رئيس الوزراء سيدرسها بعناية.

ومن المتوقع أن تستغرق المحادثات عدة أشهر إن لم يكن أكثر، غير أن نتيجتها ليست واضحة وأن انسحاب القوات الأميركية ليس وشيكا. 

ونقل التقرير عن مسؤول عسكري كبير، قوله إن نحو 70 أميركياً أصيبوا في هجمات الميليشيات منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بينهم جندي واحد أصيب بجروح خطيرة، مشيراً إلى أن الوجود العسكري الأميركي المستمر لعب دوراً في منع خلايا تنظيم داعش القريبة من تنفيذ هجمات أكبر.

واستهدفت ضربات أميركية مواقع للحشد الشعبي وأخرى لحزب الله في العراق هذا الأسبوع، بعد أن تبنى الحشد الشعبي عشرات الهجمات على قواعد تضم قوات أميركية في العراق وسوريا تضامنا مع غزة. وقال البنتاجون إن الولايات المتحدة شنت هجمات على ثلاث منشآت مرتبطة بفصائل متحالفة مع إيران يوم الثلاثاء. وأفاد وزير الدفاع لويد أوستن في بيان "هذه الضربات الدقيقة رد مباشر على سلسلة من الهجمات التصعيدية ضد جنود الولايات المتحدة وقوات التحالف في العراق وسوريا من قبل الميليشيات التي ترعاها إيران".

ورد المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي محمد الشياع في بيان الأربعاء قائلا إن الهجمات التي تشنها الولايات المتحدة على مواقع عسكرية عراقية "تتجاوز على سيادة العراق بشكل سافر" وتؤدي إلى "تصعيد غير مسؤول". وأضاف أن العراق يتعامل مع هذه العمليات على أنها "أفعال عدوانية" تقوض سنوات من التعاون.

وكتب جعفر الحسيني المتحدث العسكري باسم جماعة كتائب حزب الله العراقية على منصة إكس للتواصل الاجتماعي "مستمرون بدك معاقل الأعداء، نصرة لأهلنا في غزة، حتى تتوقف آلة القتل المدعومة أمريكيا، ورفع كامل الحصار. وهذا وعد الأحرار".