أدونيس ضد الديمقراطية إذا أوصلت الاسلاميين الى السلطة

لندن
النبي الوثني
النبي الوثني

رفض الشاعر العربي أدونيس الترحيب بالانظمة الاسلامية التي استحوذت على الحكم في بلدان الثورات العربية.

وأكد أدونيس في حوار أمتد على صفحتين بصحيفة "الغارديان" البريطانية بعددها الصادر السبت رفضه "استبداد الانظمة"، وقال انه ضد نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي والرئيس السوري الحالي بشار الأسد، الا انه لا يرحب بوصول الإسلاميين إلى السلطة.

وقال في الحوار الذي اجرته الصحافية "مايا جاغي" من العاصمة الفرنسية باريس حيث يقيم "أن الدكتاتورية العسكرية تسيطر على العقل، أما الحكم الإسلامي فيسيطر على العقل والجسد".

وعبر الشاعر الذي وصفته الصحيفة البريطانية بـ"النبي الوثني" عن خشيته الا تكون الديمقراطية الحل الامثل للدول العربية عندما يتعلق الأمر بوصول الاسلاميين الى السلطة من خلال انتخابات ديمقراطية.

وشدد بقوله أنه سيكون ضد "الديمقراطية" لو جاءت بالاسلاميين، مع انها حسب تعبيره أفضل من الدكتاتورية.

وأظهر أدونيس مواقفاً "سياسية" جديدة له في حواره مع "الغارديان" عندما أكد انه ضد الاستبداد، ولكنه ضد استخدام العنف وضد التدخل الأجنبي، موضحاً انه من مدرسة غاندي لا من معجبي غيفارا.

ويتناقض موقف أدونيس الجديد مع "مباركته" احتلال العراق من قبل القوات الاميركية والبريطانية عام 2003.

وكان أدونيس قد تعرض الى انتقادات لاذعة بعد زيارته الى مدينة السليمانية في شمال العراق عام 2009 ولقائه بالرئيس جلال الطالباني.

ووصف مثقفون وسياسيون عرب خطوة أدونيس بانها مباركة للاحزاب الطائفية والدينية الحاكمة في العراق بعد احتلاله عام 2003.

ووصف الشاعر العراقي سعدي يوسف لقاء الطالباني وأدونيس بمحاولة البحث عن تزكية للاستمرار في منصب رئاسة الجمهورية في العراق.

واشارت صحيفة "الغارديان" الى قيام أدونيس برفع صورة لجنود أميركيين يدنسون جثثاً عراقية، خلال مشاركته في أمسية لبيت الشعر أقيمت في باريس هذا الشهر، ونقلت عنه قوله إن"الغرب لا يتدخل في الدول العربية من منطلق الحرص على حقوق الإنسان، لأنه لو كان هذا صحيحا لكان تدخل لنصرة الفلسطينيين".

وحرص الشاعر السوري المولود عام 1930 في قرية قصابين الجبلية المطلة على البحر المتوسط، على تأكيده أنه مع الثورة لكنه لا يشارك فيها، فللشاعر دور مختلف عن السياسي –حسب تعبيره-.

وطالب ان تكون الثورة منبثقة من الشعب وليس من التدخل الخارجي، وخصوصاً من دول سبق وان استعمرت البلدان العربية.

وقال أدونيس ان مواقفه الرافضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، لا تمت بصلة لحياته الشخصية، حيث والدته البالغة من العمر 107 أعوام مازالت تعيش في سوريا.

وعرضت الصحيفة البريطانية لتجربة أدونيس الابداعية الذي أختار هذا الاسم منذ ان كان عمره 17 عاما تشبهاً بالهة الخصب اليونانية، واصفة اياه بأهم الشعراء العرب بعد رحيل الشاعر الفلسطيني محمود درويش.

وقالت انه المعادل العربي للشاعر البريطاني "ف أس نايبول" الحاصل على جائزة نوبل للآداب. وتأثيره أحدث زلزالاً على الشعر العربي بطريقة مماثلة لما قام به "ت اس اليوت" في الشعر الانكليزي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   
  سقوط أدونيس في مصالح مروجي احتلال العراق  
 

واشارت الى قيامه مع زوجته الناقدة خالدة سعيد بتأسيس مجلة "شعر" و"مواقف" في بيروت منتصف الخمسينات من القرن الماضي، حيث قدمت الأدب المعاصر للقاريء العربي وكانت أول من ترجم قصيدة "الارض اليباب" لاليوت، اضافة الى قصائد عزرا باوند، وستيفن سبندر، وفيليب لاركن وروبرت لويل.

 

واشارت الى قصيدته الشهرية "هذا هو أسمي" التي كتبها عام 1970 آثر نكسة حزيران، الا انه كان من بين أول المرحبين بالثورة الايرانية بقيادة الخميني عام 1979، كما عالج في كتابه "الثابت والمتحول" عام 1974 الصراع بين الإبداع والتعصب في العالم العربي.

ونقلت "الغارديان" عن أدونيس قوله انه لايؤمن بقدرة الشعر على إحداث تغيير في المجتمع، ويعول أكثر على الاسرة والتعليم والنظام السياسي في إحداث هذا التغيير، ومع ذلك فهو يعتقد ان دور الشعر في اكتشاف علاقة جديدة بين اللغة والاشياء لصنع صورة مغايرة للعالم.

وقال "التنظير حول الشعر مثل الحديث عن الحب، هناك بعض الأشياء التي لا يمكن تفسيرها، فلم يتم خلق العالم ليكون مفهوماً، ولكن يمكن التفكير والتساؤل".

وعرضت الصحيفة لاراء أدونيس السابقة التي دعى فيها الرئيس بشار الاسد الى الاستقالة ودعا المعارضة الى الابتعاد عن الفكر الديني.

وقال "على الرئيس الاسد ان يفعل شيئا. اذا تصورت نفسي مكانه اترك السلطة (...) الاسد قادر على اجراء الاصلاح (...) واقل شيء يمكن ان يفعله الاستقالة من منصبه".

واكد أدونيس الذي حصل على جائزة "غوته" الالمانية كأول اديب عربي العام الماضي، ان "المجتمع لا دين له، دين المجتمع هو حقوق الانسان وحرياته وليس الكنيسة أو الخلوة او الجامع".

واضاف ان "بنية المجتمع السوري بنية دينية في العمق وعلى جميع المستويات. هذا النظام يجب ان يسقط لكن القوة التي ستحل محله هي القوة الأكثر تماسكا والاكثر حضورا في الاوساط الشعبية، وهذه القوة هي قوة متدينة سواء في صفوف الاخوان المسلمين او سواهم من التيارات الاسلامية".

وتابع "ليس هناك قوة متماسكة تقدمية او ليبرالية أو يسارية تستطيع أن تمسك بنظام جديد"، مؤكدا ان "اي مجتمع عربي في الاطار التاريخي والحالي لا اثق به كثيرا ولا يعني لي شيئا إذا لم يكن قائما على فصل الدين عن الدولة".

وكان أدونيس دعا في حزيران/يونيو الماضي الرئيس السوري الى ان "يفتدي" اخطاء تجربة حزب البعث الحاكم وان "يعيد الكلمة والقرار الى الشعب" السوري.

وقال أدونيس، وهو شاعر سوري من الطائفة العلوية اسمه الحقيقي علي احمد سعيد، في "رسالة مفتوحة" نشرها في صحيفة السفير اللبنانية "حزب البعث العربي الاشتراكي لم ينجح في البقاء مهيمنا على سوريا بقوة الايديولوجية وانما بقوة قبضة حديدية امنية".

واضاف "وتؤكد التجربة ان هذه القبضة (...) لا تقدر ان تؤمن الهيمنة الا فترة محدودة (...) ولا تقدم للشعب الذي تهيمن عليه الا التفكك والتخلف اضافة الى الاذلال واستباحة الكرامة البشرية".

وتابع أدونيس الذي يقيم خارج سوريا "لم يعط (الحزب) اية مكانة للانسان بوصفه انسانا (...) لم يبن الحزب جامعة نموذجية واحدة (...) عرقل نمو الثقافة المدنية الحرة، ودمر اخلاق البشر مقيما الثقافة على الولاء له وعلى معاداة اعدائه، وعلى الشعارات التبشيرية التي كانت في معظمها سطحية وساذجة".

وتطرق أدونيس الى المادة الثامنة في الدستور السوري التي تنص على ان حزب البعث العربي الاشتراكي هو "الحزب القائد للدولة والمجتمع"، وقال ان هذه المادة لم "تعد ترضي الاغلبية الساحقة من السوريين، ولم يعد للتشبث بهذه المادة أي مرتكز إلا العنف. وهو عنف لا يمكن أن يدوم، لا يمكن لأية قوة عسكرية مهما كانت مدججة أن تتغلب على شعب، مهما يكن أعزل".

واضاف "يبدو ان قدرك هو ان تفتدي اخطاء هذه التجربة، ان تعيد الكلمة والقرار الى الشعب".

وتابع "أكيد ان اعداءك انفسهم، الى جانب اصدقائك، سيقولون عنك انذاك انك اسست لمرحلة سياسية جديدة في تاريخ سوريا وربما في تاريخ المنطقة العربية كلها".