وثيقة القيم تستبق الانتخابات والمد الانفتاحي في الكويت

وصفها مثقفون كويتيون بوثيقة قندهار لما تتضمنه من أحكام أخلاقية لا سياسية متشددة لم يعهدها الكويتيون في السابق.
هاشتاغ "وثيقة قندهار" يتصدر التراند الكويتي
هل يتحول مجلس الأمة الكويتي من رقيب على الحكومة إلى ملاحق بوليس أخلاق؟
وزير كويتي سابق يصف وثيقة القيم بـ"الداعشية بامتياز"
الكويت

حصل شرخ فكري واضح في الكويت قبيل الانتخابات التشريعية التي ستجرى أواخر الشهر الجاري، بسبب توزيع "وثيقة القيم" التي تتضمن لائحة من التوصيات التي توصف بـ"الإسلامية اعتبرها المتحمسون عودة للتعاليم الإسلامية، بينما عارضها بشدة شق آخر معتبرا إياها بابا لتحويل الكويت إلى دولة رجعية متشددة.
وتتضمن الوثيقة 12 بندا وتم توزيعها على المرشحين للانتخابات للتوقيع عليها ليعلنوا بذلك التزامهم ببنودها فور فوزهم بالانتخابات.
وتنص على "رفض العبث بقانون منع الاختلاط وتفريغه من محتواه، والمطالبة بتطبيقه بما يحقق فصل مباني الطلاب عن مباني الطالبات في الجامعات"، و"رفض المهرجانات وحفلات الرقص المختلطة"، و"رفض المسابح والنوادي المختلطة في الفنادق وغيرها، وتشديد الرقابة على محلات المساج (التدليك)، و"العمل على تفعيل قانون اللبس المحتشم في الجامعة والتطبيقي للطلاب والطالبات"، و"العمل على وقف الدورات والأنشطة التي تتعلق بخرافات الطاقة والممارسات الوثنية المعلنة".
وطالبت الوثيقة بوقف برامج الطاقة، و"وقف الابتذال الأخلاقي وعرض الأجساد بما يخدش الحياء على الواقع وفي مواقع التواصل"، و"تعديل قانون التشبه بالجنس الآخر"، "وتشريع قانون لتجريم الوشوم الظاهرة على الجسد".
وتصدر وسم (هاشتاغ) "وثيقة قندهار" التراند الكويتي الأحد، على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تفاعل الآلاف الذين انقسموا بين مؤيدين ومعارضين. 
ورفض ناشطون كويتيون عبر وسائل التواصل أن تكون هذه الوثيقة مشروعا سياسيا، معتبرين إياها "وصاية دينية وأخلاقية على المجتمع"، وبرزت دعوات لمقاطعة الموقعين على هذه الوثيقة ومنع التصويت لهم.

الوثيقة تزامنت مع انكباب دول خليجية كالسعودية والإمارات على تطوير مشروع انفتاحي

ويعتقد متابعون أن الإسلاميين هم من يقفون وراء هذه الوثيقة التي أطلقوا عليها "الوثيقة الصحوية" نسبة إلى تيار الصحوة الإسلامي الذي اشتهر في سبعينيات القرن الماضي.
ودافع المرشح محمد سعد رويشد الحربي على الوثيقة قائلا "‏محاربةً منا لدعوات التغريب الممنهجة، والمحاولات المتعمدة لطمس ثقافتنا وهويتنا الإسلامية المحافظة، وإيمانا منا أن هويتنا الإسلامية هي مصدر عزتنا وكرامتنا، أعلن عن تبنّي ما جاء في  ‎وثيقة القيم".

وتميل بعض الآراء إلى أن الإسلاميين يرغبون في تحريك مياههم الراكدة على أمل تدارك نتائج الانتخابات الماضية واسترجاع حجمهم السابق.
وأبدى بعض المثقفين في الكويت والخليج استغرابهم من توقيت بروز هذه الوثيقة في بلد يُعتبر من أكثر الدول الخليجية انفتاحا، وفي وقت تنكب فيه دول خليجية على غرار السعودية والإمارات على تطوير مشروع انفتاحي. 
وتستعد الكويت لتنظيم انتخابات حاسمة في الـ29 من أيلول/ سبتمبر الجاري بعد أن تسببت الخلافات العميقة داخل مجلس الأمة السابق، والسجال المتصاعد بين السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى شلل سياسي أدى إلى حل مجلس الأمة.
وصدر في الثاني من أغسطس/ آب الماضي مرسوم حل مجلس الأمة، بعد ساعات من أداء الحكومة الجديدة القسم الدستوري. 
ويخشى بعض المحللين من أن دخول الوثيقة على الخط سيغير من قواعد التنافس الانتخابي، ليتجاوز الجدل شخص مرزوق الغانم والتكهنات حول رئيس مجلس الأمة القادم وملامح الحكومة المقبلة، كما هو سائد في الحياة السياسية الكويتية التي تعرف ديناميكية كبرى، لتفرض منحى جديدا في الجدل سيكون في الغالب أخلاقويا أكثر منه سياسي يتعلق بمراقبة مدى تطبيق النواب الجدد بنود الوثيقة، وربما التضييق على الرافضين لبنودها.
وندد مثقفون كويتيون بوثيقة "قندهار" لما تتضمنه من أحكام متشددة تفرض وصاية على الكويتيين ونوابهم أشبه بمؤسسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي مارست أدوارا رقابية متشددة في السعودية وتتدخل في حياة الناس الخاص وتقيّد من حرياتهم، حتى أطاح بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في إطار مشروعه الإصلاحي ورؤيته المنفتحة.

الصراف يشبه الوثيقة بهيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي رفضتها وألغتها بقية الدول الإسلامية

ويرى البعض أن الوثيقة تحاول استباق المد الانفتاحي القادم من السعودية، مستغربين من تركيزها على ضوابط وأحكام أخلاقية دينية، مهملة التنصيص على أخلاقيات سياسية كان يجب أن يلتزم بها المرشحون على غرار براءة الذمة ونظافة اليد والتنافس الشريف وحماية مكتسبات الدولة والدفاع عن حياة كريمة للكويتيين.
وبينما لم تصدر القيادات السياسية في الكويت موقفا رسميا من الوثيقة، وصفها وزير الإعلام السابق سعد بن طفلة العجمي بأنها "وثيقة داعشية"، وغرد على "ما يسمى بوثيقة القيم هي وثيقة داعشية بامتياز، وعلى كل حريص على دولة القانون والدستور والحريات العامة والخاصة أن يرفض هذه الوثيقة بلا تردد".
وقال الكاتب الكويتي أحمد الصراف "وثيقة القيم التي يتحدثون عنها تعني باختصار تعيين لجنة أو تأسيس هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لتطبيق بنودها، وهي الهيئة التي رفضتها وألغتها بقية الدول الإسلامية، فأي كارثة يتحدث عنها مؤيدو بنود هذه الوثيقة؟".
ويخشى بعض المتابعين أن ينشغل مجلس الأمة الكويتي عن مهامه الرسمية 
المتعلقة بممارسة دور رقابي على الحكومة، ليركض وراء التضييق على الحقوق الفردية والحريات العامة للمواطنين، في الشوارع والمقاهي والمسابح والجامعات.

وثيقة القيم الكويتية