12 وزيرا يقدمون استقالتهم لحمدوك رفضا للاتفاق مع البرهان

رئيس الوزراء السوداني يقول إنه عاد لرئاسة الحكومة للحفاظ على المكاسب الاقتصادية التي تحققت وللاستمرار في التواصل مع مؤسسات التمويل العالمي، موضحا أن موازنة العام الجديد ستمضي في نهج الإصلاح الاقتصادي.
الإفراج عن سياسيين اعتقلوا عقب الانقلاب العسكري
الاتفاق السياسي بين حمدوك والبرهان يؤجج الاحتجاجات
حمدوك يتعهد بتعزيز اتفاق السلام مع حركات التمرد

الخرطوم - أعلن 12 من الوزراء المعزولين بقرار من قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، الاثنين تقديم استقالتهم مكتوبة لرئيس الوزراء عبدالله حمدوك، رفضا للاتفاق السياسي الذي وقعه مع البرهان الأحد، في محاولة لإنهاء الأزمة في البلاد.

وقال الوزراء المعزولون، في بيان "تقدمنا باستقالاتنا مكتوبة للسيد رئيس مجلس الوزراء و تم تسليمها له باليد"، موضحين أن "الاستقالات قُدمت من د. مريم المنصورة الصادق المهدي وزيرة الخارجية، د. نصر الدين عبد الباري وزير العدل، د. الطاهر حربي وزير الزراعة، د. ياسر عباس وزير الري، د. الهادي محمد إبراهيم وزير الاستثمار، م. جادين علي العبيد وزير الطاقة، د. انتصار صغيرون وزيرة التعليم العالي، ا. تيسير النوراني وزيرة العمل، م. ميرغني موسى وزير النقل، د. عمر النجيب وزير الصحة، د. يوسف الضي وزير الشباب والرياضة، ا. نصر الدين مفرح وزير الشؤون الدينية".

وأضافوا "أما بقية الوزراء الخمسة الذين تمت تسميتهم من قوى الحرية والتغيير ومن ضمنهما الوزيرين أ. حمزة يلول وزير الإعلام وم. هاشم حسب الرسول وزير الاتصالات، لم يتمكنا من حضور الاجتماع التفاكري للوزراء".

وتابعوا "الوزيران م. خالد عمر يوسف وزير شؤون مجلس الوزراء، و ا. إبراهيم الشيخ وزير الصناعة، لم نتمكن من الاتصال بهما لأخذ رأيهما في تقديم الاستقالة للدكتور عبدالله حمدوك، لأنهما لا يزالان رهن اعتقال السلطة الانقلابية"، بينما "وزير التجارة علي جدو تحفظ على تقديم استقالته"، وفق البيان.

ولم يوضح الوزراء المعزولون سبب تقديم استقالتهم، لكنها تأتي غداة بيان أعربوا فيه عن رفضهم لاتفاق الأحد، معتبرين أنه "يشرعن للحكم الانقلابي العسكري"، بحسب الموقع الإلكتروني لوزارة الثقافة والإعلام.

وتتألف الحكومة المعزولة من 26 وزيرا، منذ إعلان حمدوك تشكيل هذه الحكومة في 8 فبراير/شباط الماضي.

ووفق اتفاق البرهان- حمدوك، المؤلف من 14 بندا، سيتم تشكيل حكومة كفاءات (بلا انتماءات حزبية).

وقال حمدوك اليوم الاثنين إن الحفاظ على المكاسب الاقتصادية التي تحققت خلال العامين الماضيين كان من بين الأسباب التي دفعته للعودة إلى منصبه بموجب اتفاق مع الجيش بعد نحو شهر من عزله عقب سيطرة العسكر على مقاليد السلطة، فيما قال قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان إن الاتفاق السياسي الذي وقعه الأحد مع حمدوك، "يمهد لفترة انتقالية ذات أهداف محددة".

وفي مقابلة مع رويترز في مقر إقامته بالخرطوم، حيث كان رهن الإقامة الجبرية بعد الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول، قال حمدوك "نتوقع أن يكون أداء حكومة التكنوقراط له أثر إيجابي على الأداء الاقتصادي ومعيشة المواطنين".

وعارضت أحزاب سياسية بارزة وحركة الاحتجاج الرئيسية في السودان قرار حمدوك توقيع الاتفاق مع الجيش أمس الأحد. وقال البعض إنه خيانة أو يمنح الانقلاب غطاء سياسيا.

ومنذ تعيين حمدوك رئيسا للوزراء لأول مرة في عام 2019 بموجب اتفاق لتقاسم السلطة بعد الإطاحة بعمر البشير، نفذ السودان إصلاحات اقتصادية منها رفع دعم الوقود وتعويم العملة بشكل منظم.

وكانت الإصلاحات التي يراقبها صندوق النقد الدولي، سببا في إعفاء السودان من جزء كبير من ديونه الخارجية التي تزيد على 50 مليار دولار، في صفقة خيمت عليها الشكوك بسبب الانقلاب.

وبعد سيطرة الجيش على السلطة، أوقف البنك الدولي وبعض المانحين المساعدة الاقتصادية التي يحتاجها السودان بشدة.

وقال حمدوك "سنواصل تواصلنا مع مؤسسات التمويل العالمي وموازنة العام الجديد التي ستبدأ في يناير ستمضي في نهج الإصلاح الاقتصادي وفتح أبواب الاستثمار في السودان".

وقال التحالف المدني الذي كان يتقاسم السلطة مع الجيش قبل الانقلاب ووزراؤه السابقون إنهم يرفضون الاتفاق، مشيرين إلى حملة عنيفة على الاحتجاجات المناهضة للجيش خلال الشهر الماضي.

لكن حمدوك قال إن حكومة التكنوقراط يمكن أن تساعد في تحسين الاقتصاد السوداني الذي عانى من أزمة طويلة شهدت واحدا من أعلى معدلات التضخم في العالم بجانب نقص في السلع الأساسية.

وأضاف أن الحكومة قد تعمل أيضا على إتمام اتفاق سلام وُقع العام الماضي مع بعض الجماعات المتمردة لإنهاء سنوات من الصراع.

وقال "الحفاظ على السلام وتنفيذ اتفاق جوبا وإكمال عملية السلام مع الأطراف التي لم توقع على اتفاق جوبا في أعلى جدول أعمال الحكومة الجديدة".

وبعد الإعلان عن الاتفاق بين الجيش ورئيس الحكومة أمس الأحد، بدأ متظاهرون دافعوا عن حمدوك في السابق يرددون شعارات ضده. وقال حمدوك إنه وقع على الاتفاق لمنع إراقة المزيد من الدماء، مضيفا "نحن ملتزمون بالمسار الديمقراطي والحفاظ على حرية التعبير والتجمع السلمي وانفتاح أكبر على العالم".

وفي تطور آخر، أفرجت السلطات السودانية عن بعض السياسيين الذين كان قد تم توقيفهم الشهر الماضي تزامنا مع إعلان قائد الجيش السوداني حل مؤسسات الحكم الانتقالي وفرض حال الطوارئ في البلاد.

وجاء قرار الإفراج ساعات بعد أن أُعيد رئيس وزراء عبد الله حمدوك إلى منصبه وأُلغي قرار إعفائه بموجب "اتفاق سياسي" وقّعه مع البرهان في القصر الجمهوري بالخرطوم، الخطوة التي أثارت غضب البعض.

وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، أحد السياسيين المفرج عنهم "تم إطلاق سراحي في وقت متأخر من مساء أمس (الأحد)"، مضيفا "كنت طوال هذه الفترة في حبس انفرادي ومقطوعا تماما عن العالم".

وكان حزب المؤتمر السوداني أعلن الأحد موقفه من الاتفاق السياسي بالقول "نعتبر أن الاتفاق السياسي الحالي هو شرعنة صريحة لاستمرار النظام الانقلابي في الحكم و يعد تهديدا خطيرا لاستقرار البلاد و أمن مواطنيه".

وحسب الدقير، تم إطلاق سراح عدد من السياسيين من بينهم صديق الصادق المهدي مساعد رئيس حزب الأمة، أكبر الأحزاب السياسية في البلاد.

كما أُفرج عن ياسر عرمان مستشار رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك ونائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال جناح مالك عقار، أحد حركات التمرد المسلحة التي وقعت على اتفاق السلام في جوبا العام الماضي.

ورفضت قوى إعلان الحرّية والتغيير، الكتلة المدنيّة الرئيسة التي قادت الاحتجاجات المناهضة للبشير ووقّعت اتّفاق تقاسم السلطة عام 2019 مع الجيش، اتّفاق الأحد. وقالت في بيان "نؤكد موقفنا الواضح والمعلن سابقًا، أنّه لا مفاوضات ولا شراكة ولا شرعيّة للانقلاب".

كما طالبت المجموعة بمحاكمة قادة الانقلاب بتهمة تقويض شرعيّة العمليّة الانتقاليّة وقمع المتظاهرين وقتلهم.

في الخرطوم ومدينتَي كسلا وعطبرة في شرق البلاد وشمالها، واصل آلاف السودانيّين احتجاجاتهم ضدّ الانقلاب العسكري. وتحوّلت الاحتجاجات إلى تعبير عن رفض الاتّفاق السياسي الجديد، حسب ما أكّد شهود عيان.

وأطلقت الشرطة السودانيّة الغاز المسيل للدموع ضدّ متظاهرين خرجوا مساندين للحكم المدني قرب القصر الجمهوري بوسط الخرطوم.

وأفادت لجنة الأطبّاء المركزية المعارضة للانقلاب وللاتّفاق بمقتل شاب يبلغ من العمر 16 عاما بالرصاص ليرتفع عدد القتلى منذ إعلان الانقلاب إلى 41 شخصا.

ويرى المحللون أنه بإتمام الاتفاق السياسي في السودان، يحاول البرهان إرضاء المجتمع الدولي شكلا مع تثبيت هيمنة العسكر على المرحلة الانتقالية.